«عشق الصباح»
حين يطيب البوح تشف المفردات وتصير الكلمات كأنها حبات بخور تحترق في مجمرة…؟
حيث لا شيء إلا الصمت ترمقك الأمكنة بنظرات غامضة وأسئلة حائرة كأول خطو لقدميك الحافيتين على الرمل البليل والنوارس في جولان طوافها تحرس عاشقين انفلتا من قيد العادات والتقاليد! الأشياء في غيابك تتيبس حتى الضحكات صارت باهتة والحاكورة كديار أقفرت من أهلها..! قالت: أعرف أنك تؤمن بالواقع وتتأقلم مع الحياة كما هي.. ومع هذا أجدك أحياناً.. كمن فجأة تنهال عليه سهام غادرة من وراء كومة حجار نسيها الزمن..؟ كتب من دون ان ينظفر في وجهها: تلك الأرض التي كنتُ فيها طفلاً.. صارت تخوم في زمن يتصحّر كل الأشياء الحميمة صارت تتصحّر همست: وما زلت تكتب… اجعلوا الحب سلوكاً – لتخضوضر الأرض – ويصبح الماء نقيا وتأتلق السماء والبحر بالزرقة اللانهائية.. الحب روح الحياة!
وأنا في غمرة الأسى.. أتابع الكتابة: «تتقمص روحي» مفارقة جسدي التعب وتمضي بطوافها إلى الشمال.. تمر على كل الأبواب المقفلة بالقهر وعلى الأقبية المغلقة بسلاسل الظلام؟
تناجي الله وهي: «تفتش عن وجهك».. لعلها تلاقيك تقرؤك مني السلام كنت أراك بقلبي كما رأيتك في وجوه رفاقك الذين يحرسون التراب والماء والسماء في عيونهم، وأنا في محراب ليلي التشريني البارد أرقب «قمر الشمال» هل رأيته…؟ فيقول البحر والملح والتين والزيتون أن الصبح آتٍ وأن موعدنا قريب..
هو الملح حبيس المآقي فرتل أيها الساقي ظمآنة روحي «هات اسقنيها معتقة مشعشعة كماء عناقيد الكروم» فالأحبة يسكنون الجهات والأمكنة لا مفر من ألم الروح والذكريات. في ليل الشتاءات تصير الأحلام كوابيس والأسئلة سهاماً غادرة.. أيها الزمن أما اكتفيت.. من توالي السهام والخطوب حتى «الصبر صار نديمي»!.. يتكوّم البرد في الشرفة الشمالية وأصابعي ترتعش على لفافة التبغ «التتن» أشم رائحة احتراق.. «أصابعي تحترق» وقهوتي باردة والكلمات حرون تخذلني ومحبرتي جفت مفرداتها التي اتكئ عليها كلما شدني الحنين «وأي حنين». نازفة روحي تحاصرني الأسئلة الباردة وفي كفي جمر هي الشفة الأخيرة من الكأس.. أحسست بان الشرفة انفتحت عا الهوى الشرقي وجاء ريح «أحمد» وشعرت أن باب الحاكورة يضحك وتفتح الياسمينة لكَ باب الدار «شممتُ ريح عطرك منها» وسمعت وقع خطوك على الدرج وقرأت في اخضرار عينيك «الحمد لله» وقالت عليا: ألم أقل لكم إن قلبي دليل روحي يقول سيرجع… تأكدوا انه سيرجع يوماً؟!
حسن ابراهيم الناصر