المفوضية الأوروبية: ضرورة تنويع مصادر الطاقة… وباب «ساوث ستريم» ما زال مفتوحاً
بعدما أشارت إلى ضرورة تنويع مصادرها للطاقة، إثر إعلان روسيا التخلّي عن مشروع «ساوث ستريم» لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا، عادت وأكدت المفوضية الأوروبية أمس، أنها ستمضي قدماً في المحادثات الخاصة بالمشروع الأسبوع المقبل.
وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس زيفكوفيتش إنّ المفوضية عقدت اجتماعات عدة تهدف إلى إيجاد حل للمشروع يتوافق تماماً مع تشريعات الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنّ أمن الإمدادات يأتي على رأس الأولويات في ظلّ التغيرات الكبيرة التي يشهدها قطاع الطاقة.
وطلبت المفوضية الأوروبية من روسيا إيضاحات حول قرار الأخيرة إغلاق مشروع «ساوث ستريم»، مؤكدةً أنّ موقفها من المشروع لم يتغيّر، ويجب أن يتم مد أنابيب نقل الغاز بمراعاة قوانين الاتحاد الأوروبي. وتقدّر الخسائر المباشرة للشركات الأوروبية نتيجة لإيقاف تنفيذ مشروع «ساوث ستريم» ما لا يقلّ عن 2.5 مليار يورو.
وجاء التصريح الأوروبي غداة إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى تركيا أول من أمس عن إغلاق المشروع ملقياً باللوم على الاتحاد الأوروبي في تعطيله، والضغط على بلغاريا لمنعها من الموافقة على مرور الخط عبر أراضيها.
وكانت المفوضية الأوروبية اعتبرت أمس، أنّ تخلي روسيا عن مشروع خط أنابيب «ساوث ستريم» للغاز يؤكد ضرورة تنويع مصادر الاتحاد الاوروبي من الطاقة.
وقالت نائبة رئيس المفوضية المكلفة شؤون الموازنة كريستالينا جورجييفا غداة إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التخلي عن المشروع أنّ «قرار روسيا وقف «ساوث ستريم»، والطريقة التي تم فيها اتخاذ القرار، يؤكدان أهمية تنويع مصادر الطاقة بالنسبة الى أوروبا».
كما قال نائب رئيس المفوضية المسؤول عن الطاقة ماروس سيفوفتيش أنّ «هذا التطور الجديد سيخضع للنقاش. فالتغيير المستمر في مجال الطاقة يشكّل سبباً للاتحاد الاوروبي لكي يبني اتحاداً للطاقة سيكون من أولوياته ضمان أمن الإمدادات».
وكان بوتين أعلن أول من أمس، خلال زيارة إلى تركيا، تعليق العمل في المشروع الروسي الإيطالي، مبرراً ذلك برفض بلغاريا تحت ضغط الاتحاد الاوروبي السماح بمرور هذا الأنبوب في أراضيها.
ويعتبر الاتحاد الاوروبي أنّ الاتفاقات الموقعة من قبل شركة غازبروم بشأنه تنتهك القواعد الاوروبية للمنافسة. وتبلغ كلفة «ساوث ستريم»، وهو مبادرة خاصة من «غازبروم» و «ايني» الايطالية، نحو 16 مليار يورو، ويهدف إلى تزويد أوروبا بالغاز الروسي عبر الالتفاف على اوكرانيا.
وأوقف الاتحاد الأوروبي هذا المشروع في إطار العقوبات التي يفرضها على موسكو بسبب موقف الأخيرة من النزاع في اوكرانيا.
وكان العمل في خط الأنابيب ساوث ستريم بدأ في كانون الاول 2012 على أن يربط بواسطة أنابيب طولها 3600 كلم روسيا ببلغاريا عبر البحر الأسود، ومنها إلى اوروبا الغربية، وخصوصاً إيطاليا واليونان عبر صربيا، والمجر، وسلوفينيا.
