مئات الآلاف تظاهروا في العاصمة والمناطق احتجاجاً على السياسات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة

لليومين الثالث والرابع، أمس وأول من أمس، تواصل الحراك الشعبي الكثيف في كلّ المناطق احتجاجاً على سياسة الضرائب الحكومية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية إلى مستويات تنذر بانهيار شبه حتمي للبلد، فيما لم تبرز حتى الساعة أيّ إجراءات ملموسة لمعالجة الوضع وتهدئة الشارع، سوى الإعلان عن أوراق اقتصادية، تتضمّن وعوداً إصلاحية تتطلب سنوات لتنفيذها.

فقد استمرّت أمس، حركة الاحتجاج الشعبي على الأوضاع، وتوافد عشرات الآلاف من اللبنانيين إلى الطرقات والشوارع وسط إجراءات أمنية مشدّدة حول المقار الحكومية والمؤسسات الرسمية التي شهد محيط البعض منها احتكاكات بين القوى الأمنية وبعض المتظاهرين أسفرت عن سقوط بعض الجرحى من الطرفين. وقدّرت وسائل إعلام غربية عدد المشاركين في الاحتجاجات بنحو مليون ومئتي ألف شخص، في حين شهدت مدينة طرابلس أضخم الحشود تليها العاصمة.

ففي وسط بيروت، غطّى عشرات الآلاف من المتظاهرين، ساحة رياض الصلح والشوارع المحيطة فيها، ونفذوا اعتصاماً، ناشدوا خلاله فتح كلّ الطرقات ليتمكن الجميع من الوصول إلى ساحات الإعتصام، والتوجه إلى ساحة رياض الصلح لأجل مظاهرة مركزية.

وردّد المعتصمون هتافات وأغاني وطنية، وطالبوا بـ»استرجاع الأموال المنهوبة ورفع السرية المصرفية عن حسابات كلّ المسؤولين وزوجاتهم وأولادهم ورحيل الجميع، وضخ دم جديد ووجوه جديدة في الحكم».

وأفيد مساءً، أنّ الساحة امتلأت بالكامل واللافت خلوّها من أيّ عنصر أمني وترك الأسلاك الشائكة أمام السراي الحكومية من دون أيّ حراسة أمنية.

وفي الجنوب بدأ المتظاهرون بالتوافد منذ الصباح إلى مستديرة العلم في مدينة صور وسط انتشار للجيش اللبناني الذي سيّر دوريات مؤللة في محيط المكان وداخل شوارع المدينة.

وساد الهدوء التامّ مدينة صيدا حيث لم تسجل أيّ عملية إقفال للطرقات الرئيسة والفرعية باستثناء تقاطع إيليا الذي ينفذ فيه المتظاهرون اعتصاماً منذ ثلاثة أيام، وسط تفاهم بين الجيش اللبناني والمعتصمين.

وفي جانب آخر، أقامت مجموعة من الشبان في بلدة الدامور حواجز محبة على الأوتوستراد الساحلي بين الجنوب وبيروت، وزعوا خلالها الورود والزهور على السيارات العابرة في اتجاه العاصمة، بعدما تركوا مسرباً واحداً من الأوتوستراد مفتوحاً لوصول المواطنين إلى بيروت.

أما شمالاً، فقد تحوّلت ساحة النور في طرابلس إلى مشهد غير مسبوق، إذ توافد إليها بحر من الناس منذ ساعات الصباح من مختلف أحياء المدينة القديمة ومن شوارع الفيحاء كما توافدت العائلات من سائر مناطق وبلدات الكورة وزغرتا والضنية وعكار.

ولوحظ انضمام العديد من النقابات المهنية والقطاعية من محامين وأطباء ومهندسين وجامعيين ومجموعات كبيرة من العمال وأبناء الريف من مختلف الأعمار. ورفعوا العلم اللبناني ، بطول مئات الأمتار بشكل دائري حولهم.

من جهة أخرى، أقدمت مجموعة من الشبان في بلدة أرده – قضاء زغرتا على قطع الأوتوستراد العام الذي يربط مدينة طرابلس بالضنية، بعدما نصبوا في وسط الطريق خيمة ضخمة امتدّت مساحتها حوالى عشرة أمتار أقفلت الأوتوستراد بالكامل.

وأعلن المعتصمون في داخل الخيمة انهم لن يفتحوا هذا الأوتوستراد حتى تحقيق مطالب الشعب.

وفي عكّار عمل عدد من المواطنين على تنظيف ساحة العبدة في المنية استعداداً لبدء توافد المعتصمين من مناطق عكارية مختلفة.

ووُجهت دعوات من قبل الجميع لفتح الطرقات في عدد من النقاط الفرعية من عكّار، بما يسمح لأبناء البلدات والقرى العكارية بالمشاركة وتسهيل وصولهم الى إحدى نقطتي الاعتصام الأساسيتين وهما ساحة حلبا وساحة الشهداء في العبدة.

وتواصلت في البقاع الاحتجاجات على الطرقات الدولية الرئيسية والفرعية واستمرت عملية قطع الطرقات والاعتصامات في الساحات العامة وفي الأماكن الحساسة على الطرقات الدولية والتقاطعات.

وقطع محتجون الطريق الدولية عند مستديرة دورس ورفعوا الأعلام اللبنانية، وتحوّل السيّر إلى داخل دورس البلدة للقادمين من البقاعين الشمالي والأوسط باتجاه المدينة أو إلى طريق حمص.

وفي بريتال رفع المحتجون العوائق وفتحت الطريق الدولية عند مدخل البلدة أمام حركة السير.

وقُطع اوتستراد رياق مستديرة تل العمارة مستديرة الحاجز المشترك أبلح – الفرزل ووُجهت دعوات للتجمع عند مستديرة زحلة التي أطلق المتظاهرون عليها تسمية جديدة هي «مستديرة الثوار». فيما قُطعت طريق البقاع الشمالي في ساحة اللبوة ونظم اعتصام أمام فرنسبنك في اللبوة وأقفل الطريق الدولي: بعلبك حمص.

وكان يوم أول من أمس شهد تحركات شعبية مماثلة، إذ امتلأت ساحات وسط بيروت بالمتظاهرين من أمام السراي الحكومية حتى ساحة الشهداء، مروراً بشارع اللعازرية وصولاً حتى الشارع المؤدي إلى بشارة الخوري. كما ملأ المتظاهرون الأبنية القديمة المجاورة.

وتوافد المتظاهرون بقوة إلى ساحة رياض الصلح وضواحيها إضافة إلى مدن صور والنبطية وطرابلس وعكار والبقاع، وسط دعوات للنزول بقوة إلى الشارع.

وأقفل متظاهرون الطرق والمعابر في دوحة عرمون وبشامون وخلدة، إ+قفالاً تاماً، بمستوعبات نفايات ودواليب مشتعلة، ومنعوا السيارات من المرور.

وكذلك تمّ قطع طريق الشويفات – خلدة في أكثر من نقطة، قرب محطة المشرفية وعند مفرق الضمان وقرب سوبر ماركت الوطنية ومفرق دير قوبل.

وفي طرابلس، غصّت ساحة النور بالمعتصمين ولوحظ انضمام أساتذة وطلاب جامعيين إليهم. كما انضمّ إلى المعتصمين أطباء وحقوقيون طالبوا السلطة بالتراجع عن سياسة فرض الضرائب.

كما لوحظ الهدوء وعدم حرق الدواليب والإكتفاء برفع العلم اللبناني وإطلاق الأناشيد الوطنية، وقطع الطرقات المحيطة بالساحة بأكياس الرمل. وعند محاولة بعض الشبان إشعال النار في عدد من الإطارات، تدخل على الفور آخرون وردعوهم عن القيام بذلك.

وتمّ قطع طريق الميناء عند السنترال، كما قطع المحتجين في منطقة جبل محسن طريق الجبل – الملّولة بالإطارات المشتعلة.

وفي عكّار، استمرت الحركة الإحتجاجية في حلبا أمام الخيمة التي نصبت في منتصف الشارع العام تحت ساحة حلبا، وازدادت أعداد المحتجين المندّدين بـ «السياسة الضريبية التفقيرية للشعب»، وذلك على وقع أناشيد وطنية.

كما قدّم أطفال حلبا المتواجدون مع أهاليهم في الحركة الإحتجاجية الورود البيضاء لعناصر الجيش المتواجدين قربهم.

وفي كسروان، قطع عدد من المتظاهرين من أبناء بلدة عشقوت والبلدات المجاورة الطريق عند مستديرة البلدة التي تربط ريفون وفيطرون وبزمار.

