لقاء تشاوري لـ «ملتقى حوار وعطاء بلا حدود» حول الحراك الشعبي تبديد الهواجس وتجسير العلاقات بين القوى صاحبة المصلحة بالتغيير

نظّم منسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود لقاءً تشاورياً حاشداً في قاعة «أحمد ناجي فارس» في بيروت حول واقع وأفق الحراك المدني الحاصل في لبنان منذ 17 تشرين الأول الماضي والتحديات التي يطرحها هذا الحراك ودوره وآثاره على لبنان، وكيف يمكن أن يكون حركة إصلاحية تغييرية لا عامل تسريع للانهيار الاقتصادي والمالي والأمني.

حضر اللقاء عدد كبير من الفاعليات السياسية والحقوقية والاقتصادية والمالية والإعلامية والاجتماعية والنقابية والديبلوماسية والعسكرية وعدد كبير من الناشطين في المجتمع المدني وفي الحراك، تقدّمهم الوزير السابق د. عصام نعمان، رئيس تحرير جريدة «البناء» النائب السابق ناصر قنديل، د. محمد قاسم أستاذ جامعي وناشط نقابي وسياسي ، المحامي عمر زين الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب ، أمين صالح النقيب السابق لخبراء المحاسبة المحلفين ومحلل اقتصادي ، أميرة سكر رئيسة حماية الاحداث في لبنان ، المحامية والناشطة السياسية بشرى الخليل، الإعلامي محمد شري مدير البرامج السياسية في قناة «المنار» ، الدكتور القاضي يحيى الرافعي، د. حسن حمادة أستاذ جامعي مادة الهندسة المالية ، محمد شمس الدين الدولية للمعلومات ، د. الياس البراج، د. انطون هندي، د. ميخائيل عوض باحث ومحلل سياسي ، سركيس أبو زيد ناشر وباحث ومحلل سياسي ، السفير محمد الحجار، السفير أحمد عبدالله، د. محمود منصور خبير مصرفي ومالي ، د. نجيب عيسى باحث في الشؤون الإقتصادية ، د. رياض صوما ناشط وباحث سياسي ، د.عماد عكوش خبير مالي واقتصادي ، د. مالك نحلة، العميد مارون خريش، العميد الركن حسن بشروش، حاتم حاتم أمين عام جمعية الضرائب اللبنانية ، جميل ضاهر رئيس منتدى القلم الذهبي وأمين عام تيار المقاومة اللبناني ، د. غسان بيضون مدير عام سابق في وزارة الطاقة ، د. ميشلين حداد ناشطة في مجال مكافحة الفساد وعدد كبير من الأكاديميين والناشطين والإعلاميين ورؤساء الجمعيات.

حمود

في البداية رحّب مُنسّق الملتقى د. طلال حمود بالحضور، وتحدّث عن أهمية الحراك الشعبي اللبناني فقال: إنّ لبنان شهد منذ ذلك التاريخ حراكاً شعبياً مطلبياً عارماً توحّدت فيه الساحات والمدن من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وكانت المطالب المعيشية والاقتصادية والإصلاحية التي جمعت اللبنانيين في هذه الساحات تُعبّر بحقّ عن آهات وأوجاع الناس الذين استفحلت مشاكلهم وتعاظمت مع مرور الوقت ومنذ زمن طويل مع وجود سلطة سياسية فاسدةٍ استغرقت في سرقة مغانم هذا الوطن وسرقة وهدر ثرواته حتى وصلت الى درجة الوقاحة في استغباء الرأي العام وفي إذلال هذا الشعب وتركيعه وتجويعه ودفعه إلى الهجرة والضياع والخوف على مستقبله ومستقبل أبنائه والأجيال القادمة.

وأشار حمود إلى أنّ ملتقى حوار وعطاء بلا حدود كان منذ تأسيسه من أول المُحذّرين من انهيار الهيكل أيّ منذ حوالي سنتين، حيث نظّم عدّة ندوات ومؤتمرات وطنية جامعة حذّرت من خطورة التمادي في ظاهرة الفساد. وشدّد على أهمية مكافحتها والتخلّص منها، لأنها ظاهرة قضت على كلّ الإدارات والمؤسّسات في الدولة وتفشّت فيها كالسرطان القاتل.

وقال إنّ مؤتمرنا التشاوري يأتي في ضمن سلسلة اللقاءات التشاورية التي عقدها ملتقى حوار وعطاء بلا حدود مع مختلف القوى والفعاليات والأحزاب والشخصيات الناشطة في الحراك أو في خارجه بهدف السعي إلى استباط الحلول الناجحة للمشاكل الاقتصادية والمالية والسياسية التي يتخبّط فيها لبنان، خاصة في هذه المرحلة الحرجة للغاية، وقال إنّ الحراك حقق إنجازات وطنية كبيرة وعلينا كنخب ثقافية وأكاديمية واقتصادية وإعلامية العمل على دعم هذا الحراك والحشد له والسعي إلى إبعاد كلّ الشبهات التي دارت من حوله مثل علاقاته مع بعض السفارات الأجنبية ووجود أياد خارجية خفية تلعب للتآمر على بعض اللبنانيين، وأمل أن يشكّل «ملتقى حوار وعطاء بلا حدود» الجسر المنسّق والواصل بين قيادة ومنسقيات الحراك القائم في الساحات ومجموعة كبيرة من اللبنانيين الذين كانت لديهم ولا يزال هواجس كثيرة تتعلّق بالتآمر على شريحة كبيرة من اللبنانيين وفي مقدّمتهم البيئة الحاضنة للمقاومة وسلاحها الذي حرّر لبنان من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ومن قوى التكفير والإرهاب.

وأعطى د. حمود الكلام للمتداخلين طالباً منهم التركيز على معالجة الأسئلة والإشكاليات التالية:

1 ـ ما هي الإنجازات الأساسية التي حققها الحراك منذ انطلاقته بكلّ شرائحه وأطيافه ومجموعاته؟

2 ـ ما هو أفق التحرك وما هي الإصلاحات المطلوبة لا سيما على الصعيد الاقتصادي – الاجتماعي؟

3 ـ ما هي الطريقة الفضلى لتمثيل الحراك ومن هي المجموعات الفعلية التي تعبّر عنه؟

4 ـ هل يمكن تشكيل حكومة تكنوسياسية؟ وما هو السبيل للتوليف بين التمثيل السياسي الوازن وبين التكنوقراط وفي أية حقائب؟

نعمان

الوزير د. عصام نعمان تكلّم عن تأييد معظم الشعب اللبناني للحراك ولمطالبه المعيشية والإصلاحية والإقتصادية. لكنه أبدى تخوّفه من الحالة التي وصلنا إليها بعد تعدّد الساحات واختلاف الهتافات والشعارات، كما أبدى خشيته من تمدّد الحراك ومن بعض الحالات الشاذّة التي حصلت في بعض الساحات، ومن استغلال بعض الفاسدين الذين كانوا وللأمس القريب من صلب السلطة وركوبهم لموجة الثورة، متخوّفاً من أن يصل هذا الحراك الوطني العارم الى حالة التبدّد بسبب كلّ تلك الشوائب.

صالح

ثم تحدث د. أمين صالح عن الورقة الإصلاحية التي قدّمها وهي تتضمّن نقاطاً أساسية للمعالجة الفورية منها تشكيل حكومة إنقاذية إصلاحية اقتصادية، إقالة حاكم مصرف لبنان ونوابه، إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة على السياسيين وكلّ من تعاطى الشأن العام، ثم تحدث عن بعض الإجراءات الإصلاحية في النظام الضرائبي والقضائي والإداري.

قنديل

بعدها تحدّث رئيس تحرير «البناء» النائب السابق ناصر قنديل عن الوضع الحالي وتخوّف من تسييس الحراك والسير به في اتجاهات خاطئة تهدف في النهائة للإنقضاض على شريحة كبيرة من اللبنانيين.

وأشار إلى أننا اليوم نعيش حالة تآكل داخلي، وأنّ الإصلاح لم ينضج بعد، ثم أشار إلى خطأ الحراك في طلبه باستقالة الحكومة دون طرح البديل، نظراً لعدم وجود أسس يمكن السير بها نحو تشكيل حُكم اتقالي، وأنّ الأسس القديمة سوف تُتبع هي نفسها، ثم دعا إلى خلق جسر بين الحراك والمُقاومة من خلال هذا اللقاء للاستفادة منه في عملية الإصلاح السياسي والمالي في لبنان وبالتالي محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين.

الخليل

المحامية بشرى الخليل تحدّثت في ورقتها عن عدّة نقاط أهمّها تشكيل حكومة تكنوقراط تكون مهامها إرساء دولة القانون وإنشاء محكمة خاصة للفساد وتشكيل هيئة قضائية لوضع أُسس قواعد إعادة المال المنهوب، إصدار قانون رفع السرية المصرفية، إلغاء الدين العام المُستحق من المصارف التجارية ووقف عملية الخصخصة.

عكوش

الخبير الاقتصادي د. عماد عكوش تحدّث عن المشاكل الاقتصادية التي يُعاني منها اليوم الشعب اللبناني والتي تضمّنت المشاكل السياسية والاقتصادية، مشاكل الفساد المالي والإداري وعدم تطويره للنظام، كما تحدّث عن النقاط الإيجابية التي يملكها الإقتصاد اللبناني وعلى رأسها التنقيب عن النفط والنتائج الإيجابية التي قد تحصل من خلال ذلك، ملكية الذهب والتي يمكن الإستفادة منها من خلال عملية تسنيد أوراق مالية مقابل ضمانة هذا الدين، وتحدث أيضاً عن الأصول العقارية التي تملكها الدولة اللبنانية وعن الأصول المالية والشركات والمصارف والمؤسسات العامة التي تملكها والتي تقدّر قيمتها بما يزيد عن 100 مليار دولار.

زين

وأشار المحامي عمر زين في مُداخلته إلى نجاح الحراك في خلق قوّة شعبية جديدة شملت كلّ المناطق اللبنانية ووحدّتها على شعارات مطلبية وخلقت وحدة وطنية مُنقطعة النظير. وأكدّ أنّ هذه الشعارات المُحقّقة لا يجب أن تمنعنا عن المُطالبة بتصحيح تطبيق الدستور لناحية انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس للشيوخ. كما شدّد على ضرورة إقرار قانون استقلالية القضاء اللبناني لرفع اليد عنه والبدء بمُحاكمة الفاسدين.

شرّي

وتحدّث الإعلامي محمد شري عن ضرورة عدم إطلاق أحكام مُطلقة من قبيل «كلن يعني كلن»، فلا العقل ولا المنطق يقبلان بسلب العدل من القضاء. ثم لفت إلى التناقُضات الموجودة لدى الحراك وشبّهها بالتناقُضات الموجودة لدى السلطة، وأشار إلى ركوب بعض السياسيين سفينة الحراك طمعاً بتحقيق مطالب حزبية وسلطوية.

عوض

أما الكاتب والمحلل السياسي مخايل عوض فقد تحدّث عن شروط تشكيل الحكومة الجديدة، وأشار إلى أنّ هذه الشروط هي نفسها الشروط الأميركية وشروط صندوق النقد الدولي. وأوضح أننا اليوم نعيش في الفوضى وأنّ بعض الميليشيات تُحاول رُكوب هذا الحراك لتحقيق مصالحها. وإذ دعا إلى ضرورة تطابق المصالح بين قوى المقاومة وقوى الحراك لتحقيق الإصلاحات المنشودة في النظام السياسي ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، أشار إلى أنّ الأزمة طويلة ما دامت هناك أسباب موضوعية لهذا الحراك ومنها الفساد والنظام السياسي الطائفي ولا إمكانية للسيطرة عليه من أيّ فريق.

قاسم

وأدلى د. محمد قاسم بمُداخلة شدّد فيها على هواجس الملتقى والحراك في تحقيق الحدّ الأدنى من المطالب لا سيما حكومة انتقالية بصلاحيات تشريعية استثنائية من خارج الطاقم السياسي الحالي، لإنقاذ الوضع النقدي والمالي، وإقرار قانون استقلالية القضاء، وإقرار قانون انتخابي يضمن صحة التمثيل ورفض الخصخصة.

شمس الدين

من جهته قدّر محمد شمس الدين عدد المواطنين الذين نزلوا في مختلف الساحات اللبنانية بحوالى 350 الى 400 ألف متظاهر على أبعد تقدير في ساحات: رياض الصلح، الشهداء، طرابلس وصيدا… وغيرها من المناطق اللبنانية، وعند سؤاله عن إمكانية ان يؤدّي الحراك الحاصل الى الضغط باتجاه إقرار قانون انتخابي عادل على أساس النسبية ولبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي قال إنّ بحث هذا الأمر وإقراره سابق لأوانه وإنه لا يمكن التكهّن بتوقعات كهذه بسبب خطورة الأزمة المالية والنقدية والسياسية التي يتخبّط بها لبنان بحيث إنه لا يمكن لأحد ان يتوقع ما هو المستقبل القريب للحالة السياسية والأمنية في لبنان.

زبيب

الخبير في القانون المالي الدولي د علي زبيب ركّز على أهمية الإسراع في سنّ القوانين الآيلة لاسترجاع الأموال المنهوبة ووقف الهدر والفساد لأنّ ذلك يعتبر حجر الزواية في عملية استعادة الثقة وتعويض واسترجاع ما تمّ نهبه من مال عام.

وكانت مداخلات أخرى عدة لكلّ من: سركيس أبو زيد، د. رياض صوما، د. محمود منصور، د. الياس البراج، د. انطون هندي، العميد المتقاعد مارون خريش، القاضي د. يحي الرافعي… أكدّت جميعها على أحقّية المطالب الشعبية، الاقتصادية، المعيشية والإصلاحية التي طالب بها الحراك حتى اليوم، لا سيما بخصوص مكافحة الفساد وإجراء إصلاحات جذرية على مختلف المستويات وعلى ضرورة تطمين شريحة كبيرة من اللبنانيين لديها بعض المخاوف تجاه الكلام الذي يدور حول إمكانية الالتفاف وتطويق هذه الشريحة اللبنانية والانقضاض عليها بواسطة الحرب المالية – الاقتصادية وبالسياسة.

وأيّد المتداخلون كلّ الطروحات الرامية إلى حماية ظهر المقاومة، وعلى ان يلعب الملتقى إذا أمكن له ذلك – دور الجسر الواصل بين قيادات الحراك والبيئة الحاضنة للمقاومة بغية تطمينها ومساندتها في حربها على الفساد لأنّ الحرب عليه من صميم العمل المقاوم ولا مُقاومة من دون دولة قوية وامن اقتصادي واجتماعي مُتماسك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى