كيف نُرتّلُ من الشيء أجمله؟

منال محمد يوسف

كيف نرتّلُ ترتيلة الحياة؟ وكيف نُرتّلُ من الشيء أجمله؟ كيف نختارُ لها الترتيلة الأمثل، ونرسمها بالرصاص والتلوين؟

نرسم ما يمكن أن تكون ترتيلتنا نحن، ترتيلة الشيء الجميل الذي نصنعه بإتقان ومحبةٍ، ولا نملُّ فنون الصناعة، صناعة ذواتنا، ولكن بطريقة مختلفة لا تقارب السابق من الأيام وسوابقه وإنما تقارب فنون الترتيل، وبعض مستحقات أمر لحنها، وتفصيلة الشيء الذي يقول: إن رتل المرء جمالاً، فهناك جمالاً ما سيُخلق، وتأتي بشائره، وتسطع أنواره، وتُحادث ألفة الأشياء كُلّها، تُحادثها محبةً، يحادثها باكتفاء الشيء إن دلّت عليه دلائله، وبزغت وميض أقماره، وميض الشيء الذي نريد أن نرتّله بعضه، أن نُرتّلُ من الشيء أسماه، رسالات مُشرقة الضوء في فعل كلمة أبهاه، كيف نرتّلُ ما ينبغي أن يُرتّلُ فعلاً؟ ذاك الشيء الذي نطمح أن يكون ترتيلة الشيء الجوهري الذي نريد الدوران من حوله، كيف نلّون قزحيتها حسب ما نشاء

ونصوغُ ترتيلة من نوعٍ آخر ونُرسل بمراكبها إلى الشطّ الأمثل، إلى حيث تتوقد جميع القناديل التي نتمنى توهجها، ونسألُ عن لغات تكون هي لسانُ حالنا ومسترسل الشيء الجميل في حياتنا، ومسترسل السؤال الذي يسأل: كيف نرتّل ترتيلة الحياة الخاصة بنا؟ كيف نرتّلها عملاً متميّزاً يفرض حضوره وحضورنا في آنٍ معاً؟ وكيف نرتّلها شعراً وأدباً يليقُ بما نطمح إليه؟ كيف نرتّل ذلك الشيء الجميل الذي ننتظره، ولا نملُّ انتظار بياراته أن تُزهر، لا نملُّ انتظار قزحية تكوينه أو ربّما قزحية الترتيلة التي نحتاج لبعض شمائلها، بعض سنبلها، وبعض الأوقات المستوحاة من تراتيل، حبذا أن نهتدي إليها، أن نستمسك ببعض عراها، ببعض الأشرعة التي تذكّرنا بها، وترتسم وكأنها الفاء السببيّة لحدوث هذه الترتيلة وتشكيل بعض ملامحها التي تتحدث عنا وكأنها تمثل الهويّة الفعليّة التي تشكّلت للتو، تشكّلت على شكل ترتيلةٍ ما.

ما زلنا نبحثُ عنها، نحاول أن نلملم بعض المعاجم الخاصة بها أو بنا، ما زلنا نبحث عن إشراقةٍ وعن ترتيلة ما، تشبه ذواتنا أو شيء من ذواتنا الملقاة على أي شطٍ. لا نعرف. الملقاة بين ضفتيْ ما نبتغي إيجاده، إيجاد ما دلّ على وجود إشاراته، وحاجيات الشيء الذي يشبّه بجوازم أمره، وعلائمه التي تلتحن بطيب قوله، وبطيب قولنا الفاعل المفتعل بهذه الترتيلة أو تلك، وهنا إلى ما نبتغي أن يعتمل بنا، ونعتمل من خلاله، من خلال جوازمه، جوازم الشيء الذي نعشق ونحبّ، بالتالي قد نُهذّب معزوفتها بلحنٍ ما، يترجم ما نحنُ عليه، وما يرام به تفكيرنا، وتُرام به تلافيف الذاكرة اللحظية أو الذاكرة التي تحفظ ماء وجه الأيام، تحفظ أنين الشيء المستقين حتى حدود الدهشة المُثلى، الدهشة التي تولّد لنا ترتيلة ما، توقظ بعض ورودها وتجعلنا نُطفئ ظمأ الأيام ببعض الرطب المشتاق، ببعض من نخيلها العذب..!

وبالتالي كيف نرتّل الشيء الذي نحتاج إليه؟

نحتاجُ إليه كمن هو واقع، وقعت بعض وقائعه، واستدار الشروق ولغته باتجاه ترتيلته، فتمجّد اسم الترتيلة بما رُتّلَ حقاً، وما سيُرتّل لاحقاً. وعلى حسب المقولة التي تقول: «رتّل من الشيء أجمله»، ورتّل من الكلام أوزنه وأبلغه، وبالتالي رتّل من عظمة الأشياء والآلام ما يليق أن يُرتّل فعلاً وأن يُصبح ترتيلة الحياة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى