معتلُّ الآخِر !
خضر حيدر
كنتُ صغيراً حين سمعتُ
بأنَّ الأرضَ تدور هنا
وبأنِّي من وطنٍ يعلو
كالنجمِ على أكتاف الريحِ
ليهديَني الكونَ الساحر…
كنتُ صغيراً حين ظننتُ
بأنَّ الأمر يعودُ إليه
وحين كبُرتُ خسرتُ الظنَّ
وعشتُ على ذكرى بلدٍ
أرداهُ التيهُ وظلَّ يكابر…
أيُّ استقلالٍ يا وطني
…أيُّ استقلال؟
فالدِينُ مطيَّةُ من غالوا
وفسادُ الساسة ينهالُ
والفوضى تسعى كالأفعى
والظلمُ، القهرُ، الهدرُ «حلال»
وهواءٌ مقطوعُ الأنفاس
مريضٌ بالآفات يجاهر
والأخضرُ مثل النهرِ يلمُّ
دموعَ الغربةِ، ثم يهاجر…
محتلٌّ أنت يا وطني
وأنا المحتلَّةُ أنفاسي
بل كل حواسي محتلة
مظلومٌ أنت…
وظلَّاموك تعامَوا عنك
وتاهوا في أصل الأسماء
وأصل المُلكِ… وأصل المِلّة
مسجونٌ أنت…
وسجَّانوك تناسَوا كل لغات الأرض
وصاغوا منك حروف العلَّة
فكيف أسيرُ وقد ضيَّعتُ
طريق الماضي والحاضر؟
كيف أطيرُ وأجنحتي وِسعُ الأكوانِ
ولكنْ… معتلُّ الآخِر؟