أما في المتن، فقد جابت يظاهرة بالدراجات النارية الأوتوستراد الساحلي انطلاقاً من الصيفي مروراً بالكرنتينا وصولاً إلى الدورة مع الاستمرار بقطع جسر الدورة بالاتجاهين.

كذلك استمرّ إقفال اوتوستراد ميرنا الشالوحي – الصالومي وسط انتشار أمني في المنطقة.

وفي زحلة، ظلّت طرقات الفرزل، الكرك، سعدنايل، تعلبايا، جلالا، شتوره، ترشيش وضهر البيدر، مقفلة من قبل المتظاهرين، باستثناء اوتوستراد زحلة وطريق ضهور الشوير.

وفي عاليه، قُطعت الطريق الدولية في صوفر عند مفترق الأوتوستراد العربي، بالإطارات المشتعلة. كذلك قطع حوالى 600 شخص من المحتجين الطريق الدولية عند مستديرة مدينة عاليه، إلاّ انّ اللافت هو عدم إحراق الإطارات كما جرت العادة. وحاول المواطنون المتوجهون إلى البقاع أو بيروت، إيجاد طرق فرعية توصلهم الى مناطقهم.

ولم يختلف الوضع في البقاع الغربي عن باقي المناطق، حيث قُطعت طريق مجدل بلهيص كوكبا بالإطارات المشتعلة، وقُطعت طريق المنصورة قب الياس بالسيارات من قبل معتصمين، وعملت الأجهزة الأمنية والجيش على إعادة فتح هذين الشريانين الحيويين.

أما في بعلبك، فقد أحكم الحراك الشعبي المطلبي قطع الطريق الدولية عند دوار بلدة دورس، قرب مدخل مدينة بعلبك الجنوبي، بالعوائق والسيارات، وامتنع المحتجون عن حرق الإطارات المطاطية، حتى لا يؤذي دخانها سكان الحي ورواد المحلات المجاورة، وأكدوا استمرارهم بالتحرك وقطع الطريق سلمياً. وقام شبّان بقطع طريق بعلبك – التل الأبيض في محلة الكيال، المؤدية إلى البقاع الشمالي، بالإطارات المشتعلة بالإتجاهين.

وفي راشيا اعتصم مئات المواطنين عند مثلث الست سارة على طريق عام ضهر الأحمر- راشيا وسط هتافات وأناشيد وطنية وشعارات ضدّ السلطة، وسمح المعتصمون فقط للسيارات العسكرية بالعبور، في حين تمّ تحويل الطريق إلى البقاع من أمام مقام الست سارة باتجاه الرفيد وبالعكس.

وفي صيدا، أقفل متظاهرون طريق عبرا عند كوخ الخروبي بإطارات مطاطية وطريق القياعة النافعة في صيدا بمستوعبات نفايات، في وقت شهدت جميع طرقات صيدا حركة سير خفيفة.

ونفذ عشرات المحتجّين اعتصاماً ومسيرة عند دوار القناية، مدخل حارة صيدا.

وفي النبطية ، واصل المحتجون اعتصامهم أمام السراي الحكومي وألقيت كلمات عدة ندّدت بفرض الضرائب ، وردّد المعتصمون «ثورة ثورة»، وهم يلوّحون بالأعلام اللبنانية.

وفي سياق متصل، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عبر حسابها على تويتر أنه «بناء لإشارة القضاء المختص تمّ الإفراج عن جميع الموقوفين باستثناء شخصَيْن أحدهما بحقه قرار جزائي غرامة مالية والتحقيق مع الآخر للإشتباه به بجرم مخدرات».

قيادة الجيش

إلى ذلك، صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان دعت فيه «جميع المواطنين المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم المرتبطة مباشرة بمعيشتهم وكرامتهم إلى التعبير في شكل سلمي وعدم السماح بالتعدي على الأملاك العامة والخاصة». وإذ أكدت القيادة، تضامنها الكامل مع مطالبهم المحقة، دعتهم إلى التجاوب مع القوى الأمنية لتسهيل أمور المواطنين.

إقفال المصارف

من جهتها، أعلنت جمعية المصارف عن إغلاق المصارف اليوم الإثنين «بسبب استمرار التحركات الشعبية في أنحاء عدة من البلاد»، آملة في «أن تستتبّ الأوضاع العامة سريعاً في ضوء المساعي الحميدة والدؤوبة التي تبذلها مختلف السلطات لإشاعة الطمأنينة والإستقرار ولإستئناف الحياة الطبيعية في البلاد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى