شلهوب والجندي شهيدا قطع الطرقات يقرعان أجراس إنذار الفتنة… بانتظار الجيش الحريري ينتظر الإضراب الاقتصاديّ بعد قطع الطرقات لتعزيز موقعه التفاوضيّ

كتب المحرّر السياسيّ

ربما تكون من المرات النادرة التي يكون فيها المناخ الدولي أفضل من المناخ الداخلي، فقد انتهت جلسة مجلس الأمن الدولي المخصّصة لمناقشة الوضع في لبنان ببيان متوازن يدعو كل القوى اللبنا نيّة الى بدء حوار مكثّف لتجنب العنف، كما دعا المنظمات و المجتمع الدولي لمواصلة دعم لبنان، وشدّد مجلس الأمن على «ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات في لبنان»، داعياً الى «تشكيل حكومة تلبي مطالب اللبنانيين»، كما شدد على «ضرورة تشكيل حكومة لبنانية وفق الأطر والمهل الدستورية»، متلاقياً مع ما قاله السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسيبكين عن نصائح لمنظمي الحراك الشعبي بالابتعاد عن التعبيرات غير السلمية، وفي مقدمتها قطع الطرقات، والدعوة لاعتماد الطرق الدستورية في تشكيل الحكومة الجديدة عبر التوافق السياسي بين الكتل النيابية بمعزل عن أي ضغوط، خصوصاً من الخارج.

على خلفية هذا المشهد في نيويورك حذّر منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان ، يان كوبيتش من مغبة أن تتحوّل الصدامات بين المحتجين في لبنان إلى صراع طائفي، وحثّ جميع الجهات على ضبط النفس والتحكم بالمناصرين المؤيدين لتلك القوى، كي لا تصبح التظاهرات الوطنية وسيلة لتحقيق أجندات سياسية .

وتلاقى مع هذا المناخ ما قام به الموفد البريطاني ريتشارد مور الذي حمل نتائج اجتماع باريس الفرنسي البريطاني الأميركي، وجال على الرؤساء والمسؤولين محذراً من «مغبة أن تتحوّل الصدامات بين المحتجين في لبنان إلى صراع طائفي، وحثّ جميع الجهات على ضبط النفس والتحكم بالمناصرين المؤيدين لتلك القوى، كي لا تصبح التظاهرات الوطنية وسيلة لتحقيق أجندات سياسية .

وبعكس المناخ الدولي كان المناخ الداخلي يتجه نحو المزيد من التأزم، مع اعتماد رئيس الحكومة المستقيلة والمرشح الدائم لرئاسة الحكومة الجديدة، الرئيس سعد الحريري لخطة تجمع بين تشجيع الضغوط على رئيس الجمهورية وفريق الثامن من آذار، لتسريع الاستشارات النيابية قبل التوافق السياسي بين الكتل النيابية على شكل الحكومة وبرنامجها، مستعيناً بثلاثية، استخدام الحراك بالتعاون مع قوى الرابع عشر من آذار خصوصاً بفرض الإضراب بالقوة وقطع الطرقات، بغياب التدخل الرادع من الجيش والقوى الأمنية، ومعها تحريك الهيئات الاقتصادية للدخول على خط الضغط عبر إضراب مسيَّس لا وظيفة له في مواجهة التأزم الخطير الذي تعيشه القطاعات الاقتصادية، والذي يعبر عن ذاته بإفلاس شركات وإقفال مؤسسات، وصرف عمال وشيكات مرتجعة، أما الركن الثالث لخطة الحريري فيقوم على المناورة باستهلاك أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة، يتداولها مع أطراف ثلاثي التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله، ثم لا يلبث عندما تتبلور كخيارات جدية يبتكر لها سبباً للفشل، أو تسريباً للحرق.

الخطورة التي نتجت عن الخطة الحريرية ظهرت مع ما حدث على طريق الجنوب في منطقة الجية، حيث استشهد المواطنان حسين شلهوب وسناء الجندي، بسبب قطع الطرقات، وأدّى الحادث الى حالة غضب شعبي وسياسي وضع على الطاولة المخاطر التي يمكن أن تنزلق نحوها البلاد جراء المماطلة السياسية، طمعاً بالحصول على التنازلات. وقالت مصادر متابعة إنّها تأمل أن تكون البيانات الصادرة عن رئيسي تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بعد الحادث وبعد ما شهدته أحياء بيروت، تعبيراً عن قرار بوقف الاستثمار السياسي واستهلاك الوقت، على أن يترجم ذلك بالجدية في المباحثات السياسية سعياً للتوافق على حكومة تستطيع منع الأسوأ.

فيما ينتظر رئيس الجمهورية حصيلة المشاورات المكثفة بين الرئيس سعد الحريري وثنائي أمل وحزب الله قبيل تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، شهد الشارع جملة أحداث متسارعة، كان أبرزها الحادث الذي وقع أمس في الجية وأدى الى استشهاد المواطن حسين شلهوب والمواطنة سناء الجندي وجرح الفتاة نور شلهوب، ما خلق احتقاناً وتوتراً كبيرين في أكثر من منطقة، تطور الأمر ليلاً الى اشتباكات مسلحة بين تيار المستقبل وحركة أمل في منطقة الكولا وطريق الجديدة وقصقص وعائشة بكار وكورنيش المزرعة وشاتيلا والطيونة، بعد اعتداءات قام بها مناصرو المستقبل على المارة، ما لاقى ردة فعل من مناصري امل.

وبحسب معلومات ميدانيّة لـ «البناء» فإن «عدداً كبيراً من عناصر المستقبل مسلحة بأسلحة رشاشة تجول في أحياء الطريق الجديدة وقصقص بدراجات نارية وسيارات تقطع الطرقات وتعتدي على المواطنين حيث عملت على خطف مواطنين تحديداً في منطقة البربير والخاشقجي قبل أن تخلي سبيلهم». وتضيف المعلومات أن «هذه المجموعات تتحرّك بناء على أوامر المدعو طارق الدنى الذي يأخذ أوامره من محمود الجمل المسؤول عن مجموعات المستقبل، منهم عدد كبير من المخيمات الفلسطينية».

وكان مصدر عسكري نفى أن يكون الجيش أقام الحاجز الذي اصطدمت به سيارة الشهيد شلهوب ووصف خبراء عسكريون الحادث بالكمين المدبر من عناصر تابعة لقيادات حزبية، فيما رأت مصادر سياسية أن «الهدف من إشعال الشارع استدراج الفتنة لاستخدامها في السياسة لقطع الطريق على أي تسوية حكومية بين الحريري وعون وحزب الله وأمل أو تعطيل الاستشارت النيابية التي ينوي رئيس الجمهورية الدعوة إليها بمن حضر خلال اليومين المقبلين».

وأشار وزير الدفاع الياس بو صعب الى وجود عمل جدي كي نتمكن من تأمين الحد الأدنى من الأصوات في المجلس النيابي . وهناك جهد لتكليف رئيس يتمكن من التشكيل ونيل الثقة، وربما في الساعات المقبلة نصل الى نتيجة فنكون أمام تكليف قريب، مشيراً الى أنه بحسب المعطيات فإن «الحريري بات مقتنعاً أنه يمكن تكليف سواه لتشكيل حكومة».

وأكد بوصعب أن إقفال الطرقات لم يعُد مسموحاً لأنه سبّب خسارة الشهداء، مشدداً على أن الجيش اللبناني و القوى الأمنية ككل لا يمكنهم الانتشار على كل كيلومتر في لبنان، ولكن قرار فتح الطرقات اتخذ ويطبّق ولذلك فُتحت كل الطرقات صباحاً.

وأضاف في حديث للـ»او تي في» أن «الجيش يعالج موضوع الطرقات والمسؤولية عليه وعلى القوى الأمنية ، فدوره حماية المواطن وفتح الطرقات أيضاً وهذا سمعناه من رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش ولم يبقَ سوى التنفيذ، ولا يجب السماح للأقلية التي تقفل الطرقات استفزاز الناس وإيصالنا الى الخراب».

وقال تعليقاً على ما نُقل عن مستشار الحريري العسكري مارون حتي عندما تحدّث عن وضع قيادة الجيش بجوّ إمكانية التصادم بين الجيش وحزب الله: «نسأل مارون حتي بأي صفة تحدّث مع قيادة الجيش؟»، وأكد أن « وزارة الدفاع غير معنية ولا يمكن لأحد أن يجعلها معنية بسيناريو مماثل تنفيذاً لمآرب غير لبنانية».

وأكد رئيس مجلس النواب في تعليق له حول ما حصل في وسط العاصمة وعلى الطريق بين العاصمة بيروت والجنوب بأنه مدان بكل المقاييس حيث تعمدت لقمة العيش بالدم، فسقط الشهيدان حسين شلهوب وسناء الجندي، داعياً القوى الأمنية والجيش الى إبقاء أوصال الوطن سالكة امام اللبنانيين.

وأضاف: درءاً للفتنة التي نربأ بكل اللبنانيين على مختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، تجنب الوقوع بمنزلقاتها الخطرة، نجدّد الدعوة الى القوى الأمنية والجيش اللبناني بضرورة التشدد بإبقاء اوصال الوطن سالكة أمام اللبنانيين كل اللبنانيين مع المحافظة على الحق بإبداء الرأي تحت سقف القانون، وبما لا يمس بالسلم الأهلي وبأعراض وكرامات الناس كل الناس وبالممتلكات العامة والخاصة .

وكان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حمّل في بيانٍ الجيش والقوى الأمنية مسؤولية حماية المواطنين وحرية تنقلاتهم، وأمنهم وسلامتهم، واعتبر أن التساهل بالقيام بواجباتهم الوطنية على هذا الصعيد، يدخل البلاد في أتون الفتنة والفوضى العارمة، ويطالب الأجهزة المختصة بالإسراع في التحقيق وكشف ملابسات هذه الجريمة الإرهابية، ومحاكمة المجرمين القتلة وإنزال أقسى العقوبات بحقهم .

بدوره، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على تويتر قائلاً: إن قطع الطرقات من آية جهة كانت لا يمكن الا أن يؤدي إلى مشاكل وتوترات وسقوط ضحايا. إنني أدين ما حصل بالأمس في وسط بيروت أو على طريق الجنوب وأتقدّم بالتعزية لأهالي الضحايا. يجب الحفاظ على جميع الطرقات مفتوحة من أجل المواطن العادي الذي يجاهد في كل يوم من أجل لقمة العيش .

وجاء موقف جنبلاط بعد زيارة قام بها النائب غازي العريضي الى عين التينة، حيث التقى بري.

وكان مجلس الأمن الدولي دعا في بيان، الى الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات في لبنان .

أضاف البيان، الذي وافق عليه المجلس بالإجماع، خلال اجتماع عادي حول لبنان: إن الدول الأعضاء تطلب من جميع الأطراف الفاعلة إجراء حوار وطني مكثف والحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات، عن طريق تجنب العنف واحترام الحق في الاحتجاج من خلال التجمع بشكل سلمي .

وأشاد بدور القوات المسلحة اللبنانية وغيرها من المؤسسات الأمنية في الدولة للدفاع عن هذا الحق .

كما أكد مجلس الأمن أهمية أن تتشكل في وقت سريع حكومة جديدة قادرة على الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني واستعادة استقرار البلاد ضمن الإطار الدستوري .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى