شرق المتوسط يعوم فوق بحيرة من الغاز
كشفت دراسة أعدت عام 2010، أن «حوض شرق البحر المتوسط، يحتوي على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، و1.7 مليار برميل احتياطي من النفط، وإن كانت بعض المصادر توقعت أرقاماً أعلى».
ووفق هذه التقديرات التي نشرتها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، وتقديرات شركات التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، فإن حوض شرق المتوسط يُعدّ من أهم أحواض الغاز في العالم، إذ أن المنطقة تعوم فوق بحيرة من الغاز تكفي لتلبية حاجة سوق أوروبا لمدة 30 عاماً، والعالم لمدة عام واحد على الأقل.
وتتمركز المنطقة البحرية الغنية بالنفط والغاز، داخل الحدود البحرية الإقليمية لعدد من الدول هي: تركيا، سورية، قبرص، لبنان، مصر، إسرائيل، وقطاع غزة.
وتعدّ «إسرائيل»، الأنشط في استخراج الغاز من الحقول المكتشفة، إذ إنها تنقب في حقل «غزة مارين»، الذي اكتشف في العام 2000، داخل الحدود البحرية الإقليمية لقطاع غزة، وتقدر الكمية الممكن استخراجها منه، بـ 30 مليار متر مكعب من الغاز، كما أنها تنقب في حقل «تمار»، الذي اكتشف في العام 2009، تقدر احتياطاته بـ 280 مليار متر مكعب.
وتعمل «إسرائيل» أيضاً على التنقيب في حقل ليفياثان، المكتشف في العام 2010، وهو متنازع عليه، وتقدر احتياطاته بـ 620 مليار متر مكعب، حقل تانين المكتشف في العام 2012، متنازع عليه، وتقدر احتياطاته بـ 34 مليار متر مكعب، حقل كاريش المكتشف في العام 2013، متنازع عليه، تقدر احتياطاته بـ51 مليار متر مكعب، وحقل رويي المكتشف في العام 2014، وهو متنازع عليه أيضاً، وتقدر احتياطاته بـ 90 مليار متر مكعب من الغاز.
أما قبرص، فقد أطلقت الحفر في حقل أفروديت المكتشف في العام 2011، وتقدر احتياطاته بـ140 مليار متر مكعب من الغاز.
من جهتها مصر، تنقب في حقل ظهر، المكتشف في العام 2015، والذي يعد أكبر حقل شرق المتوسط، وتقدر احتياطاته بـ 850 مليار متر مكعب من الغاز.
وفي ظل هذا الوضع، تتداخل أوجه الصراع على الغاز والنفط شرق المتوسط، وتأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية وقانونية وأمنية، ما يجعله معقداً وقابلاً للاشتعال في أي لحظة.
وانطلاقاً من هنا، وقعت بعض الدول المعنية، اتفاقات لترسيم الحدود الاقتصادية الخالصة، فكان الاتفاق بين مصر وقبرص في العام 2003، وبين قبرص ولبنان في العام 2007، وبين قبرص و»إسرائيل» في العام 2010.
في مقابل هذه الاتفاقيات، أزّم «كنز المتوسط» الموقف بين دول أخرى في حوض شرق المتوسط، أبرزها تصاعد التوترات بين تركيا وقبرص حول استخراج الأخيرة الغاز الطبيعي من المياه الإقليمية، والتي تحولت إلى مواجهة مع الاتحاد الأوروبي.
وفيما تسبر السفن التركية، «الفاتح» و»أوروج رئيس» و»خير الدين بربروس باشا»، و»ياووز»، منطقة المياه الإقليمية لتركيا ولقبرص التركية التي تعتبرها من الجرف القاري التركي، صعدت أنقرة موقفها بالتهديد باستخدام القوة العسكرية دفاعا عن حقوقها.
من جهتها، تعارض مصر التحركات التركية وتهديدات أنقرة لشركات النفط والغاز التي تحاول التنقيب في المنطقة، معربة عن استعدادها الثابت للدفاع عن حقها في استغلال موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط.
على صعيد آخر، حاولت الولايات المتحدة أن تقود وساطة بين لبنان و»إسرائيل» في شأن ترسيم الحدود، إثر النزاع على البلوك 9 البحري المشترك، لكنها فشلت، في وقت أطلقت «إسرائيل» أعمال الحفر في حقل كاريش المجاور.
ومن المقرر، أن يبدأ لبنان أعمال الحفر في البلوكين 4 و9 في كانون الثاني المقبل.
من جهة أخرى، لا زالت سورية خارج معادلة التنافس حتى الساعة، بفعل الحرب، الا أنها أعطت في العام الماضي حق إنتاج النفط والغاز لروسيا، كما أن الحديث يدور بشكل متكرر عن ترسيم الحدود البرية والبحرية مع لبنان.
وفي مسألة ملكية حقل غزة مارين للغاز، فقد زاد قانون البحار والاحتلال الإسرائيلي، الأمر تعقيداً، رغم أن الحقل يقع قانونيا تحت ولاية السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو، إلا أن القوات الإسرائيلية تمنع الفلسطينيين من الدخول إلى الموارد البحرية المتاحة.
يشار إلى أن أبرز شركات النفط العالمية التي تدير عمليات التنقيب عن النفط والغاز في حوض شرق المتوسط، هي ENI الإيطالية مصر وقبرص ، وTotal الفرنسية قبرص ، وائتلاف Nobel Energy الأميركية مع شركة Delek الإسرائيلية إسرائيل ، وائتلاف شركة «توتال» الفرنسية، «إيني» الإيطالية و»نوفاتك» الروسية لبنان .