لبنان وزحلة يودّعان سعيد عقل
ودّع لبنان وزحلة أمس، الشاعر سعيد عقل، في مأتم رسميّ مهيب، بدأ بنقل جثمان الراحل من جامعة سيدة اللويزة في ذوق مصبح إلى كنيسة مار جرجس في وسط بيروت. وصُلّي على الجثمان قبل نقله إلى السيارة يرافقه الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية الأباتي بطرس طربيه ورئيس الجامعة الأب وليد موسى ونائب الرئيس لشؤون الثقافة والعلاقات العامة سهيل مطر وأهل الفقيد وعدد كبير من أصدقاء الراحل ومحبيه. واستوقف الموكب تلامذة مدرسة ذوق مصبح الرسمية حاملين الأعلام وناثرين الورود.
وفي كنيسة مار جرجس في وسط بيروت، ترأس البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الصلاة الجنائزية، يعاونه عدد من المطارنة وحشد من الكهنة.
وحضر الصلاة وزير الثقافة ريمون عريجي ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، الرئيس حسين الحسيني، وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، العميد شامل روكز ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، العميد فؤاد حميد الخوري ممثلاً مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، العميد فادي الخواجة ممثلاً مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم.
كما حضر الفنانون: ماجدة الرومي، الياس الرحباني وأولاد منصور الرحباني، عبد الحليم كركلا، والشاعر طلال حيدر.
وبعد تلاوة الانجيل من قبل عقل عقل نسيب الراحل، ألقى الراعي كلمة جاء فيها: «يغيب عن عمر مئة وسنتين، وقد أغناها بما حباه الله من نبوغ، وما اقتنى من ثقافة واسعة، هو الذي قرأ روائع التراث العالمي، شعراً ونثراً، وفلسفة وعلماً وفناً. وغاص في نتاج الأدب الغربي، وتعمّق في اللاهوت المسيحي وكسب منه المحبة والفرح وفضيلة الثورة على كل التواء وانحراف وضعف، ودرس تاريخ الإسلام وفقهه، حتى غدا طليعة المثقفين في هذا الشرق.
أحب لبنان وأعلاه إلى قمم الأوطان. وهو القائل: «أحب لبنان أكثر من نفسي». وكان يعتبره وطناً غير عادي. فكم نقّب في تاريخه السحيق والوسيط، مكتشفاً العباقرة الكبار الذين يعرفهم العالم، ولا يعرف أنهم من مدن الساحل اللبناني القديمة: قدموس أبو الأبجدية، وموخوس مكتشف الذرة، وأقليد سيد الهندسة، وبيتاغوراس عالم الرياضيات، وسواهم ممن بنوا أعمدة المعرفة والحضارة في العالم القديم، فضلاً عن مدرسة بيروت أم الشرائع. وكم عظّم تاريخ مدن لبنان العريقة: بعلبك وجبيل وصور وصيدا وقانا وطرابلس وبيروت. وقدم في كتابه «لبنان إن حكى» سفراً لبنانياً يختصر جمالات لبنان التاريخ والعلم والحضارة.
سعيد عقل هو هذا الفنان الذي قضى حياته الطويلة في بحث دائم عن المعنى العميق للأشياء، ورغبة حارة في التوصل إلى التعبير عن العالم الفائق الوصف. فكان ينهل من النبع الصافي، نبع الإنجيل وعلم اللاهوت، مثل شعراء المسيحية القديسين أمثال افرام السرياني ويعقوب السروجي وأغسطينوس وأمبروسيوس وغريغوريوس النيصي…
انتقل بسلام، أيها الشاعر والأديب العملاق والمؤمن المصلي، إلى رحاب الجمال الإلهي في السماء».
ثمّ نُقل جثمان سعيد عقل إلى مسقط رأسه زحلة، حيث وصل موكب التشييع إلى كاتدرائية مار مارون في كسارة، وتليت عليه صلاة البخور، ثم انطلق الموكب إلى مدينة زحلة في محطات متعددة قبل الوصول إلى مدافن البيادر حيث ووري في الثرى.
وترأس صلاة البخور المدبر البطريركي على أبرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض بمشاركة الاساقفة: جورج اسكندر وأندريه حداد وأسبيريدون خوري وبولس سفر، بحضور عدد من النواب الحاليين والسابقين، والوزير السابق غابي ليون، ومحافظ البقاع القاضي أنطوان سليمان ورئيس بلدية زحلة المهندس جوزف دياب المعلوف والسيدة أولغينيا ايلي الفرزلي وحشد كبير من فاعليات زحلة ومنطقتها.