انسحاب الصفدي من تولي رئاسة الحكومة يتفاعل وتبادل اتهامات بين الحريري و»الوطني الحرّ»
بعدما طلب النائب محمد الصفدي سحب اسمه من التداول كأحد الأسماء المطروحة لتشكيل الحكومة العتيدة، نشب سجال بينه وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وبين الأخير والتيّار الوطني الحرّ.
وكان الصفدي أعلن في بيان أول من أمس، أنه بعد أيام قليلة على إبداء الحريري رغبته «بتكليفي لتشكيل الحكومة العتيدة مؤكداً دعمه الكامل والمطلق وواضعاً فريق عمله في تصرفي، كان لا بدّ مني وكرجل مسؤول ومدرك لخطورة هذه المرحلة أن أقوم بسلسلة مشاورات ولقاءات مع الأطراف السياسيين، وكان آخرها الليلة الجمعة – السبت مع الرئيس الحريري لبحث كيفية تشكيل حكومة منسجمة تستجيب لمطالب الشارع المحقة، خصوصاً أنّ لبنان يمرّ بمرحلة مفصلية من تاريخه تتطلب الوعي والحكمة».
أضاف «يأتي بياني رداً على الرغبة التي أبداها مختلف الأطراف بطرح إسمي للتكليف وعلى رأسهم الرئيس الحريري، للقول إن بعد ثلاثين يوماً على وجود الناس في الشارع للمطالبة بأبسط حقوقهم المهدورة، أن الوضع لم يعد يحتمل الانتظار ولا المراوغة ولا المشاورات الإضافية».
وإذ شكر الصفدي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس الحريري وكلّ من اقترح إسمه لتشكيل الحكومة العتيدة، أوضح أنه ارتأى «أن من الصعب تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الأفرقاء السياسيين تمكنّها من اتخاذ إجراءات إنقاذية فوريّة تضع حداً للتدهور الإقتصادي والمالي وتستجيب لتطلعات الناس في الشارع».
وعليه، طلب سحب إسمه من التداول كأحد الأسماء المطروحة لتشكيل الحكومة العتيدة، آملاً أن يتمّ تكليف الحريري من جديد.
الحريري
وبعد هذا التطوّر، أصدر المكتب الإعلامي للحريري بياناً ذكر فيه أنه «منذ أن طلب الصفدي سحب إسمه كمرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، يمعن التيار الوطني الحرّ، تارة عبر تصريحات نوّاب ومسؤولين فيه وطوراً عبر تسريبات إعلامية، في تحميل الحريري مسؤولية هذا الانسحاب، بحجة تراجعه عن وعود مقطوعة للوزير الصفدي وبتهمة أنّ هذا الترشيح لم يكن إلا مناورة مزعومة لحصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخص الرئيس الحريري».
واعتبر أنّ «مراجعة بيان الانسحاب للوزير الصفدي كافية لتظهر أنه كان متيقناً من دعم الرئيس الحريري له وعلى أفضل علاقة معه … كما يتضح من مراجعة البيان نفسه أنّ الوزير الصفدي كان صادقاً وشفافاً بإعلان أنه رأى صعوبة في «تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الأفرقاء السياسيين تمكنها من اتخاذ إجراءات إنقاذية فورية تضع حداً للتدهور الاقتصادي والمالي وتستجيب لتطلعات الناس في الشارع، وهو ما يكذّب كليّاً مزاعم التيار الوطني الحر ومسؤوليه».
وأكد أنّ رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل هو من اقترح وبإصرار مرتين إسم الوزير الصفدي، وهو ما سارع الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس الحريري بأسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نوّاف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرّر أيضاً .
واعتبر أنّ الحريري لا يناور، ولا يبحث عن حصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخصه .
