الحراك الشعبي الاحتجاجي لم ترضه «الورقة الإصلاحية» للحكومة ومناشدات نقابية لفتح الطرق لتأمين المتطلبات المعيشية
استمرّ الحراك الشعبي أمس، لكن بوتيرة أقلّ عن الأيام الخمسة الماضية، وأعيد فتح العديد من الطرق الرئيسة في مختلف المناطق، بالتزامن مع مطالبات نقابية بهذا الأمر تسهيلاً لوفير المتطلبات المعيشية، وقرار وزارة التربية والتعليم العالي وإدارة الجامعة اللبنانية باستئناف الدراسة اليوم.
وفي إطار الحراك، لم يغادر المحتجون ساحتي رياض الصلح والشهداء وسط بيروت. واستمر قطع الطريق عند جسر الرينغ إلى جانب طريق كورنيش المزرعة. فيما انطلقت بعد ظهر أمس، مسيرة من رياض الصلح باتجاه مصرف لبنان في الحمراء.
ومساء أقفل محتجّون طريق خلدة الأوزاعي.
وأعيد فتح الطريق محلّة سوق السمك – الكرنتينا، بينما يتمّ حرق مستوعبات النفايات عند تقاطع سامي الصلح بدارو.
الجنوب
جنوباً، أُعيد فتح أوتوستراد خلدة بالاتجاهين، في حين طلبت غرفة التحكم المروري من المواطنين القيادة بحذر بسبب أعمال التنظيف في المحلة.
وشهدت شوارع مدينة صيدا حركة تنقل مقبولة بعد إعادة فتح معظم الطرقات الرئيسية والفرعية التي أُقفلت صباحاً، وقد تمّ فتحها بالتفاهم بين المتظاهرين والقوى الأمنية.
وزار الأمين العام لـ التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد المتظاهرين في صيدا، وأشار إلى أنّ الشباب في كلّ الساحات والشوارع والمناطق يطالبون باستقالة الحكومة، واستعادة المال المنهوب، ودولة تشبههم، دولة عصرية، دولة العدالة الاجتماعية. هذا ما يطالب به الناس. أما ما سمّي بإصلاحات وقرارات حكومية فهي لا ترضي هذا الشعب .
أضاف من الأمس لليوم وللأيام المقبلة الشارع لم ولن يهدأ حتى يسير البلد باتجاه تغيير حقيقي، هذا التغيير يبدأ عندما تعترف السلطة بأنّ هناك تغييرات جوهرية في الواقع السياسي. هناك معارضة شعبية عارمة أطلقت نتيجة الأنين والوجع الذي يعاني منه المنتفضون وعلى السلطة ألا تتنكر لهذه القوة الجديدة في المجتمع اللبناني والحياة السياسية».
وإذ لفت إلى أنّ السلطة لا تزال تتنكر للقوة الشعبية الجديدة ، دعا الشباب إلى تعظيم هذه القوة لتكون حالة تفرض نفسها اكثر فأكثر، ولتشكيل مسار حقيقي والانتقال إلى مرحلة انتقالية نحو سلطة جديدة بشكل سلس وسلمي. وفي حال تنكرت هذه السلطة فإنها تتحمّل كامل المسؤولية لما يجري في البلاد. الناس لا تتحمّل المسؤولية ، محذّراً السلطة من أيّ تطور سلبي، ومن تحميل المواطن أيّ مسؤولية، هناك إنكار متواصل للحالة الشعبية، ولهذا التنكر تداعيات خطيرة. لذلك لا بدّ من سماع صوت المنتفضين والعمل من أجل مرحلة انتقالية جديدة، ولمعالجة صحيحة وجدية لسائر الملفات برؤية وطنية لا طائفية ولا مذهبية، وبعيداً عن التسويات الفئوية والإرادات الخارجية .
