أول وثيقة للنظام الضريبيّ في العالم من مدينة تدمر

عدنان الخطيب

استفاد التدمريون القدماء من موقع مدينتهم على طريق الحرير للتجارة الدولية واتصالهم بالحضارات المجاورة فاستطاعوا الارتقاء الى مستويات حضارية متقدّمة، حيث تهيأت لهم الظروف المساعدة من موقع تدمر الاستراتيجي ما جعلها تعتمد في حياتها بصورة أساسيّة على التجارة والنقل وتبادل السلع.

وكان التجار هم سادة المدينة الحقيقيون، منهم أمراؤها وحكامها وأعضاء مجلس الشيوخ فيها والمتولّون الوظائف والقيادات العامة، فكان التكريم في المدينة من نصيب الرجال الذي يقدّمون الخدمات لقوافل التجارة وحمايتها، حيث تُنصب التماثيل لتخليد ذكراهم في الشوارع والساحات العامة.

وفي هذا السياق أوضح أمين متحف تدمر الدكتور خليل الحريري في تصريح لمراسل سانا أن القافلة التجارية شكلت المورد الأساسي لدعم اقتصاد تدمر القديم قبل ألفي عام، فكان هناك في تدمر أرباب قوافل تجارية تجوب الشرق أو الغرب، بخاصة أن تدمر كانت تشكل ركناً كبيراً لاستيعاب واستدراج القوافل التجارية بكل أنواعها. ولفت إلى أن تلاحم أهل المدينة وإنشاء المراكز والخدمات في سبيل نجاح القافلة هو السبب الأساسي الذي أدى الى إيجاد دخل كبير وتقوية الاقتصاد التدمري والذي بدوره أدّى الى دفع عجلة التطور وازدهار المدينة.

وأوضح أن المنشآت المعمارية الأثرية في مدينة تدمر التاريخية جاءت نتيجة إيرادات المدينة من التجارة حيث تمّت تهيئة المخازن والمستودعات المطلوبة لاستقبال البضائع الآتية الى المدينة.

وبيّن الحريري أن تدمر كرّست أقدم منطقة حرة للتجارة العالمية فقد عثر أمام موقع الآغورا «مركز تجمع القوافل» على نص للقانون المالي التدمري منقوش باللغات اليونانية والتدمرية الآرامية والذي يُعتبر أقدم وثيقة للنظام الضريبي في العالم.

وأشار الحريري إلى أن النظام الضريبي يبلغ طوله نحو خمسة أمتار وعرضه متران ووزنه نحو خمسة عشر طناً ويُعدّ أطول وأقدم نصّ قانوني منحوت على الحجر ويتعلّق بالاقتصاد العالمي الذي يتحدث بالتفصيل عن المواد التجارية وقيمتها وضريبتها سواء أكانت محلية أم مستوردة أم مصدّرة وضعه مجلس الشيوخ التدمري عام 137 ميلادي بناء على اقتراح وطلب أجداد زنوبيا الذين كانوا يؤسسون بحسب تعبيره للوطنية السورية في بواكيرها الأولى.
(سانا)

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى