تقرير أميركي: القوة العسكرية الإيرانية أكبر قوة صاروخية في الشرق الأوسط
نشرت وكالة استخبارات الدفاع الأميركية DIA تقريراً كبيراً من 117 صفحة بعنوان «القوة العسكرية الإيرانية»، وهو منتج استخباري يدرس القدرات الأساسية للجيش الإيراني. وقد عرض كريستيان ساوندرز، كبير محللي استخبارات الدفاع بشأن إيران في وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، ملخصاً له والآتي ترجمته:
«تقدّم وكالة الاستخبارات الدفاعية اليوم تقرير القوة العسكرية الإيرانية، وهو تقرير يبحث القدرات الأساسية للقوات العسكرية الإيرانية. هذا المنشور هو جزء من سلسلة التقارير العسكرية غير السرية لوكالة الاستخبارات الدفاعية. وهو يفحص استراتيجية إيران وأهدافها العسكرية، وبنيتها التنظيمية وقدرة هذه القوات العسكرية التي تدعم الأهداف، وكذلك البنية التحتية التمكينية والقاعدة الصناعية».
وتم تصميم سلسلة تقارير القوى العسكرية لتعزيز فهم التحديات والتهديدات الرئيسية للأمن القومي الأميركي وأمن شركائنا. يحتاج القسم إلى فهم متطور للاستخبارات العسكرية، وتقوم وكالة استخبارات الدفاع بإجراء دراسات مكثفة للقدرة العسكرية على جميع المستويات، ومستويات مختلفة من التفاصيل التي تقدم رؤية لجميع الدوائر وأصحاب المصلحة.
لدينا تاريخ طويل في إنتاج نظرة عامة شاملة وموثوقة حول الاستخبارات الدفاعية على المستوى غير المصنف سرياً.
ونشرت وكالة استخبارات الدفاع لأول مرة تقرير القوة العسكرية السوفياتية غير المصنفة سرياً في عام 1981. أعدنا إصدار هذه الدراسات العسكرية غير المصنّفة سرياً في حزيران 2017 مع روسيا العسكرية، وفي وقت سابق من هذا العام عن القوة العسكرية الصينية، واليوم نحن ننتقل إلى إيران.
فعلى مدار 40 عاماً، كانت جمهورية إيران الإسلامية تعارض الولايات المتحدة ووجودها في الشرق الأوسط. تقوم إيران بعرض قوتها العسكرية من خلال مؤسستين عسكريتين مختلفتين: القوات النظامية، وحرس الثورة الإسلامية، أو الحرس الثوري الإيراني. تخدم هذه المنظمات هدفين استراتيجيين مهمين لإيران: أولاً، بقاء النظام وثانياً، تأمين موقع مهيمن في المنطقة.
تستخدم إيران مقاربة هجينة للحرب باستخدام العناصر التقليدية وغير التقليدية. وعلى الجانب التقليدي، تعتمد الاستراتيجية العسكرية الإيرانية بشكل أساسي على الردع والقدرة على الانتقام من المهاجم. تستخدم إيران أيضًا عمليات حرب غير تقليدية وشبكة من الناشطين والوكلاء لتمكينها من الوصول إلى أهدافها في المنطقة، وكذلك لتحقيق عمق استراتيجي.
تستند القدرات العسكرية الإيرانية على ثلاث قدرات: أولاً الصواريخ الباليستية وثانياً قوات بحرية قادرة على تهديد الملاحة في الخليج الفارسي ومضيق هرمز وثالثاً القدرات غير التقليدية بما في ذلك استخدام الشركاء والوكلاء في الخارج.
أولاً: الصواريخ الباليستية: تشكل الصواريخ الباليستية الإيرانية مكوّناً أساسياً لردعها الاستراتيجي. تفتقر إيران إلى القوة الجوية الحديثة، وقد تبنّت إيران خيار صواريخ باليستية كضربة طويلة المدى لردع خصومها عن مهاجمتها. تمتلك إيران أيضاً أكبر قوة صاروخية في الشرق الأوسط، مع مخزون كبير من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، والصواريخ الباليستية قصيرة المدى والصواريخ البالستية متوسطة المدى التي يمكن أن تضرب أهدافاً في جميع أنحاء المنطقة على بعد 2000 كيلومتر. ستنشر إيران عدداً متزايداً من الصواريخ الباليستية الأكثر دقة والأكثر فتكاً، مما يحسّن مخزون الصواريخ الحالي وحقل صواريخ كروز الهجومية الجديدة. إن تطوير إيران لبرنامج إطلاق الصواريخ الفضائية يمكن استخدامه كذلك كقاعدة اختبار لتطوير تقنيات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
ثانياً، تؤكد القدرات البحرية الإيرانية على استراتيجية رفض منطقة منع الوصول. من خلال الاستفادة من موقع إيران الجغرافي الاستراتيجي على طول الخليج الفارسي ومضيق هرمز، تؤكد القدرات البحرية لإيران على تكتيكات غير متماثلة باستخدام العديد من المنصات والأسلحة للتفوق على القوة البحرية للخصم. تشمل هذه المجموعة الكاملة من هذه القدرات صواريخ تطلق من السفن أو الشاطئ وصواريخ كروز البحرية مضادة للسفن وقوارب صغيرة وألغام بحرية وغواصات ومركبات جوية غير مأهولة وصواريخ باليستية مضادة للسفن ودفاعات جوية.
