بصيص ضوء في نفق الأزمة
عمر عبد القادر غندور
بعد نحو 38 يوماً على انطلاق الحراك المطلبي باتت الصورة اليوم واضحة ليس فيها شبهة ولا شكّ ولا تأويل ولا تفسير إلا للذي لا يملك بصراً ولا بصيرة وفي سمعه وقر.
لا يختلف اثنان على انّ الحراك هو حركة جماهيرية مطلبية خرجت على النظام الفاسد والمفسدين والطغمة الحاكمة لاستعادة المال المنهوب ومحاسبة جميع المسؤولين الحاليين والسابقين، وجرت وتجري محاولات لاتخاذ المطالب المشروعة مطية لتحقيق أجندات خارجية بأدوات محلية، قبل أن يتبرّع جيفري فيلتمان ليعلن للبنانيين أنهم أمام خيارين: «إما الرضوخ للإرادة الأميركية في مسألة تشكيل حكومة تكنوقراط لا مكان فيها لحزب الله، تنفذ إملاءات رسم الحدود البرية والبحرية مع «إسرائيل» واستخراج النفط بمقاييس أميركية، وإنهاء فعالية حزب الله لأنه يشكل خطراً على الأمن القومي الاسرائيلي وضرورة إخراجه من المؤسسات الدستورية»، وكانت استقالة الحكومة الطلقة الإولى في هذه المحاولة، وإلا إغراق لبنان بالفراغ والفوضى والجوع…!
هذه الأهداف لم تعد سرية، وقال فيلتمان انّ اتصالات تجريها الولايات المتحدة مباشرة مع سياسيين لبنانيين ركبوا الحراك لتحقيق هذه الأهداف، واكد ذلك سفير روسيا في لبنان ألكسندر زاسيبكين فقال: تقوم أميركا بدور تخريبي وهي التي تفرض العقوبات الاقتصادية والمالية وتريد تسلق مطالب الحراك المحقة لتحقيق أهدافها.
في ضوء تعقيدات أزمتنا التي تتداخل فيها المطالب المحقة في ساحات الحراك والتدخلات الخارجية الصريحة، ربما يكون رئيس حكومة تصريف الأعمال مرغماً على اتخاذ مواقف هو شخصياً غير مقتنع بها كحكومة التكنوقراط غير القابلة للحياة، أو يخفي رغبة في عودته الى رئاسة الحكومة، أو هو فعلاً زاهد بالمسؤولية، أو هو لا يريد ان يكون جلاداً أو شاهداً على الأقلّ على قطع رؤوس الحرامية والمقرّبين من المرحلة الحريرية منذ العام 1992 في محكمة الشعب باعتبارها أكثر المراحل فساداً في تاريخ لبنان!
إلا أنّ ثمة أملاً بدأ يلوح في العناوين التالية:
ـ الحديث عن اهتمام عربي بضرورة الحفاظ على الكيان اللبناني الذي يختلف عن كيانات دول المنطقة.
ـ صمود رئيس الجمهورية وحلفائه في مقاومة الإملاءات الخارجية وتفهّمه لمطالب الحراك معلناً تأييده لها.
ـ بداية التراجع عن فكرة حكومة التكنوقراط والقبول بحكومة تكنوسياسية باعتبارها الخيار الواقعي القابل للتنفيذ.
ـ حرص حزب الله وبيئته التي تشكل ما يزيد عن ثلث الشعب اللبناني على السلم الأهلي ودرء الفتنة وتحمّل الاستفزازات والمضايقات وأهمّها قطع الطرق، وبالتالي رفضه لأيّ تغيير في السياسة اللبنانية وحرصه على دور المؤسسات الدستورية.
ـ ما قاله نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بعد عودته من مؤتمر الوحدة الإسلامية الـ 32 في طهران لوكالة «رويترز»: «نحن مع رئيس حكومة يترجم التفاهم والتوافق بين الأطراف الفاعلة وهذا يتطلب بعض الوقت بهدف تذليل العقبات ونتوقع ان يتمّ ذلك قريباً ولا نرى إشارات الى اقتتال طائفي في لبنان.
وبالتالي تدرك الولايات المتحدة الموازين في المنطقة وامتداداتها الإقليمية وانّ حربها المستجدّة على حزب الله ليست مفاجئة والمواجهات بينهما انتهت الى إمكنة تعرفها جيداً الولايات المتحدة، وانّ لبنان ليس ساحة فلتانة والأدوات الأميركية في الساحة اللبنانية أصغر من اللعبة، وانّ القوى الفاعلة في لبنان لا تفرّط بالسيادة الوطنية، وستعمل على تلبية حاجات المواطنين وتتناغم مع صرخات الناس المحقة عبر حكومة يجب الاتفاق والتفاهم على مواصفاتها.
رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي