خياران قيد البحث: حكومة إنقاذ أو تعديل وزاري واقتراح قريب لعون «الاشتراكي» هدّد الحريري بالاستقالة وعلوش لـ«البناء»: لن يستقيل قبل الاتفاق على حلّ بديل
محمد حمية
بعد رفض الشارع للورقة الاقتصادية التي أقرّها مجلس الوزراء واستمرار الحراك في الساحات والتمسك بمطلب استقالة الحكومة، يضيق هامش الخيارات أمام الحكومة والقيادات السياسية الأساسية، فمراجعة تركيبة الحكومة بات أمراً لا مفرّ منه بعدما بات الشارع قوة أساسية جديدة دخلت الى النظام السياسي ومؤثرة في قرار الدولة، وبالتالي فإن إحداث تعديل حكومي أصبح خياراً وارداً ويخضع للنقاش في دوائر القرار، لكن لم يتم التفاهم حتى الآن على شكل هذا التغيير بحسب مصادر «البناء»، أكان تعديلاً كلياً أم جزئياً! وبحسب مصادر سياسية مطلعة لـ»البناء» فإن استقالة الرئيس سعد الحريري كانت مطروحة في بدايات الحراك في الشارع، لكن رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله طلبوا منه العدول عن ذلك، كما ان ثلاثة سفراء دول أجنبية الأميركي والبريطاني والفرنسي زاروا الحريري وطلبوا منه عدم الاستقالة وقالوا له بأن استقالتك ستزيد الأمور تعقيداً.
وقالت مصادر مطلعة لـ»البناء» إن «الأمور انحصرت بين الخيارات التالية: تعيين 4 وزراء مكان وزراء القوات اللبنانية الأربعة المستقيلين، الثاني خفض عدد الحكومة الى 22 وزيراً وذلك بإقالة 4 وزراء مسلمين للحفاظ على التوازن الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، من بينهم وزير الاتصالات محمد شقير والوزير جمال الجراح إضافة الى وزير شيعي وآخر درزي، الثالث استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة مؤلفة من 14 وزيراً 6 سياسيين و8 اختصاصيين مستقلين».
وبحسب مصادر مستقبلية لـ»البناء» فإن «البحث يجري بين خيارين: تعديل وزاري جدّي أو حكومة جديدة تكنوقراط يجري الاتفاق عليها قبل استقالة الحكومة الحالية لاحتواء الشارع»، ولفتت الى أن «الحريري طرح في بداية الحراك استقالة الحكومة لكن رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي ووزير الخارجية جبران باسيل وحزب الله رفضوا ذلك».
وقال القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش لـ»البناء» إن «الرئيس الحريري منفتح على كافة الحلول التي ترضي الشارع، لكن لن يقبل بخيار استقالة الحكومة بلا أفق واضح أي الاتفاق المسبق بين القوى السياسية كافة على حل بديل كي لا نقع في الفراغ الذي يؤدي الى تفاقم الأزمات المالية والنقدية والاجتماعية».
وعمن يشمل التعديل لفت علوش الى أن «التعديل يجب أن يشمل باسيل نظراً للحملة الشعبية عليه ولا مشكلة في أن يشمل أيضاً الوزير شقير»، مشيراً الى أن التظاهر حقّ في الساحات العامة لكن قطع الطرقات خط أحمر»، وعن خيار القوات الاستقالة وتلويح الاشتراكي بذلك وتركهما الحريري وحيداً في المواجهة، أوضح علوش ان «مشكلة القوات والاشتراكي مع باسيل وليس مع الحريري».
ولفت الى أن «طرابلس تتظاهر سلمياً بلا أي اشتباكات وخلافات، لكنه غمز من قناة جهات خارجية تدخل على الخط بدعم مالي يظهر في التظاهرات».
وفي هذا السياق، كان لافتاً كلام وزير الإعلام جمال الجراح في حديثٍ لـ«سكاي نيوز» أن «هناك أجندات سياسية خارجية وداخلية تدفع لبقاء الناس في الطرقات وربما احتكاك الناس مع الجيش». وأكد أن «الحريري طلب من الجيش ضمان أمن المظاهرات في الساحات العامة». ولفت الى أن «مطالب المحتجين روعيت إلى الحد الأقصى في الورقة الاقتصادية لرئيس الحكومة سعد الحريري».