إن استخدام إيران للشركاء والوكلاء والحرب غير التقليدية أمر أساسي لنفوذها الإقليمي واستراتيجيتها الرادعة. تحتفظ «قوة القدس» التابعة لحرس الثورة الإيراني، الأداة الرئيسية لإيران في العمليات غير التقليدية، بشبكة واسعة من الشركاء من غير الدول والوكلاء والتابعين في جميع أنحاء المنطقة. تقدّم إيران مجموعة من الدعم المالي والسياسي والتدريبي والمادي لمجموعات ستشمل حزب الله، والمجموعات الشيعية العراقية الناشطة، والحوثيين في اليمن، وبعض الفصائل الفلسطينية، وحركة طالبان الأفغانية ونشطاء البحرين الشيعة.
نقطة أخرى تهم الولايات المتحدة وحلفاءها هي التقدم السريع لإيران في تطوير قدرات الطائرات بدون طيار. ترى إيران في ذلك منصات متعددة الاستخدامات لمجموعة متنوّعة من المهام، بما في ذلك الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، والضربات الجوية، وهي وسعت بشكل مطرد مخزونها من الطائرات بدون طيار. نشرت إيران العديد من الطائرات بدون طيار المسلحة وغير المسلحة في سورية والعراق للقيام بمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، والضربات.
كما تعمل إيران على تقوية أنظمة الدفاع الجوي المتكاملة من خلال الإنتاج المحلي وكذلك الاستحواذ على المنتج الأجنبي. تعد إيران أكثر قدرة على تطوير محلي لأنظمة صواريخ «أرض جو» وأنظمة الرادار. وفي عام 2016، حصلت على نظام الدفاع الجوي الروسي «أس إيه 20 سي» SA-20C، والذي زوّد إيران بقدراتها الأولى للدفاع عن نفسها ضد سلاح الجو الحديث.
في المجال السيبراني، تنظر طهران إلى عمليات الفضاء الإلكتروني كوسيلة آمنة منخفضة التكلفة لجمع المعلومات والانتقام من التهديدات المتصورة، ويواصل النظام الإيراني تحسين قدراته السيبرانية.
لا تمتلك إيران أسلحة نووية، لكن برنامجها النووي يظل مصدر قلق كبير للولايات المتحدة. في وقت سابق من هذا العام، بدأت إيران في احتواء حملة الولايات المتحدة ضدها المسمّاة «أقصى ضغط» والتي تضمنت تدريجياً تجاوز بعض الحدود ذات الصلة بالمشروع النووي المنصوص عليها في «خطة العمل الشاملة المشتركة»، الاتفاق النووي لعام 2015.
في أوائل تموز 2019، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأول مرة أن إيران قد تجاوزت بعض حدود «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وقد هددت طهران بمواصلة وقف الالتزامات الأخرى ما لم يتم رفع العقوبات عنها أو تخفيف العقوبات كفاية.
إن الاستراتيجية العسكرية الإيرانية تركز على الردع، ومن غير المرجح أن تتغير بشكل كبير، لكن إيران اتخذت خطوات نحو تطوير قدرة استكشافية محدودة من خلال عملياتها في سورية والعراق.
ستظل «قوة القدس» التابعة لحرس الثورة الإيراني وشبكتها من الوكلاء حاسمة بالنسبة للقوة العسكرية الإيرانية وستحسّن طهران أيضاً قدراتها التقليدية من خلال الحصول على قدرات أخرى. تؤكد خطط التحديث الحالية لإيران على مجموعة واسعة من القدرات التقليدية أكثر من السابق.
ستستمر إيران على الأرجح في التركيز على التطوير الداخلي المتزايد للصواريخ القادرة والمنصات البحرية والأسلحة البحرية وأنظمة الدفاع الجوي بينما تحاول ترقية بعض قدراتها الجوية والبرية المتدهورة من خلال شراء أسلحة أجنبية.
بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، يُحظر على إيران شراء معظم أنواع أنظمة الأسلحة التقليدية من الخارج. ومع ذلك، من المقرر أن تنتهي هذه القيود في تشرين الأول 2020، مما يوفر لطهران فرصة لاكتساب بعض القدرات المتقدمة التي كانت بعيدة عن متناولها منذ عقود.