مصادر بعبدا: عون يؤيّد حكومة «تكنوسياسية» والتمسك باستبعاد باسيل يعقّد المشهد علوش لـ«البناء»: الحريري «لن يأكل الضرب وحدَه» وإلا يختلّ التوازن…
محمد حمية
بات واضحاً استخدام لعبة الشارع في الصراع السياسي وفي عملية التكليف والتأليف، فبعد هدنة الأيام القليلة تراجع معها الحضور في الساحات، عاد المتظاهرون الى الشوارع أمس، وسط دعوات للإضراب وإقفال المدارس والمصارف والمؤسسات والعصيان المدني وإقفال الطرقات اليوم وذلك للضغط على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحسب ما قالت مصادر عونية لـ»البناء» ودفع الرئيس لإعلان موعد الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة.
وإذ رأت المصادر أن العهد مستهدَف منذ انتخاب الرئيس عون، كان التيار الوطني الحرّ أمس، على موعد مع تظاهرة حاشدة في بعبدا دعماً لرئيس الجمهورية الذي دعا الحشود الى الاتحاد مع الساحات الأخرى «لأن الساحات الجديدة يلزمها دعم وجهاد»، وقال: «كثرت الساحات التي لا يجب أن تكون ساحة ضد أخرى». واعتبر أن «تحقيق اهداف محاربة الفساد والنهوض بالاقتصاد وإرساء الدولة المدنية يحتاج الى تعاون الجميع وتوحيد الساحات».
وكانت لافتة اشارة رئيس التيار الوزير جبران باسيل في كلمة له أن «الدور أهم من الموقع». ولفت الى أن «الموقع يكبل أحياناً متل ما حصل معنا، الدور يحرّر دائماً. وفي كل الأحوال الكرامة أهم من الاثنين. وأمام الكرامة لا تهمّ المناصب. نحن كرامتنا هي آدميتنا. انتم لا تقبلون ولا نحن نقبل أن تنتهي الثورة ببقاء الفاسدين ورحيل الأوادم».
ووسط الغموض الذي يلف المشهد السياسي والحكومي والامني والاقتصادي والنقدي، لم يتضح الاتجاه الذي ستسلكه بعبدا في عملية التكليف والتأليف، إذ لم يحدّد رئيس الجمهورية حتى الآن موعداً للاستشارات النيابية، علماً أن عون بحسب معلومات «البناء» لن يحدّد موعداً لبدء الاستشارات قبل الاتفاق على المرحلة المقبلة.
ولفت مصدر مطلع على موقف عون لـ»البناء» الى أن «الرئيس قوي ولا تهزه حفلة الشتائم والتهديد والابتزاز والضغوط الدولية، فهو يعمل ما يمليه عليه ضميره وما ينص عليه الدستور ولن يتنازل عن اي صلاحية من صلاحياته الدستورية أو ما يضرّ بالمصلحة الوطنية»، موضحاً ان «رئيس الجمهورية يدرك أن الاستشارات الإلزامية في نهاية المطاف لتكليف رئيس ينال الاكثرية النيابية، لكنه يسعى بجدية قبل التكليف الى وضع تصور للتأليف لكي لا تمتد مهلة التأليف شهوراً عدة»، ولفت المصدر الى «أننا أمام ثلاثة خيارات اما حكومة سياسية بالكامل وهذا مستبعد بعد الذي حصل في الشارع واما حكومة تكنوقراط وهذا ايضاً مستبعد بسبب خريطة المجلس النيابي، حيث تسيطر الاحزاب والكتل السياسية وبالتالي تتحكم بعملية الاختيار، واما حكومة تكنوسياسية وهذا ما يؤيده عون».
ورجح المصدر أن يعلن عون عن بدء الاستشارات خلال الاسبوع المقبل بعد انتهاء المشاورات وتبلور الصورة الحكومية ورجّح ان عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة لانه يتمتع بالاكثرية النيابية والاقوى في طائفته ويمثل التوازن الطائفي وفقاً للنظام السياسي اللبناني»، لكنه لفت الى أن «اشتراط جزء من الشارع والحريري استبعاد جبران باسيل من التشكيلة سيعقد الصورة ويهدد عملية التكليف والتأليف».
وقال القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش لـ»البناء» إن «تأخير الاستشارات النيابية وتقديم التأليف على التكليف هو مخالف للدستور والأصول المتبعة للتكليف والتأليف، صحيح أن الدستور لا يضع مهلة للاستشارات، لكن وضع شروط على الرئيس المكلف قبل الاستشارات هو يخالف المنطق وأصول تشكيل الحكومات».
ولفتت الى أنه «لا يحق لرئيس الجمهورية أن يضع شروطاً على اي مرشح للتكليف». وأكدت أن «الحريري لن يقبل بالتكليف اذا كان سيعيد تشكيل حكومة بتركيبة الحكومة المستقيلة. فالحريري يرى أن أي تشكيلة حكومية يجب أن تتجاوب مع مطالب الشارع وتعمل بشكل جدي على الاصلاح ولا تنتج التركيبة نفسها ويجب ألا يعود بعض الوزراء المستفزين والنافرين لدى الرأي العام من ضمنهم الوزير باسيل والوزيرين محمد شقير وجمال الجراح».
وعن مطلب الشارع باستبعاد كل الطبقة السياسية بما فيهم الحريري وفق شعار «كلن يعني كلن» رأت الأوساط أننا «لن نسمح أن يأكل الحريري الضرب وحده»، وإذا كان هذا مطلب الشعب فليستقل رئيسا الجمهورية والمجلس النيابي ايضاً وإلا يختل التوازن في البلد.
وذكرت الأوساط بانقلاب عون و8 آذار على الحريري عندما كان في البيت الابيض عام 2011 وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي»، وحذرت من «اي تلاعب بالأصول الدستورية بعملية التكليف والتأليف سيواجه بالشارع».
عن ردة فعل المستقبل اذا لم يدع عون للاستشارات، أكدت «ان لا أوامر بالنزول الى الشارع لكن تركنا الخيار لمناصري وقواعد المستقبل بالمشاركة في التظاهرات في الساحات، ولكن لن نغطي أي ممارسات عشوائية وفوضوية في الشارع ولا قطع الطرقات».