وأردف شعبنا يمتلك الوعي الكبير والكامل، وسيستمرّ في الضغط للوصول إلى مسار حقيقي لمعالجة الأزمة الكبرى في لبنان. إنها حركة تاريخية يجب أن تستمرّ للوصول إلى نهاية ترضي الناس. الشارع يجب أن يستمرّ في الضغط بشكل منظم وواعٍ وعقلاني. ويجب أن يتوسع الانضمام لهذه الحركة الثورية والشعبية. كما يجب أن يبتعد الشارع ويتجنّب محاولات السلطة لاستدراجه للعنف والفوضى. الناس تمتلك الكثير من الوعي الوطني، وعي يوجهه العقل لا العواطف، وهذا ما تمتاز به هذه الحركة العابرة للطوائف. وبهذا الوعي يمكنها تجنب المطبات كافةً .
وأكد أنه لا يدّعي تمثيل الشباب، بل هذه القوى هي التي تختار من يمثلها، ويمثل هذا الخط التاريخي الذي قدمنا فيه تضحيات جساماً. فالتيار الوطني دفع التضحيات الجسام في القضايا الوطنية والاجتماعية والمطلبية. وهو لا يزال يقدّم التضحيات، بدليل وجود هذا التيار في كل الساحات بحماس .
وفيما استمرّت الطرقات مقطوعة ضمن نطاق النبطية وهي: مستديرة كفررمان، سوق الخان، مفرق ديرميماس، شهد محيط السراي الحكومي في النبطية توافداً لجمع من المحتجين لمواصلة الاعتصام القائم منذ ليل الخميس – الجمعة احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية ولإسقاط الحكومة.
وحصل إشكال بين عدد من المحتجين ووفد من جمعية تجار النبطية الذي حضر إلى مكان الاعتصام معلنين تفهّمهم لمطالب المحتجين المحقة ، متمنّين من المشرفين عليه فتح الطريق، بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة والإقفال الذي تعيشه النبطية منذ 6 أيام وما يتكبّده التجار من خسائر فادحة يعجزون من ورائها دفع الايجارات ورواتب الموظفين .
وحاول بعض الأشخاص إزالة البراميل والعوائق من مكان الاعتصام، لفتح الطريق قليلاً نحو السوق، الأمر الذي استفز العديد من المحتجين، فحصل هرج ومرج، وطوّقته القوى الأمنية، وتمّ إقفال الطريق نحو السوق التجاري نهائياً.
وأصدرت جمعية تجار محافظة النبطية تعقيباً على الإشكال إلى أهلنا في مدينة النبطية، وبعد الاعتصام الشعبي الذي أدّى إلى انصياع الحكومة لمطالب الشعب بعد إعلان رئيس الحكومة مجموعة من الإصلاحات، نرى فيها منطلقاً للوصول إلى حلول لأزمتنا الاقتصادية التي نعاني منها، وإنّ الجمعية متضامنة مع المواطنين الأحرار في تحرّكهم السلمي لحماية لقمة عيشهم والمطالبة بالإصلاحات الاقتصادية وتحمّل الحكومة مسؤولية ما يحصل. كما تدين أيّ شكل من أشكال التخريب والإساءة إلى الناس وإلحاق الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة والتطاول على هامات الوطن التي قدّمت كلّ ما يمكن من أجل كرامة الجنوب والوطن لا سيما الإمام السيد موسى الصدر والرئيس نبيه بري .
وتمنّت الجمعية على المتظاهرين إبعاد كلّ من يسيء إلى أخلاقية تحركهم ، داعيةً إلى فتح الطرقات إلى المدينة بعد أن انتفت الحاجة إلى إقفال الطرقات بعد الورقة الإصلاحية التي قدّمها الرئيس سعد الحريري وبعد مطالبة من التجار لفتح الطريق إفساحاً في المجال إلى تحريك العجلة الاقتصادية المعطلة في المدينة منذ أيام عدّة، خصوصاً أنّ التجار واقعون تحت كاهل من المطالب من إيجارات وفواتير تثقل كاهلهم ، متمنيةً على الأجهزة الأمنية التحرك والقيام بدورها من حماية للمواطنين والتجّار والعمل على فتح الطرقات أمام المواطنين .
من جهة أخرى رفض المعتصمون عند دوار كفررمان طلب الجيش بفتحه وعاودوا إقفاله بالدواليب غير المشتعلة وتزايدت أعدادهم وجلسوا في خيمة، مردّدين الشعارات، في ظلّ وجود قوة كبيرة للجيش في محيط الدوار.
