مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي: عشرات ملايين الدولارات تخرج يومياً من لبنان إلى أربيل…!
نضال حمادة باريس
يجلس المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي الذي يزور بيروت حالياً، وقد بدا عليه التعب من الرحلة بين ساحة رياض الصلح وشارع الحمرا والسبب أنّ التاكسي التي أقلته انتظرت نصف ساعة لتعبئة الوقود.
يبدأ الرجل حديثه عن مؤتمر عُقد في الجامعة الأميركية في بيروت عام 2018 بعنوان صندوق النقد الدولي والدول الهشّة قائلاً إنّ جميع من هم في السلطة في لبنان يعلمون ومنذ سنوات طويلة أنّ الأوضاع الاقتصادية سائرة إلى الانهيار الحتمي، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً لتصحيح الوضع أو لوقف النزف والسرقة والفساد الذي أدّى الى تعفن الوضع الاقتصادي والسياسي، وبالتالي الى تحوّل في المجتمع اللبناني الذي أصبح ينظر الى هذه الطبقة على أنها المسؤول الأول والأخير عن مصائبه.
يكشف الاقتصادي وهو من أصل عربي ويحمل جنسية أوروبية «أنّ عدداً من المسؤولين اللبنانيين يهرّبون يومياً عشرات الملايين من الدولارات التي يملكونها الى مدينة أربيل في إقليم كردستان العراق»، وأضاف «أنّ هذه الأموال تهرّب عبر حقائب من مطار بيروت الدولي وبعضها في طائرات خاصة ويتمّ إيصالها الى حيّ يخضع مباشرة لسيطرة القوات الأميركية ويسمّى حي وزيرين».
لقد زرتُ هذا الحيّ بنفسي قبل أعوام عدة، يقول الاقتصادي الدولي، ورأيت بعيني كيف تخبّأ عشرات المليارات من الدولارات الكاش في قصور وفيلات تعود لزعماء ومسؤولين من كافة الدول العربية، كنّا ندخل الى قصر وننزل الى طابق سفلي حيث تفتح بوابة حديدية بشكل آلي وعند دخولنا كنا نرى الدولارات مكدّسة بصناديق، بتشوف دولارات مخزنة، دولارات بس، ما في شي غير الدولارات يقول بالعاميّة. ويضيف هذا الحي بُنيت فيه المساكن بشكل متشابه وبالتالي اعتقد أنّ غرف تخزين الدولارات الكاش في باقي القصور بُنيت بالطريقة نفسها للقصر الذي دخلناه.
في لبنان يلفّ الغموض كلّ تفاصيل هذا الانهيار المالي، لا يعرف أحد كم يملك مصرف لبنان من احتياط العملة الصعبة، كلّ جهة تلقي برقم مختلف، ولا يعرف أحد بالضبط كم يبلغ حجم الأموال التي استنزفت في عملية الهندسة المالية، كما أن لا أحد يعرف حجم الميزانية الحقيقيّ ولا حجم قطع الحساب من هذه الميزانية، الوحيد الذي لديه معرفة تفصيلية بكلّ حركة الأموال الضائعة هو حاكم مصرف لبنان ويبدو أنّ موقف حزب الله غير القاسي اتجاهه يعود لهذا الأمر، بكلّ بساطة مغادرة رياض سلامة او غيابه يعني عدم إمكان تعقب أثر الأموال وطرق خروجها ومكان وصولها، وبالتالي يظهر كم أنّ مَن يعتبره الكثيرون رأس المشكلة يمتلك المعلومات الثمينة التي يمكن عبرها حلّ هذه المشكلة، على اللبنانيين الانتباه لهذا الأمر.
يتطرق الاقتصادي الدولي إلى تواصل لبنان مع المؤسسات النقدية العالمية ويسأل لماذا اجتمع رئيس الجمهورية مع مندوب البنك الدولي؟ أنتم مشكلتكم في التصنيف الذي يديره صندوق النقد، وبالتالي التواصل هنا يجب ان يكون مع صندوق النقد لمحاولة إقناعهم بعدم الاستمرار في تصنيف المصارف اللبنانية بشكل سلبي. وعند سؤالنا عن الفرق بين الطرفين طالما أنّ مقرّهما واشنطن، قال: البنك الدولي يعطي الأموال ويحرص في طريقة إعطائها أن تذهب الى الفساد وجيوب الفاسدين، ويأتي صندوق النقد ليصنّف البلد بعد أن تكون الديون أثقلته والفساد ضرب أركانه الاقتصادية. في حال لبنان البنك الدولي سهّل التمويل الذي ذهب في جيوب الفاسدين، الآن أتى دور صندوق النقد، وبالتالي في حال أراد الساسة في بلادكم تهدئة الهجوم والضغوط من المؤسسات الدولية فإنّ التواصل يجب أن يكون مع جماعة صندوق النقد.