ماكرون: الناتو في حالة موت سريري ويدعو إلى تطبيع العلاقات مع روسيا وزاخاروفا تصف تصريحاته: كلام من ذهب
وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حالة حلف الناتو بالموت السريري، معتبراً أن «الوقت قد حان لتحديد الأهداف الاستراتيجية للحلف». كما دعا إلى «ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا وتحديد الأهداف الاستراتيجية للناتو».
وحمّل ماكرون الولايات المتحدة «مسؤولية تدهور حالة الحلف الأطلسي»، لأنها نقضت التزاماتها تجاه حلفائها في الناتو، وبدا ماكرون ممتعضاً من تصرفات تركيا العضو فيه.
وأظهر الرئيس الفرنسي تردّده في ما يخص المادة الخامسة من معاهدة الناتو التي تنص على ضرورة «الدفاع العسكري الجماعي».
أيضاً أشار ماكرون إلى أن «تركيا ستكون المسؤولة الأولى في حال نهوض تنظيم داعش الإرهابي من جديد»، واصفاً التدخل العسكري التركي في سورية بـ»الحماقة» و»الاحتلال».
بدورها، أبدت روسيا انزعاجها من توجهات الناتو للتوسع وضم دول جديدة إلى الحلف، واعتبرت هذه العملية مدمرة، وتهزّ الاستقرار في القارة الأوروبية كما تؤدي إلى زيادة المواجهة.
وفي وقت سابق، أيّد ماكرون اقتراح ألمانيا إنشاء جيش أوروبي موحّد كبديل لهيكل الناتو العسكري.
الاقتراح الذي عارضته الولايات المتحدة الأميركية، وقرر ماكرون حينها اتخاذ موقف ضدّ الاعتراض الأميركي.
في الوقت نفسه، تقوم العديد من الدول الأوروبية بخطوات عملية سعياً لتأسيس قيادة عمليات مشتركة، قد تشكل خطوة أولى نحو الانفصال عن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
تجدر الإشارة إلى أن حلف الأطلسي المعروف بالناتو تأسس عام 1949، تتفق فيه الدول الأعضاء الدائمين وهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة المتحدة على الدفاع المتبادل، رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية. ويتمتع الأعضاء الثلاثة المذكورون بحق الفيتو، وهم رسمياً دول حائزة للأسلحة النووية.
لكن حلف شمال الأطلسي يواجه الضغوط منذ عامين، أي منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصب الرئاسة. فالأخير يثير الشكوك حول جدوى الناتو ويخالف الالتزام الجماعي بالدفاع، معتبراً أن الولايات المتحدة الأميركية ليست مضطرة أن تدافع عن دولة عضو صغيرة مثل الجبل الأسود مثلاً، والمخاطرة بنشوب «حرب عالمية ثالثة». كما حصر ترامب تقديم الحماية الأميركية بالذين يدفعون ما يكفي من المال.
ودعا الرئيس الفرنسي دول الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في العلاقات مع روسيا من أجل إحلال السلام في أوروبا واسترجاعها لاستقلاليتها الاستراتيجية عن الولايات المتحدة.
وقال ماكرون في حديث لمجلة Economist: «إذا كنا نود إحلال سلام في أوروبا واستعادة استقلاليتها الاستراتيجية، فإننا بحاجة إلى إعادة النظر في موقفنا إزاء روسيا».
واعتبر أن الأوروبيين «سيرتكبون خطأ كبيرا» إذا لم يحاولوا تطبيع العلاقات مع موسكو.
مع ذلك، أشارت Economist إلى أن الرئيس الفرنسي لم يحث الدول الأوروبية على رفع العقوبات المفروصة على روسيا على خلفية انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014.
وانتقد ماكرون سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا، واصفاً طريقة تصرّف واشنطن مع موسكو بـ»الخشنة»، معتبراً أنها تعكس «الأنانية السياسية والتاريخية القصوى» للولايات المتحدة.
وشدد على أهمية أن تنتهج أوروبا سياسة مستقلة عن تلك التي يحاول فرضها البيت الأبيض عليها لا سيما في العلاقات مع روسيا، قائلاً: «كوننا جيران مع روسيا لدينا الحق في أن نكون مستقلين وألا نقلد النهج الأميركي للعقوبات ونعيد النظر في العلاقات الاستراتيجية مع روسيا من دون أي سذاجة، وأن نكون حازمين في ما يتعلق بعملية مينسك للتسوية في جنوب شرق أوكرانيا والتطورات في أوكرانيا. من الواضح أنه تجب مراجعة علاقاتنا الاستراتيجية».
وأوضح ماكرون فكرته بالقول: «ما أقترحه هو.. طرح نظرتنا للعالم والمخاطر التي نواجهها والمصالح المشتركة المحتملة وكيفية إعادة بناء ما أسميه بهندسة الثقة والأمن».
بدورها، علقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي قال فيها إن حلف الناتو في حالة «موت دماغي» ووصفتها بأنها «كلام من ذهب».
وكتبت زاخاروفا على حسابها في موقع «فيسبوك»: «كلام من ذهب، حقيقية وتعكس الجوهر، وهي تعريف واضح للحالة الراهنة للناتو. لكن ملاحظة واحدة على الرغم من أن هناك الكثير من الملاحظات . كيف يمكن لأوروبا بالضبط التحكم بمصيرها؟ في القرن العشرين حربان عالميتان. في القرن التاسع عشر وما قبله إلى غابر التاريخ حروب لا تنتهي و تصدير أيديولوجيا على أسنة الرماح ونصال السيوف».
وأشارت زاخاروفا إلى أن العمليات التي نشأت من «مبادئ وودرو ويلسون»، والتي «صقلت خلال الحرب العالمية الثانية وتطورت إلى تكامل اقتصادي ثم سياسي لأوروبا، ساعدت في حل المشكلة الرئيسية»، مؤكدة أن هذه المبادئ «ساعدت في وقف الخلاف الأوروبي الذي لا نهاية له».
لكن زاخاروفا خلصت إلى أن هذه المبادئ «في الوقت نفسه، أدت أيضاً إلى أزمة الهوية والتنمية».
وقد اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في وقت سابق، أن حلف الناتو يعيش حالة «موت دماغي»، مضيفاً أن الوقت قد حان لتحديد الأهداف الاستراتيجية للحلف.