وفُتحت معظم المدارس الرسمية والخاصة والثانويات في قضاء بنت جبيل أبوابها.
وبعد الظهر، توافد مئات المحتجين إلى ساحة العلم في صور وردّدوا هتافات ضدّ الحكومة والورقة الإصلاحية.
وكان المعتصمون قد أعادوا فتح الطريق عند منتصف الليل التي تربط مرجعيون بحاصبيا بواسطة جرّافة صغيرة من نوع بوبكات، وذلك على مثلث مرجعيون الخيام إبل السقي، والطريق سالكة أمام السيارات.
جبل لبنان
واستمرّ إقفال الطريق الدولية في الجبل، وطريق عاليه – مفترق العبادية، فيما تواصل إقفال المدارس الرسمية والخاصة والجامعات في منطقة عاليه والمتن الأعلى.
وفي بحمدون المحطة استمرت الطريق مقفلة، وكذلك صوفر مفترق وصلة الأوتوستراد العربي.
وفي ظلّ هذه الأوضاع وإقفال الطرق نفذت بعض المواد الاستهلاكية والمحروقات في منطقة المتن وعاليه.
واستمرّ الاقفال الشامل للمحال التجارية والشركات والمصارف والمدارس في منطقة جونية ومحطيها، مع الاستمرار بقطع الأوتوستراد والطريق البحري لكلّ السيارات بإستثناء اليات الجيش والصليب الأحمر.
وما زال الأوتوستراد مقفلاً بالاتجاهين في شكا والبترون، وقد أمضى المحتجون ليلتهم في الخيم في نقطة التجمع على مسلكي الاوتوستراد، فيما بقيت كلّ الطرق في المناطق المحيطة والمؤدية إلى القصر الجمهوري سالكة ما عدا جسر كفرشيما مقابل أفران شمسين.
وفُتحت مسارب لطرق خلدة والشويفات ومداخل دوحة عرمون وبشامون منذ الصباح، في حين بقيت العوائق ومستوعبات النفايات مرمية وسط الطريق ولم يلاحظ وجود لمتظاهرين في هذه الأماكن. ودعا أهالي المنطقة إلى رفع النفايات وتنظيف الطرق وفتح مجاري تصريف المياه. لكن عاد المحتجون إلى الشارع بعد الظهر.
البقاع
في البقاع فُتحت، الطريق الدولي من الهرمل إلى بعلبك مفتوح، فيما ظلّت الطرقات مقطوعة ضمن نطاق زحلة وهي: شتورا، مكسة، مفرق قب الياس.
وفُتح طريق بعلبك دورس محلّة ساحة الجبلي، ونقل الإعتصام إلى ساحة خليل مطران مقابل القلعة.
الشمال
وتوافد المحتجون إلى ساحة عبد الحميد كرامي النور في طرابلس، وجرى استحضار أجهزة صوت عملاقة إلى المكان واستبدلت بتلك التي كانت مثبتة أول من أمس واستخدمت الرافعات لتثبيتها في مبنى غندور المهجور وتوجه عدد من المحتجّين في ساحة النور إلى أمام مبنى مصرف لبنان في طرابلس واعتصموا أمامه وهم يردّدون «يسقط حكم المصرف».
وبقيت في الوقت عينه طريق طرابلس – البحصاص الهيكلية سالكة بعد إعادة فتحها. كما استمرت طريق طرابلس شكا مقطوعة عند محلة البالما، كذلك طريق طرابلس السامرية النخلة حيث يستمرّ المحتجون بقطع الطريق بخيمة ضخمة قرب أفران لبنان الأخضر. كذلك ظلّت طريق طرابلس البداوي مقطوعة بعلم لبناني ضخم وبالسيارات.
أما مدينة طرابلس فقد شهدت حركة شبه عادية في حين التزمت المؤسسات الكبرى بالإضراب لا سيما في محيط ساحة كرامي حيث أُقفلت المحال أبوابها واقتصر العمل على محال المأكولات والوجبات السريعة.
في الموازاة، أقفلت المدارس والثانويات والمعاهد والجامعات الرسمية منها والخاصة في عكار أبوابها بسبب قطع الطرق، في حين فتحت الإدارات الرسمية والمؤسسات الرسمية في سراي حلبا والبلدات العكارية والبلديات جميعها أبوابها والعمل فيها شبه طبيعي بمن حضر من الموظفين القريبة منازلهم الى أماكن عملهم، اما الكهرباء في سراي حلبا مقطوعة بالكامل.
واستمر إقفال أوتوستراد طرابلس عكار، في مدينة البداوي، بالاضافة الى أوتوستراد دير عمار المقطوع بالاتجاهين بالشاحنات.
وفي الكورة، ظلّ أوتوستراد كفرحزير مقطوعاً أيضاً بالسواتر الترابية، إلى جانب طريق ضهر العين المقطوع بالإطارات المشتعلة.
وطريق العقبة – زغرتا وطريق عام الضنية عند مفرق بلدة كفرحبو، مقطوعان أيضاً.
مناشدات
وسط هذه الأجواء، ناشد عضو نقابة مستوردي ومصدري الخضار والفاكهة وتجمع مزارعي وفلاحي البقاع وجيه عموري «تأمين حرية التنقل على الطرق الرئيسية والفرعية من أجل تسيير مواكب وشاحنات الخضار والفاكهة على خط التصدير لأنه يكفينا كساد وتجميع لإنتاجنا الزراعي في المستودعات والحقول وخسائرنا في أيام التعطيل لا تقدّر ولا تحصى وخصوصاً أنّ النقل بين البقاع وبيروت أيضاً مقطوع».
وأكد عموري «أنّ كلّ الناس والقطاعات مع مطالب الشعب والناس وكلنا موجوعون من الواقع الاقتصادي ولكن لا يجوز أن نزيد من وجعنا بأيدينا، فالتجمع والتظاهر يكون في الساحات العامة بعيداً عن الطرقات وليكون مجدياً أكثر يجب ألاّ يسبّب بأي وجع وخسائر وضرر للآخرين».
كما دعا نقيب أصحاب محطات المحروقات سامي البراكس في نداء، المتظاهرين إلى فتح الطرق امام صهاريج المحروقات لتموين المحطات بما يلزم من مادتي البنزين والمازوت والمشتقات النفطية الأخرى، بعدما تعذر عليهم الانتقال اليوم تلبية لنداءاتنا السابقة.
وذكّر البراكس أنّ البنزين والمازوت هما من المواد الأساسية والحيوية ليس للمنازل والسيارات فحسب إنما للمستشفيات والأفران والمخابز ومولدات الطاقة الكهربائية والشاحنات الخاصة بالمؤسسات الغذائية وسيارات الصليب الأحمر والإسعاف والدفاع المدني والإطفاء، إذ يتعذّر على هذه المؤسسات العمل من دونها.
من جهتها، ناشدت وزارة الصحة القوى الامنية والعسكرية والشعبية تسهيل مرور المرضى الذين يتوجهون إلى مراكز الأدوية في المناطق. وناشد نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين المتظاهرين السماح لسيارات توزيع الأدوية بالتحرك كي تتمكن من تزويد الصيدليات بما تحتاجه.
بدورها، وجهت نقابة الأطباء نداءً إلى المتظاهرين وناشدتهم فتح الطرقات وإزالة الحواجز أمام الحالات الإنسانية والطبية الطارئة التي تستدعي الوصول إلى المستشفيات، وتسهيل عبور الأطباء والممرضات وجميع أفراد الجسم الطبي إلى أماكن عملهم في المستشفيات والمستوصفات والمراكز الطبية، وطلبت إلى الأجهزة الأمنية القيام بما يلزم لتسهيل هذه المهمة.
كما ناشد العديد من النقابات، المتظاهرين فتح الطرق.
إلى ذلك، أعلنت جمعية مصارف لبنان في بيان، أنه في انتظار استتباب الأوضاع العامة في البلاد ، تبقى أبواب المصارف مقفلة اليوم الأربعاء.