وكان من المفترض أن تبلغ طاقته نحو 63 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، أي ما يوازي المشتريات الأوروبية من الغاز الروسي المنقول عبر اوكرانيا.
وإذ أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه لا يمكنه «في الوضع الحالي»، مواصلة المشروع الروسي الإيطالي لبناء أنبوب غاز ساوث ستريم، حذّر من أنّ موسكو قد تخفض كميات الغاز المصدرة إلى أوروبا.
وقال بوتين في اختتام لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: «بما أننا لم نتلقَ حتى الآن الإذن من بلغاريا، نعتقد أنه في الوضع الحالي لا يمكن روسيا أن تواصل تحقيق هذا المشروع».
وانتقد بوتين المفوضية الأوروبية، التي اتهمها «بتشجيع بلغاريا على تعطيل المشروع»، مشيراً إلى أنّ «موقف المفوضية ليس بنّاء، فهي في الواقع بدلاً من أن تساعد المشروع تضع أمامه العقبات».
وأضاف: «إذا كانت أوروبا لا تريد بناء الأنبوب، فهذا يعني أنه لن يتم بناؤه»، مضيفاً أنّ «روسيا ستتجه إلى أسواق أخرى لتصدير الغاز، بما فيه الغاز المسال».
وقال: «سنوجه مصادر الطاقة لدينا إلى مناطق اخرى في العالم، وأوروبا لن تتسلم الكميات التي كانت تتسلمها من روسيا، هذا خيار أصدقائنا الأوروبيين».
وأعلن بوتين في الوقت نفسه «زيادة كمية الغاز الروسي المصدر إلى تركيا وخفض سعره»، مشيراً إلى أنه «تقررت زيادة الصادرات بثلاثة بلايين متر مكعب لتلبية احتياجات تركيا».
وأضاف: «سنخفض سعر الغاز الطبيعي بنسبة 6 في المئة اعتباراً من الأول من كانون الثاني 2015، للإمدادات المصدرة إلى تركيا.
وقال أردوغان بدوره، إن «تركيا سوف تشتري الغاز الروسي من مشروع خط أنابيب «ساوث ستريم» البحري عبر مجمع قرب حدودها مع اليونان». وأضاف: «يعمل الطرفان على تحويل الاتفاق المبدئي اتفاقاً نهائياً في أسرع وقت ممكن»، مشيراً إلى أنّ تركيا «ستَسفيد من المشروع لتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي وإنشاء مركز للتوزيع على حدودها مع اليونان لتلبية الطلب من هناك».
تراجع أسعار النفط «خبر جيد»
وفي سياقٍ متّصل، اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أنّ تراجع أسعار النفط يشكل «خبراً جيداً» بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي. وقالت لاغارد خلال طاولة مستديرة في واشنطن «سيكون هناك رابحون وخاسرون، ولكن وفق قاعدة واضحة، إنّه خبر جيد بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي».
وتراجع سعر النفط الخام في شكل غير مسبوق وبنسبة ناهزت ثلاثين في المئة منذ حزيران الفائت ليستقر على نحو سبعين دولاراً للبرميل، في أدنى مستوى له منذ خمسة اعوام.
وأضافت لاغارد «حين نشهد تراجعاً بنسبة ثلاثين في المئة، فهذا ينبغي أن يترجم فائضاً في النمو بنسبة 0.8 في المئة في غالبية الاقتصاديات المتقدمة التي تقوم كلها باستيراد النفط»، موضحةً أنّ وجهة نظرها ستكون حتماً مختلفة لو كانت تتحدث في السعودية او قطر او الكويت.
وأقرت بأنّ الدول المصدرة للنفط «تأثرت» بالتراجع الكبير للأسعار، لكن هذا التأثير كان محسوباً بالنسبة إلى بعض هذه الدول. وعلى رغم تراجع الأسعار، أبقى أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك سقف إنتاجهم من دون تغيير خلال اجتماعهم الأخير في 27 تشرين الثاني.