وكان الحريري واصل مشاوراته واتصالاته مع القوى السياسية للخروج من المأزق السياسي ولمواجهة الشارع، واستقبل وفداً من الحزب الاشتراكي ضم الوزيرين وائل ابو فاعور واكرم شهيب والنائب هادي ابو الحسن، وأفادت قناة الـ»او تي في» أن «اللقاء كان بمثابة جلسة مشاورات بكل الخيارات المطروحة راهناً لمعالجة الوضع وتمنى الحريري على وفد الاشتراكي أن يتريث في حال كان لديه توجه نحو الاستقالة من الحكومة»، وتوجه «الاشتراكي» للحريري بالقول «الشارع بلٌش يفلت» والامر لا يحل الا بصدمة إيجابية». وأكدت القناة أن «الاستقالات من الحكومة بالمفرق غير واردة بالمرحلة الراهنة فإذا كان لا بد من الاستقالة فعبر انتقال سلس».
وردًا على سؤال عما إذا كانت الاستقالة واردة قال شهيب: «كل شي وارد بوقتو».
في المقابل أكد نائب التيار الوطني الحر جورج عطالله لـ«البناء» أن «الأزمة الحالية تخضع للنقاش الجدي والبحث في المخارج، والرئيس عون لديه اقتراحات سيُعلنها قريباً وهو يجري مشاورات مع الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية والدستورية أي مع رئاستي المجلس النيابي والحكومة». واعتبر عطالله أن «خيار استقالة الحكومة يقع في آخر سلم الحلول، فهناك ترميم الحكومة أو إجراء تعديل طفيف على بعض الوزارات واستكمال العمل على تطبيق الورقة الاقتصادية»، وأضاف أن «التيار الوطني الحر يؤيد مطالب المتظاهرين لجهة مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة وانتظام عمل المؤسسات ونعتبره صوتاً شعبياً يساند صوتنا السياسي، لكننا ننظر بعين القلق للحملات على رئيس التيار والعهد لتحقيق أهداف خارجية ترفض إعادة النازحين والانفتاح على سورية والدفاع عن سلاح المقاومة واستفادة لبنان من ثروته النفطية والغازية»، واوضح أن خيار استقالة باسيل لم يطرح رسمياً من بين الخيارات فنحن نرفض مساواتنا بأطراف شاركت في الفساد منذ عقود، ويرى عطالله أن تحرك القوات اللبنانية جزء من تنفيذ الأجندات الخارجية المبنية على الضغط على حزب الله وإجهاض إعادة النازحين والانفتاح الاقتصادي على سورية وضرب الاستقرار وفرصة للقوات بقلب المعادلة السياسية في الشارع وإسقاط العهد».
وأكدت مصادر 8 آذار لـ»البناء» أن «الأمور مفتوحة على كافة الاحتمالات»، متوقعة استقالة وزراء الاشتراكي إذا وجدت تغطية أميركية لذلك»، وقالت مصادر حزب الله لـ«البناء» إن «الحزب لا يحبذ استقالة الحكومة في هذا التوقيت الراهن الداخلي والاقليمي في ظل المخاوف من تشريع البلد للفراغ السياسي والحكومي والتهديدات الأمنية»، موضحة أن «الحزب لا يعتبر أن التظاهرات موجّهة ضده بل يؤيد المطالب الشعبية، لكن مطلب استقالة الحكومة او العهد او المجلس النيابي غير منطقي وواقعي في الظروف الراهنة»، مشددة على أن «العهد لا يمكن إسقاطه لانه يستند الى منطق دستوري وتوافق بين القوى السياسية الاساسية ورئيس الجمهورية يمثل شعبية ونيابية واسعة لا يمكن إسقاطه»، ويفضل الحزب بحسب المصادر «منح فرصة للحكومة لتطبيق بنود وإجراءات الورقة الاقتصادية».