حلم عالمة آثار مصرية..نَسْخُ طبق الأصل مقابر ملوك الفراعنة…

قبل خمسة أعوام، في أيار 2014، أعلنت وزارة الآثار المصرية تدشين نسخة طبق الأصل من مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ أمون، كان الهدف من استنساخ المقبرة هو الحفاظ على المقبرة الأصلية عن طريق تقسيم زيارات السياح بينها وبين المقبرة المستنسخة، إلى جانب حفظ وتوثيق حالة المقبرة الأصلية.

وبعد سنوات عدة، تعمل عالمة الآثار المصرية علياء إسماعيل وفريقها على نسخ مقبرة الملك سيتي الأول، إحدى أكبر مقابر وادي الملوك في البر الغربي بالأقصر، بينما تضع نصب عينيها حلماً باستنساخ كافة مقابر الوادي.

تعمل علياء وفريقها ضمن مشروع مبادرة المحافظة على جبانة طيبة الأثرية الذي تنفذه مؤسسة فاكتوم الإسبانية، وهي مؤسسة معنية بتوثيق التراث والحفاظ عليه، ويمولها أدم لوي الذي قاد مشروع استنساخ مقبرة توت عنخ آمون.

على الضفة الغربية من النيل في مدينة الأقصر، تقول عالمة الآثار المصرية علياء إسماعيل لوكالة سبوتنيك إن المشروع بالأساس يهدف إلى توثيق كل المقابر في جبانة طيبة، وبدأناه بمقبرة الملك سيتي الأول، لأنها من أعظم وأكبر مقابر وادي الملوك .

والملك سيتي الأول هو أحد ملوك الأسرة الفرعونية التاسعة عشر، ابن الملك الملك رمسيس الأول، ووالد ملك مصر العظيم رمسيس الثاني، حكم مصر حسب بعض المؤرخين من الفترة 1294 ق.م. أو 1290 ق.م. حتى عام 1279. واكتشفت مقبرته في عام 1817 على يد المستكشف الإيطالي جوفاني باتيستا بلزوني.

يبلغ طول المقبرة نحو 140 متراً، وهي منحوتة على عمق 30 متراً في صخور جبل القرنة، وتضمّ بين جدرانها نحتاً ونقوشاً ملونة، تظهر الملك سيتي الأول وهو يتعبد ويقدم القرابين للآلهة، ما زال أغلب هذه النقوش في حالة جيدة من الحفظ، رغم التخريب الذي تعرضت له المقبرة على مدى العقود الماضية، كما يميز المقبرة أيضاً أنها تضم عدداً كبيراً من نصوص الكتب الفرعونية، مثل كتاب البوابات وما يوجد في العالم السفلي.

توضح علياء ما نفعله في المقبرة الآن هو مسح بتقنية ثلاثية الأبعاد، لتوثيق حالة الأثر، وتوثيق الشكل نفسه، وهو ما يساعدنا في أعمال الترميم والتصليح، وهذا هو الهدف الأول من المشروع، أما الهدف الثاني فهو تصميم نسخة طبق الأصل من المقبرة، انتهينا من مقبرة توت عنخ امون، وتم افتتاحها بجوار منزل كارتر في وادي الملوك. والآن نعمل على مقبرة سيتي الأول، أنهينا جزءاً منها وتم عرضه في مدينة بازل السويسرية، ونعمل على استكمال باقي المقبرة .

يحتاج استنساخ مقبرة سيتي الأول بالكامل لنحو 4 سنوات من العمل الدقيق، حيث تقول علياء مقبرة سيتي كبيرة جداً، نحتاج لـ4 سنوات على الأقل لإنهاء العمل بها، إلى جانب أننا بحاجة إلى التمويل، فالمشروع مكلف للغاية، ولا نحصل على دعم مالي سوى التمويل الذي يقدمه لنا آدم لوي .

وحول الهدف من فكرة استنساخ المقابر، توضح عالمة الآثار المصرية السائح العادي حين يدخل إلى مقبرة أثرية، يجب أن يعرف أن دخوله ليس بالأمر الجيد تماماً للمقبرة، لأن هذا يؤثر على حالتها، خاصة إذا كانت الزيارات مستمرة، وبأعداد كبيرة، بعض السائحين يلمسون جدران المقابر أحياناً، أو يصطدمون بها دون قصد، وحتى السائح الواعي، مجرد تنفسه داخل المقبرة يزيد من درجة حرارتها، ومن الرطوبة بداخلها، وكل هذا يؤثر على حالة المقبرة، وعلى حالة الرسم والنقوش بداخلها، ومع الوقت تبدأ هذه النقوش والرسومات في التلاشي .

وتواصل عبر تنفيذ نسخ طبق الأصل من المقابر، يمكننا إعادة توجيه السياح، عبر غلق المقابر الأصلية لبعض الوقت، دون أن يفقد السائح القدرة على زيارة المقبرة، كأن نغلق مقبرة لعام مثلاً ونوجه الزيارات للمقبرة المستنسخة، ثم نفتح المقبرة الأصلية في العام اللاحق، ما يعطيها فرصة للراحة من الزيارات والنفس والرطوبة وضغط السياح، دون أن نحرم الأشخاص من حقهم في زيارة هذه المقابر .

سبوتنيك

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى