المصيبة الأعظم
د. عماد عكوش
أعجب بالمسؤولين اللبنانيين كيف يحتفلون بالاستقلال، عن أي استقلال يتحدثون وبأي استقلال يحتفلون، وهم يتصارعون منذ ما يدعونه استقلالاً، مرة بالسياسة، ومرة بالسلاح، ومرة بقطع الطرقات، والأدوات هي الشعب اللبناني وكلهم يدّعون الوطنية ومحاربة الفساد.
فيا أيها الأدوات كفاكم أن تكونوا أدوات، فكيف لمفسد أن يحارب الفساد، وكيف لعاقل أن يصدق أنكم تتظاهرون وتقطعون الطرقات باسم الحق واستعادة المال المنهوب، والمتضرر الوحيد من هذه الإجراءات كلها هو المواطنون من ذوي الدخل المحدود، يعني أنتم، يا مدّعي الثورة ارحموا الناس، فأنتم مجرد أدوات يستعملونكم في الشارع لتحقيق مصالحهم، فقط مصالحهم.
فمتى كانت مصالح الناس مع هؤلاء الفاسدين الذين امتصّوا دماءكم عبر شركاتهم الاحتكارية، وشركاتهم التي وضعت يدها على أملاك الدولة بالقانون؟ وأيّ ثورة تقطع الطريق على مزارع، وتضرب تحية لفاسد عند مروره؟ أي صنف من البشر أنتم، كيف تحملون كل هذا النفاق في تصرفاتكم؟ الحق واضح اذهبوا إليه مباشرة وطالبوا بحقوقكم التي سرقها هذا الفاسد. الحق لم ولن يكون بلقمة عيش العامل الكادح، ولن يكون لدى الطالب الذي أقفلتم مدرسته لأكثر من شهر. أيّ نفاق هذا، وأنتم تحملون شعارات براقة لتغطية زعمائكم الفاسدين الذين أصبحوا يفاوضون باسمكم؟
أيها الثائر، أيها المطالب بإعادة المال المنهوب، هل تعلم أن حاكم مصرف لبنان يصرف ما تبقى من احتياطي العملات الصعبة على اللاجئين من كل الجنسيات، وذلك بأمر أوروبي وأميركي؟ هل تعلم أنّ لبنان قبل دخول اللاجئين السوريين كان يستهلك 450 الف طن من القمح الطري واليوم بعد دخول هذا اللاجئ أصبح يستهلك 900 الف طن وتبلغ قيمتها 6,2 مليار دولار؟ هل تعلم أن خزينة الدولة أصبحت فارغة إلا للمحظيين السياسيين الفاسدين، فيما الفقراء يبحثون عن لقمة عيشهم في حاويات القمامة بعد أن أقفلتم أبواب رزقهم؟ هل تعلم أن لتدخل الجيش والقوى الأمنية أصبح برنامج وهو آخر أسبوع من كل شهر حتى تقوم وزارة المالية بتأمين رواتبهم ومن ثم يعودون إلى وظيفة المراقبة من بعيد؟ إذا كنتم تعلمون فتلك مصيبة، وإذا كنتم لا تعلمون فالمصيبة أعظم.