«الوطني الحر»
وتعليقاً على بيان الحريري، أشارت اللجنة المركزية للإعلام في «التيار الوطني الحرّ»، في بيان، إلى أنه «في الوقت الذي كانت فيه جهود التيّار منصبّةً على تسهيل عملية قيام حكومة إنقاذ بدءاً من الاتفاق على شخصية الرئيس الذي سيكلف والذي بإمكانه أن يجمع اللبنانيين على الإنقاذ الاقتصادي والمالي بعيداً عن الانقسامات السياسية، فوجئنا ببيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري يتضمّن جملة افتراءات ومغالطات مع تحريف للحقائق».
ولفتت إلى أنّ «أسباب وصول لبنان إلى الوضع الصعب الذي هو فيه تعود إلى السياسات المالية والاقتصادية والممارسات التي كرّست نهج الفساد منذ 30 عاماً ولا يزال أصحابها يصرّون على ممارستها وما المعاناة التي مررنا بها وعبّرنا عنها جزئياً في السنوات الأخيرة سوى بسبب رفضنا لهذه الممارسات وإصرار تيار المستقبل على التمسّك بها وحماية رجالاتها».
وأكدت أنّ التيار «بادر وتحرّك من أجل الإسراع في سدّ الفجوة الكبيرة التي سبّبتها استقالة الحريري على حين غفلة لأسباب لو مهما كانت مجهولة إلّا أنها وضعت البلد في مجهول أكبر، لكنّ التيار، ولأجل التسريع في بدء عملية الإنقاذ، قدّم كلّ التسهيلات الممكنة وذلك بعدم رفضه لأيّ إسم طرحه الحريري وعدم تمسكه بأيّ اسم من جهته، إلّا انّه أصبح واضحاً أنّ سياسة الحريري لا تقوم فقط على مبدأ «أنا أو لا أحد» على رأس الحكومة بل زاد عليها مبدأ آخر وهو «أنا ولا أحد» غيري في الحكومة، وذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين ، وتبقى شهادة الوزير الصفدي المقتضبة واللائقة كافية لتبيان من يقول الحقيقة».
وشدّدت على أنّ «ما يهمّ التيار في النهاية هو قيام حكومة قادرة على وقف الانهيار المالي ومنع الفوضى والفتنة في البلد، والتي يعلم الحريري تماماً من وكيف يحضّر لها وعليه تفاديها»، مؤكداً أنّ «الفرصة لا تزال متاحة أمامنا جميعاً لكي ننقذ البلد عوض عن الاستمرار بنحره إفلاساً وفساداً».
بدوره، علق الصفدي على بيان الحريري قائلاً «أردت أن يكون بيان انسحابي أول من أمس بياناً يجمع ولا يفرّق، شكرت فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على تسميتي لتشكيل الحكومة العتيدة، ولم أود أن أذكر تفاصيل المفاوضات بيني وبينه، فإذا بي أفاجأ اليوم أمس ببيان صادر عن المكتب الإعلامي للحريري يتضمّن تفنيداً لما صدر عني وذلك في إطار الاستخدام السياسي، وهنا أودّ أن أؤكد أنّ المرحلة التي يمرّ بها لبنان مرحلة صعبة ومفصلية وخطيرة وتتطلب منّا جميعاً التكاتف والتضامن ووضع الخلافات السياسية جانباً، وانطلاقاً من هذا الأمر تخطيت الوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة والتي كان الحريري قطعها لي لكنه لم يلتزم بها لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلاّ أن أعلنت انسحابي».
ودعا «الجميع إلى الحكمة والتبصّر والوعي أنّ لبنان أكبر منّا جميعاً وهو في خطر داهم، حمى الله وطننا وأنقذه من المحن».
«الزيتونة باي»
على صعيد آخر، أوضح الصفدي في بيان أنه «بعد تناول موضوع «الزيتونة باي» بشكلٍ مغلوط، وبعد الأخذ والردّ، والالتباس الحاصل لدى الناس، وتوجيه الاتهامات، والحديث عن وجود مخالفات، بادر الوزير إلى الاتصال بالمدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم وطلب منه تحديد موعد للاجتماع به وحثّه على فتح تحقيق كامل وشامل، ومحاسبة أيّ مرتكب لأيّ مخالفة في هذا الموضوع، وإقفال الملف لمرة واحدة وأخيرة».