«ظلال السكون» معرض تصوير ضوئي… يمزج بين الظلّ والنور في الوجوه والأماكن

لورا محمود

صور لا تحمل الكثير من الحركة، لكنها تعبّر بعمق من خلال الوجوه عن حالات إنسانية موجودة في الحياة وجوه يعتليها النور وتأخذ العتمة جانباً منها لتحكي الفنانة من خلالها ما عاناه الإنسان السوري في الحرب والأمل الباقي فيه والمحفّز على المضي قدماً. فالصور فيها عن حالة من التجاذب بين الظلّ والضوء الذي يكسر طبقات السواد كأنه بريق الأمل وسط الخراب ليثبت أن النور مهما صغر حجمه له تأثيره في الظلمة كبقعة بيضاء على مساحة سوداء.

والفنانة لمى الحسنية أرادت أن تلعب لعبة الضوء والظلّ لتثير تساؤلات كثيرة عند المتلقي، خصوصاً أن أغلب صورها هي وجوه لأشخاص عاديين، لكن التعابير الموجودة فيها هي الحكاية كلها، إضافة إلى صور تضمّ أماكن وحرفاً دمشقية عريقة وقديمة وصوراً أخرى فيها البحر والشجر والسماء، لكن كل اللوحات المصوّرة أتت متناغمة مع بعضها في حالة الظلّ والضوء بمعرضها الذي أقيم في المركز الثقافي العربي في دمشق بعنوان «ظلال السكون» والذي يستمر لغاية 23 من الشهر الحالي.

والتقت «البناء» مع الفنانة الحسنية التي تحدثت عن المعرض قائلة: المعرض يضمّ خمساً وستين صورة ضوئية من أعمال سابقة لي وأيضاً أعمالاً جديدة. فقد عرضت بعض الأعمال في معرض سابق لي بعنوان «اريكا» في خان أسعد باشا ومعرض فردي آخر بعنوان «وجدتها».

وعن سبب تسمية المعرض «ظلال السكون» بالرغم من وجود مجموعة من الناس الحاضرة في الصور التي تتحدّث عن نفسها من خلال التعابير التي تبدو على وجوههم لفتت الحسنية أن كلّ شي في الحياة هو عبارة عن ثنائيات كالخير والشر، الحياة والموت، النور والظلّ وفي الصورة نستطيع أن نعبّر عن هذه الثنائيات باستخدام الضوء، فأغلب الصور فيها هذا المزيج اضافة إلى السكون. فهناك أشياء تحدث بلحظة ما وبهذه اللحظة التقطت الصورة، فأصبحت الصورة وليدة لحظة سكون للشيء الذي أصوره وبهذه اللحظة اختصر كل شيء أراه. وهذه أحد الأسباب التي جعلتني اسمي المعرض «ظلال السكون» ففي كلّ صورة حالة خاصة. وموضوع معين فبعض الصور تحتاج للوقوف أمامها بسكون وصمت لفهمها وقد ركّزت على الناس كثيراً وعلى الروح الموجودة فيهم وأحوالهم وماذا فعلت الحرب بهم.

أما الرسالة التي أرادت الفنانة لمى إيصالها من هذا المعرض فهي أن أقول: بأن سورية جميلة بتنوّعها الثقافي والفكري والحضاري وهي جميلة بناسها البسطاء والعاديين ورغم الحرب التي بعض آثارها موجود في الصور الا انها تحمل أيضاً جمالاً بمكان ما. وهذا ما بنيت عليه موضوعات لوحاتي فلا يمكن أن يكون هناك جمال بدون بشاعة، فنحن رغم ما عشناه في سورية إلا أننا نهضنا من أزمتنا لذلك أردت أن أقول إن الصورة فيها شيئان النور والعتمة، السقوط والوقوف. وهذا هو الجمال الحقيقي للصورة.

وشكرت الفنانة لمى الحسنية المركز الثقافي الذي رحّب جداً بإقامة المعرض، خصوصاً أنه من أقدم وأعرق المراكز الثقافية الموجودة في دمشق وهو مهتم جداً بالشأن الثقافي والفنّي.

وبدوره مدير عام الهيئة السورية العامة للكتاب الدكتور ثائر زين الدين الذي كان ضمن الحضور تحدث لـ»البناء»عن رأيه بالمعرض قائلاً: إن الكثير من الأعمال فيها البعد الوجداني والعاطفي وأيضاً بالمقابل هناك جانب تقني واضح. بعض الصور معالجة بشكل جميل بعد أخذ الصورة وهناك رهافة في التعامل مع الألوان والموجودات التي أخذت صوراً لها وأيضاً مع الشخصيات، فقد لفتت انتباهي الصورة التي فيها رجل كبير في العمر ويجلس بجانب الجامع الأموي. فقد التقطت بطريقة جميلة وهناك صورة أخرى أعجبتني يبدو فيها الجامع الأموي أيضاً لكن صوّرت من زاوية ظهرت فيها الكنيسة بجوار الجامع في دمشق القديمة. الفنانة لمى استخدمت أفكارها بتقنية جيدة وأيضاً ببعد إنساني وفكري جميل.

وأضاف زين الدين: حضور دمشق واضح في صور اللوحات ويجب أن يكون المصطلح ثنائياً، فالأعمال تجمع بين الصورة واللوحة معاً ودمشق حاضرة بكثافة وبطريقة جميلة في الأعمال كلها بكنائسها ومساجدها وحاراتها وبمكوّناتها الإنسانية والحضارية، ولكن أيضاً الفنانة لمى لم تغفل عن أن تأخذ صوراً لمدن سورية أخرى، فنحن نرى البحر مثلاً ونرى صوراً للجبال والوديان وصورة لعاصفة فوق صفحة ماء أزرق ونرى أيضاً صوراً للأسواق الدمشقيّة وصوراً للحرف اليدوية الدمشقية العريقة كالحفر على النحاس. فهناك تنوّع جميل في الأعمال بالرغم من أن معظمها تحدّث عن دمشق.

يذكر أن الفنانة لمى الحسنية حاصلة على ماجستير في الترجمة التحريرية والفورية ومدرّسة في جامعة دمشق وجامعة القلمون. تكتب في موقع «سيريا تايمز» وهذا المعرض الفردي الثالث لها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى