إثيوبيا ومصر ونتائج خطيرة للانسحاب من اتفاق 2015 وروسيا تعلن استعدادها للوساطة..

أعلن مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، أن «روسيا مستعدة للتوسط بين إثيوبيا ومصر حول مسألة بناء سد النهضة على نهر النيل.»

وقال بوغدانوف للصحافيين على هامش قمة «روسيا – إفريقيا» في سوتشي: «إذا طلبوا منا، فنحن على استعداد دائماً. لدينا علاقات ممتازة مع أديس أبابا والقاهرة. وبالطبع ناقشنا هذا الموضوع أكثر من مرة. إذا كانت وساطتنا مطلوبة فنحن دائما على استعداد».

فيما تناولت تقارير إعلامية تحليلات كثيرة مقروءة أو مسموعة حول اتفاقية إعلان المبادئ التي وقعتها مصر والسودان وإثيوبيا، ومدى إلزامية تلك الاتفاقية لأي من الأطراف الثلاثة، والإجراءات التي يمكن اللجوء إليها حال نشوء خلافات بين هذه الدول.

ورفضت إثيوبيا، الشهر الماضي، اقتراحاً لمصر بشأن تشغيل السدّ، ولم تذكر أديس أبابا حجم تدفق المياه الذي تريده، لكن مصر تريد تدفق ما لا يقلّ عن 40 مليار متر مكعب من مياه السد سنوياً.

وكانت وزارة المياه والري الإثيوبية، قد وصفت الاقتراح المصري الجديد بأنه «عبور للخط الأحمر».

ونقلت وكالة أنباء إثيوبيا عن وزارة المياه والري والطاقة القول إنه «أصبح اقتراح مصر الجديد بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير نقطة خلاف بين البلدين».

وتقول إثيوبيا إنها تهدف من بناء سد النهضة الكبير إلى «تأمين 6 آلاف ميغاواط من الطاقة الكهرومائية»، ولا تهدف إلى تخزين المياه أو إلحاق الضرر بدول المصب.

ومؤخراً، قال رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، إنه «إذا اضطرت بلاده إلى خوض حرب بشأن سد النهضة، فيمكن لها أن تحشد الملايين من أجل المواجهة».

وجاءت تصريحات آبي أحمد، خلال جلسة استجواب في البرلمان الإثيوبي، بشأن أزمة سد النهضة، ونقلتها وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية.

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي: البعض يقول أشياء بشأن استخدام القوة من جانب مصر، يجب التأكيد على أنه لا توجد قوة يمكن أن تمنع إثيوبيا من بناء السد.

وتابع المسؤول الإثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام «إذا كانت هناك حاجة إلى الذهاب إلى الحرب، فيمكننا حشد الملايين، وإذا تمكن البعض من إطلاق صاروخ، فيمكن للآخرين استخدام القنابل». واستطرد «لكن هذا ليس في صالحنا جميعاً».

بدورها، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً رداً على التصريحات المنسوبة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تحدث خلالها عن احتمالات اندلاع حرب بسبب سد النهضة الإثيوبي.

وقالت الوزارة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن مصر تعرب عن «صدمتها ومتابعتها بقلق بالغ وأسف شديد» التصريحات المنسوبة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إذا صحت أمام برلمان بلاده، والتي تضمنت «إشارات سلبية وتلميحات غير مقبولة اتصالاً بكيفية التعامل مع ملف سد النهضة».

وأضافت الخارجية المصرية في بيانها، إن مصر تستغرب الأمر باعتبار أنه «لم يكن من الملائم الخوض في أطروحات تنطوي على تناول لخيارات عسكرية، وهو الأمر الذي تتعجب له مصر بشدة باعتباره مخالفاً لنصوص ومبادئ وروح القانون الأساسي للاتحاد الأفريقي، خاصةً وأن مصر لم تتناول هذه القضية في أي وقت إلا من خلال الاعتماد على أُطر التفاوض وفقاً لمبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادئ العدالة والإنصاف، بل دعت وحرصت دوماً على التفاوض كسبيل لتسوية الخلافات المرتبطة بسد النهضة بين الدول الثلاث، وذلك بكل شفافية وحُسن نية على مدار سنوات طويلة».

في هذا الصّدد، أكد أستاذ القانون الدولي العام في مصر أيمن سلامة أنه «ليس أمام الانسداد الثاني في المفاوضات الماراثونية بشأن سد النهضة والتي استغرقت 17 جلسة بين العواصم الثلاث القاهرة والخرطوم وأديس أبابا على مدى خمسة أعوام، سوى المفاوضات».

وأضاف سلامة، أمس: «ليس أمام مصر، وهي دولة المصب لنهر النيل والمتضرر الأكبر من السد، سوى المفاوضات المباشرة باعتبارها الوسيلة الدبلوماسية الأمثل والأكمل والأكثر مرونة بين كافة وسائل التسوية السلمية للنزاعات، وعند إخفاق المفاوضات المباشرة بين أطراف النزاع قد تلجأ الأطراف مجتمعة إلى الوساطة الدولية، وهي وسيلة دبلوماسية غير إلزامية لتسوية النزاعات بين الدول».

وتابع أستاذ القانون الدولي العام: «الوسيط الدولي ليس قاضياً ولا محكماً يفرض حلاً باتاً وإلزامياً لجميع أطراف النزاع، بل يقوم بمساعٍ توفيقية ويقدم مقترحات للأطراف بعد قيامه بفحص أساس النزاع والتنازلات الدنيا لأطراف النزاع التي لم يعرضونها في أثناء مفاوضاتهم المباشرة، بشرط الرضا المسبق لكافة أطراف النزاع دون استثناء، وقبول وساطة الطرف الثالث سواء كانت دولة أو منظمة دولية، وتنتهي وساطة الطرف الثالث حال رفضه من تلقاء نفسه الوساطة بعد فحض الموضوع محل النزاع وأيضاً حال رفض طرف أحد أو كل أطراف النزاع تلك الوساطة».

وأشار سلامة إلى أنه «كان من المفترض وفقاً لكافة الممارسات الدولية في شأن الاتفاقات الدولية الناظمة للانتفاع المشترك المنصف لمياه المجاري الدولية في غير الأغراض الملاحية، أن تبرم بعد توقيع اتفاقية إعلان المباديء عام 2015 بروتوكولات فنية تنفيذية لاحقة تفسر وتفصّل كافة النواحي الفنية التي أثرت على مسار النزاع القانوني والفني بين الدول الثلاث، ومنها عملية الملء الأول للسد، والملء السنوي، وتشغيل السد، وكيفية وتوقيتات التصريف لمياه السد، وغيرها من المسائل الفنية الخلافية، التي أحدثت الشقاق بين الأطراف الثلاثة في مصر والسودان وإثيوبيا».

وأكد سلامة أن اتفاقية إعلان المبادىء لسد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا هي «اتفاقية الحصرية إلزامية» تحكم العلاقة القانونية بين الدول الثلاث، حول كيفية إدارة وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.

ولفت إلى أنه «حال فشل المفاوضات الأولى، يتم اللجوء إلى الوساطة، فإن فشلت الوساطة أيضاً، فليس أمام أطراف النزاع سوى العودة مرة ثانية للمفاوضات المباشرة من جديد».

وحول إمكانية انسحاب مصر الانفرادي من هذه الاتفاقية، أكد سلامة أن هذا الطرح «في هذه اللحظة التاريخية ستكون له آثار قانونية وسلبية خطيرة».

وعن إمكانية لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي، قال أستاذ القانون المصري، إن «مجلس الأمن يعتبر باباً مغلقاً أمام مصر الآن، وأقصى ما يمكن أن يفعله المجلس هو إصدار توصيات «غير إلزامية» توضع في مضبطة المجلس».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى