صوان لـ«البناء»: الاتفاق جنّب سورية العملية العسكرية بالتوصل لتفاهمات تحفظ الحقوق
سعد الله الخليل
تسارعت الأحداث خلال الساعات الأخيرة حول القضية السورية، ففي ذروة التوغل التركي شمال شرق سورية وخلال أقل من 24 ساعة انتشر الجيش السوري بعشرات القرى تخللتها زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الهبيط في ريف إدلب وإطلاقه رسائل نارية عن استحالة استمرار العدوان، فيما كانت سوتشي على موعد مع القمة الروسية التركية للإعلان عن تفاهمات ضيّقت خيارات العدوان التركي وأخرجت قسد من مسرح العمليات على الحدود السورية التركية تمهيداً لسحب سلاحها، فيما تعهّدت تركيا بوقف العملية العسكرية لتكون قسد والفصائل الإرهابية الموالية لتركيا كبش الفداء على طاولة المفاوضات في سوتشي.
عودة إلى اتفاق أضنة
حاولت تركيا تصوير تفاهم سوتشي كانتصار منحها منطقة آمنة في سورية على الحدود السورية، فيما كانت روسيا واضحة بالتأكيد على أن القواعد الأساسية للاتفاق إنهاء التمركز المسلح، فسارعت بتسيير دوريات الشرطة العسكرية الروسية في عين العرب ومنبج عقب ساعات من الاتفاق، حول ما يجري وعن تسارع التطورات في المنطقة يرى الكاتب السياسي أحمد صوان أن المنطقة أمام منعطف هام جداً في ما يتعلق بفرض السيادة السورية على كامل الجغرافيا السورية عبر تجنيب العملية العسكرية ما يفرض حالة إيجابية بالتوصل لتفاهمات عبر التمسك الروسي بالحقوق السورية.
وتابع صوان في حديث لـ»البناء» «أن مذكرة التفاهم الروسية التركية تشير بكل وضوح وإصرار لانسحاب قوات الاحتلال التركي من الأراضي السورية وفرض مفهوم الأمن المتبادل السوري التركي وفق اتفاقية أضنة 1998 وتسيير دوريات رقابة مشتركة سورية روسية تركية، وهو ما يشير بكل وضوح على أن التفاهم يلزم انسحاب القوات التركية الكاملة من الأراضي السورية ما يعني أن سورية قطعت شوطاً بتطهير أراضيها من القوات المحتلة الأجنبية».
ويرى صوان أن عدم إشارة التفاهم للفترة الزمنية لإنهاء العملية التركية على الأراضي السورية، يندرج ضمن المسائل التي لم تدرج ضمن الاتفاق، وأضاف «باعتقادي أنه بعد انتهاء مهلة الـ 150 ساعة ستخلو المنطقة من التمركز التركي بعد إخراج قوات قسد. فبنود التوافق تنص على تمركز قوات رقابة تركية سورية ما يعني الالتزام التركي بالتفاهم مع الروسي على نقاط التبادل الأمني ضمن مسافة من 5- 10 كيلو مترات في بعض المناطق وفق اتفاقية أضنة. وهذا يشير بكل وضوح لتواصل أمني سوري تركي بدأت تسريباته بالظهور».
وعن مصير الأطماع التركية في سورية يرى صوان بأن مشاريع أردوغان في سورية سقطت نهائياً منذ الإعلان عن توجّه القوات السورية باتجاه شمال حماة وخان شيخون.
وتابع صوان تصريح أردوغان في المؤتمر الصحافي بأنه ليس بنيّته البقاء في سورية تؤكد سقوط المشروع التركي الاستعماري، وغياب أفقه في الداخل السوري كما أسقطت التطورات الميدانية أوراق أردوغان من بوابة انتصارات الجيش السوري وحلفائه وانحلال الفصائل المرتبطة بها.
سقوط مشروع الإدارة الذاتية
وعن مصير مشروع الإدارة الذاتية يؤكد صوان بأن التركيز السوري الروسي بالتفاهمات خلال الفترة الماضية على مسألتين أساسيتين ضمن مشروع مكافحة الإرهاب القضاء على المشاريع الانفصالية وطرد القوات الأجنبية المحتلة، وبالتالي قطعت سورية أشواطاً هامة بإسقاط هذه المشاريع على الأرض بدءاً من سحب واشنطن للقوات الأميركية وما سيليها من القوات التركية والفرنسية بطبيعة الحال، وهو ما سيُسقط مشروع الإدارة الذاتية بشكل كامل.
ويضيف صوان لـ»البناء» «المسألة مسألة سيادة الدولة التي لن تسمح لأي مكوّن أن يتحول لكيان وفق أي صيغة من الصيغ. فهناك دستور وهناك قوانين تنطلق بالدرجة الأولى من قانون الإدارة المحلية وبالنتيجة لن تسمح سورية لأحد باللعب بالجغرافية ولا الديموغرافية السورية ولا بالتوجّهات المقبلة».
وعن الالتزام التركي بتطبيق الاتفاقية يرى صوان بأن الأمور ستأخذ منحى إيجابياً في حال التزمت أنقرة بتعهداتها، بالرغم من أن أنقرة لديها سوابق بالتراجع والتلاعب فإن الإصرار الروسي على حساب الوقت بالساعات بعد أن نفد الصبر الروسي من التحايل والخداع التركي ويقول «ما أنجز اليوم كان يجب أن ينجز قبل عام عبر مسار سوتشي».
معركة النفط بيد دمشق
إصرار موسكو على حصر السيطرة على منابع وحقول النفط في شمال شرق سورية بالحكومة السورية جاء على لسان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف رداً على تصريحات الرئيس الأميركي بالرغبة بإبقاء عدد محدود من الجنود لحمايتها تحت سيطرة قسد، وهذا ما يعتبره صوان ضمن سياق التصريحات الأميركية لخلق ذرائع لإبقاء تمركز على الأرض، فالدور الأميركي لم يصل لمرحلة النضج عبر عرقلة التفاهمات، ولعب دور تخريبي عبر البقاء بمناطق لا تخدم السوريين كمنطقة التنف. وأضاف صوان «القضية الرئيسية أن تسيير الدوريات الروسية التركية اقتصر على المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة واستثنت القامشلي التي تسيطر عليها الحكومة السورية، وبالتالي كل أرض تعود للدولة السورية تستكمل إدارتها كما حصل في العديد من المناطق، وبالتالي ستضطر الولايات المتحدة لمغادرة المنطقة، كما انسحبت من المناطق التي كانت تسيطر عليها شمال شرق سورية».