أوروبا تنأى عن أميركا والنمسا توافق ماكرون
أعطت حكومات دول الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر أمس لـ»بدء 13 مشروعاً دفاعياً جديداً»، في خطـــوة لتطـــوير المزيد من الأسلحة بمنأى عن الولايات المتحدة.
ووفقاً لخطط وافق عليها وزراء الدفاع في دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، سيبدأ العمل على بناء سفينة دورية جديدة وسلاح تشويش إلكتروني للطائرات وتقنية لتتبع الصواريخ الباليستية.
واستغرق التفاوض حول هذه المشروعات عدة أشهر، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد قبل أيام «الرغبة في تعميق التعاون الدفاعي بين دول الاتحاد الأوروبي»، حين قال إن «حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة يحتضر».
ويجري حالياً العمل على نحو 47 مشروعاً دفاعياً مشتركاً بين دول الاتحاد الأوروبي بعد التوقيع على اتفاق بين فرنسا وألمانيا و23 من حكومات دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في أواخر عام 2017 بشأن تمويل وتطوير ونشر قوات مسلحة بعد قرار بريطانيا الانسحاب من هذا التكتل.
ويمكن وضع أيّ أسلحة برية أو بحرية أو جوية جديدة، وكذلك تلك المتعلقة بالفضاء الإلكتروني، تحت تصرف حلف شمال الأطلسي لكن تشكيك الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أهمية الحلف أعطى قوة دفع لجهود الدفاع الأوروبية.
ورغم أن 22 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي شركاء في حلف الأطلسي، فإن الاتحاد الأوروبي يأمل في إنشاء صندوق لتمويل الأسلحة بقيمة عدة مليارات من اليورو بدءاً من عام 2021 وهو ما يتطلب تكاتف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتصميم وبناء دبابات وسفن وتقنيات جديدة.
وبحسب الخطط والعمليات الدفاعية الأوروبية، وتلك المتعلقة بتطوير الأسلحة، فستضطلع فرنسا بدور كبير ربما تصل نسبته إلى 60 في المئة في المشروعات البالغ عددها 47 والتي يتم معظمها بالتعاون مع ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
وبموجب المشروعات الأحدث، تقود فرنسا خطط تطوير سبل تتبع الصواريخ الباليستية في الفضاء وتطوير سلاح تشويش إلكتروني بالتـــعاون مع إســـبانيا والسويد لصالح طائرات مقاتلـــة أوروبية.
وبالتعاون مع إيطاليا ستطور فرنسا نموذجاً لسفينة عسكرية من طراز جديد.
وتسعى فرنسا والبرتغال وإسبانيا والسويد أيضاً لإنتاج نظام جديد مضاد للغواصات لحماية الممرات والاتصالات البحرية.
وتقود فرنسا بالفعل العمل بشأن طائرات هليكوبتر أوروبية جديدة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، إن «النظام السياسي العالمي يعاني أزمة غير مسبوقة»، ودعا إلى «إقامة تحالفات من نوع جديد، والتعاون لتسوية قضايا العالم».
وأضاف ماكرون، خلال افتتاح «منتدى باريس الثاني من أجل السلام»: «نعيش أزمة غير مسبوقة في نظامنا الدولي».
وشدّد على ضرورة إيجاد «سبل تعاون جديدة، وتحالفات جديدة بين الدول والمنظمات» ، مشيراً إلى أن «الأمم المتحدة نفسها باتت مشلولة».
واعتبر أن «الأنظمة السياسية والمالية العالمية التي عملت بشـــل جيد بعد الحرب العالمية الثانية، تعاني اليوم من أزمة».
وقال: «كان النظام مجدياً لمدة سبعين عاماً، لكنه سمح بظهور تباينات جديدة… هناك أزمة في ديمقراطيتنا سمحت بإعادة إحياء النهج الأحادي».
وتابع: «نحن بحاجة إلى المزيد من التعاون لمواجهة هذه التحديات»، داعياً إلى «عدم التردد في مساءلة الهيئات الدولية».
وجاء تحذير ماكرون، بعد أيام على صدور مقابلة أجرتها معه مجلة «ذي إيكونوميست» الخميس، رأى فيها أن «الناتو في حالة موت دماغي حالياً، وأن أوروبا تقف أمام خطر أن تختفي عن الخارطة الجيوسياسية مستقبلاً أو أقله ألا نعود أسياد مصيرنا».
وأثار تصريح ماكرون هذا ردود فعل قوية، وكان له وقعه في العواصم الأوروبية.
وردت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، على تصريحات ماكرون عن الحلف، ووصفتها بـ»المبالغ فيها».
لكن ماكرون دافع عن تصريحاته، وشدّد على «ضرورة التحدث بشكل صريح عن المشكلات».
فيما وافق الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلن، على تشخيص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فيما يتعلق بالأمن الأوروبي والناتو، خاصة فيما يتعلق بـ «موت دماغي» للحلف.
وعقب مباحثات، في فيينا مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، لفت الرئيس النمساوي إلى أنه «من الصعب على الاتحاد الأوروبي، في الكثير من الأحيان، التوصل إلى رأي مشترك في مجال السياسة الخارجية، لأن موافقة جميع البلدان الثمانية والعشرين مطلوبة، وليس فقط موافقة رئيس أو وزير خارجية دولة محددة».
وقال: «التوصل إلى إجماع، غالباً ما يستغرق الكثير من الوقت. لذلك يثير الدهشة أن الاتحاد الأوروبي لا يزال موجوداً».
وأضاف رئيس النمسا، في معرض رده على سؤال من الصحافيين: «تعرفون المبادرة الجديدة للرئيس ماكرون، التي عبر عنها في حديث مع المجلة البريطانية إيكونومست. أعتقد أن ماكرون على حق في التشخيص في مختلف النقاط. سنناقش لفترة طويلة كيفية الخروج من هذا الوضع».