قالت له
قالت له: في أيام الأزمات نحتاج إلى العناق خوفاً أو فرحاً.
فقال لها: كلما أحتجتِ للعناق عانقيني.
قالت: وهل تغار إن عبّرت عن فرحي بعناق الناس أو عن خوفي باللجوء إليهم؟
قال: أظنّ المشكلة دائماً في اتهامك للرجل بأنه لا يرى في المرأة إلا الأنثى.
قالت: صحيح. والدليل أنك لم تنتبه في العناق إلا لعناق رجل، فقلت عانقيني ولا تقل إن قصدك كان ألا أعانق النساء؟
قال لها: لن أكذب وأزعم خلاف الحقيقة. فقصدك كان واضحاً وهو عناق الرجال، وإلا لما كان الحديث.
قالت: أليس بين الرجال مَن يشعر بإنسانية المرأة؟
قال لها: بالتأكيد كثير هم الذين يشعرون لكن بدون عناق، أما العناق فهو أبعد مدى من مجرد الإنسانية. فهو تعبير اقتراب لجسد نحو جسد يكون بريئاً إذا حدث فجأة وليس عندما يصير نصاً ونظرية.
قالت: هاجس الرجال هو الجسد.
قال لها: بل هو العمر.
قالت: وما علاقة العمر؟
قال لها: تظن المرأة أن إنسانيتها تمسّ من الرجل، لأنه يعاملها كأنثى وتتهمه بتجاهل ثقافتها ومؤهلاتها، بينما قضية الرجل والمرأة واحدة يخفيانها وهي القلق من العمر وقلق الرجل من التقدم بالعمر ينفيه إثبات اهتمام المرأة به كرجل، وحاجة المرأة لتجاوز جمالها مقياس لأهميتها لأنها تخشى زوال الجمال مع العمر وتريد انتزاع حضور ما عداه فيها ولديها. وهذا نزاع على النتائج في وحدة الأسباب.
قالت له: أتريد أن تقول ضمناً إنني أتقدم في العمر؟
قال لها: أريد أن أقول ضمناً أنني أتقدم في العمر.
قالت: وأنا؟
قال: لا تزالين في ذروة الشباب والجمال.
قالت: أتجاملني أم هذا بعض من الدلال؟
قال لها: أضع نفسي تحت الشك ولا أضعك في أي احتمال.
قالت: أيّها الشيطان تعرف كيف تحوّل الجواب إلى سؤال.
قال: وأنت مدرستي في الاحتيال.
قالت له: عانقني إذاً كي لا ألجأ لسواك من الرجال.
قال لها: كلما هدّدتني عانقتك كالأطفال.
قالت: عانقني ولا تكثر الآمال.
وتعانقا ومضيا.