الموصل المنتصرة على الموت تدشّن قيامتها.. «أوركسترا ضوء» تعزفها أنامل موسيقيات وعازفون عراقيون

رقصت حبات البرد، على وقع أوتار كل كمان حملته أكتاف عازفات جميلات وعازفون، في حفل موسيقي لأوركسترا هو الأول من نوعه في مدينة عراقية عانت الويلات من بطش وجرائم «داعش» الإرهابي قبل عامين تقريباً.

تلألأت عيون العازفات اللواتي وقفت مع زملائهن في العزف على آلة الكمنجة «الكمان»، فرحاً، وحباً بحفلهم الأول الذي قاده المؤلف الموسيقي البارز من مدينة الموصل، مركز نينوى، شمال العراق، لنحو ساعة من مساء يوم الأربعاء الماضي، وسط حضور شعبي أسروا قلوبه سحراً بالموسيقى.

ارتفع صوت أوتار الكمنجات رونقاً، في منطقة المجموعة الثقافية قبالة مرطبات فروتي، في الجانب الأيسر من الموصل، المكان الذي طالما كان ينفذ به تنظيم «داعش» الإرهابي، جرائمه بحق أبناء المدينة، طيلة ثلاث سنوات منذ منتصف عام 2014، وحتى دحر التنظيم في أواخر عام 2017.

واختار عازفو وعازفات الكمنجات، عنوان «أوركسترا ضوء» لحفل الأوركسترا الرسمي الأول لهم في الموصل، لبث رسالة في مدينتهم، والعراق، والعالم، مفادها: إن الموصليون يواصلون حياتهم، متغلبين عن الظلام والظلم والأذى الذي طالهم في الفترة الماضية.

قاد المؤلف الموسيقي، والمدرب البارز، أمين مقداد، حفل الأوركسترا الذي نظّمه وحضر إليه، ليقدّم مع العازفين والعازفات، مقطوعات موسيقية جميلة.

وتحدث قائد الأوركسترا الأول في الموصل مقداد البالغ من العمر 30 عاماً، لـ»سبوتنيك»، قائلاً: إن الحفل ضم 9 عازفات، و20 عازفاً، وهم جميعهم من مدينة الموصل، قدمنا أربع مقطوعات، والأخيرة من تأليفي بعنوان : the soul of the 4th.

وبالوقفة المتمايلة ذاتها المفعمة بالمشاعر، التي وقفها مقداد فوق سطح منزله، عازفاً رغم أنوف عناصر «داعش» عندما كانت الموصل تحت سطوتهم، قاد حفل الأوركسترا، وكأنه طائر فلامينكو يؤدي رقصة خيالية معبرة عن الحرية، وحب الحياة.

وحفل الأوركسترا الذي استمر 40 دقيقة تقريباً، من العزف، مستقطبا ً جمهوراً كبيراً من العائلات، والأطفال، في الشارع الذي بدا بارداً قليلاً مع أولى زخات المطر التي داعبت المدن العراقية طيلة الساعات الماضية.

ويتنقل مقداد بكمانه مقدماً مقطوعات موسيقى، في مناطق عدة من البلاد، لا سيما في مدينة، الموصل، والعاصمة بغداد التي يمنح فيها دروساً لطلاب الموسيقى.

وبدأ مقداد الحاصل على شهادة بكالوريوس من كلية الزراعة جامعة الموصل عام 2013، محاولاته في تعلم العزف، يوم 24 أيلول 2009 التاريخ الذي اعتبره ميلاد كمانه الأول، الذي شارك به بعد سنة ونصف من التاريخ المذكور، في مسابقة بالجامعة، كان أسمها «مسابقة الفنون الإبداعية»، وحصل فيها على المركز الثاني في الموسيقى.

وتلقى مقداد، في السادس من مايو/أيار عام 2017، تسع محاضرات لدى أستاذ الكمان في معهد الفنون الجميلة للبنات، محمد محمود، ومن بعده بدء التعلم وحده على الآلات الموسيقية.

ونوّه مقداد أنه تعرض للتحقيق مرتين على يد «داعش»، بين المرة والأخرى سنة كاملة، وآخر تحقيق تعرّض له كان لثلاث ساعات تمت فيه مصادرة آلاته الموسيقية وأشياء أخرى، ليتمكن من الهرب بعد ذلك بمدة 6 أشهر.

وكشف مقداد، عن تاريخ التحقيق الأخير على يد «داعش»، خلال يومي 16- 17 من شهر يوليو/تموز 2016، معدداً الآلات الموسيقية التي صادرها الدواعش منه وهي: جيتارا، وكمانين، وتشيللو، وقانون.

وقال إنه «لم ير تكسير آلاته التي صادرها عناصر «داعش» الإرهابي، لكنهم صادروها، واحتمال سرقوها، أو أحرقوها، أو قاموا بتحطيمها».

وعاد مقداد، إلى الموصل للمرة الأولى بعد تحرير جانب الأيسر من قبضة «داعش» الإرهابي، يوم 19 نيسان/أبريل الماضي، وعزف فوق تل التوبة المتكون من أربع طبقات أولها قصر أسرحدون الآشوري، وآخرها مقام النبي يونس «الذي فجّره التنظيم بالكامل بتاريخ 24 تموز/يوليو 2014.

وعزف أمين مقداد، رسالة للعالم وللكل.. «الموصل مدينة الجمال»، بالتعاون مع مؤسس صفحة «عين الموصل»، الموثقة من قبل موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» والتي تتابعها الغالبية من أهالي المدينة، والعراق ودول العالم العربي والأجنبي، لما تنشره من معلومات دقيقة وجهود مثمرة لصالح نينوى.

سبوتنيك

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى