اجتماع اللجنة المشتركة لأزمة الاتفاق النووي

أعلن الاتحاد الأوروبي، أول أمس، عن عقد اللجنة المشتركة للاتفاق النوويّ المبرَم مع إيران عام 2015، اجتماعاً في العاصمة النمساوية فيينا، في السادس من ديسمبر المقبل، لبحث كيفية الحفاظ على الاتفاق.

يأتي الاجتماع في ظل استمرار العقوبات الأميركية على إيران، ومع فشل المحاولات الفرنسية الأخيرة في تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران، بات السؤال المطروح، ما الذي يمكن أن يقدّمه الاجتماع للحفاظ على الاتفاق النووي؟

قال الاتحاد الأوروبي في بيان، إن مسؤولين من الصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا سيعقدون اجتماعاً مع إيران في فيينا في السادس من كانون الأول لبحث كيفية الحفاظ على الاتفاق النووي المبرَم مع طهران عام 2015.

وجاء في البيان أن «اللجنة المشتركة سترأسها هيلجا ماريا شميد، الأمين العام لجهاز العمل الخارجي الأوروبي وتحضرها الدول الثلاث الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بالإضافة إلى الصين وروسيا وإيران».

ويتزايد قلق الاتحاد الأوروبي من أن تتراجع طهران عن التزاماتها، وتكثّف تخصيب اليورانيوم. وحذرت ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر من أنه يمكن تفعيل آلية حل النزاع الواردة في الاتفاق إذا واصلت إيران السير في هذا الاتجاه.

مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إن «الاجتماع الأوروبي حول إيران هدفه تنسيق المواقف الأوروبية تجاه الخطوات المقبلة التي يمكن اتخاذها تجاه طهران، خصوصاً لو ثبت أنها تجاوزت الحدود الحمراء بخصوص الاتفاق».

وأضاف، أن «دول الاتحاد الأوروبي تعوّل كثيرًا على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حال ثبت أن إيران تجاوزت الخطوط الحمراء، وانتهكت بشكل فاضح بنود الاتفاق».

وتابع: «ذلك سيفرض على الاتحاد الأوروبي مقاربات جديدة عدة، من بينها الإعلان مثلاً عن عقوبات اقتصادية، أو التلويح بالانضمام إلى حزمة العقوبات التي تفرضها الإدارة الأميركية، أو بعث برسائل أخرى لإيران».

وعن هدف اللقاء، أضاف: «الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو تحديد موقف جديد لدول الاتحاد الأوروبي، انطلاقًا من المعطيات الإيرانية الجديدة، والتي تقول بحسب تقارير إعلامية محلية من طهران، ان إيران تلوّح بأنها حققت خطوات مهمة للحصول على السلاح النووي».

وأشار إلى أن «دول الاتحاد الأوروبي كما أميركا، لا تريد لإيران أن تضع استراتيجيتها في سكة الحصول على سلاح نووي، ومن هنا ستكون هناك رسالة حازمة لإيران، ولداعميها على المستوى الدولي».

في الوقت نفسه والكلام لا يزال لطوسة – هناك فكرة أن الأوروبيين يمكن أن يتراجعوا عن أي خطوة حازمة، خصوصاً أن هناك موقفًا إيرانيًا عبر عنه روحاني، يقول إن إيران قد تتراجع في أي لحظة وتعود إلى موقف احترامها للاتفاق النووي، إذا صدرت إشارات إيجابية من الاتحاد الأوروبي، هذا هو رهان اللقاء الهام، والذي سيحدد ملامح السياسية الأوروبية تجاه إيران.

وبشأن الموقف الأوروبي الموحّد، قال إن «الموقف الأوروبي تجاه طهران يمكن أن يسقط ضحية خلافات أوروبية، فهناك خلاف حاد بين ألمانيا وفرنسا في الحلف الأطلسي، بالإضافة إلى البريكست وموقف بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني القريب من موقف ترامب تجاه إيران أكثر من قربه من الموقف الأوروبي».

وأنهى حديثه قائلًا: «ليس هناك أي مؤشر ملموس يؤكد وجود خلافات بين هذه الدول، لكن كل المعطيات تقول بإن هناك نظرة مختلفة لباريس ولندن وبرلين وباقي العواصم الأوروبية تجاه الملف الإيراني».

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، عماد آبشناس، إن «هذه اللجنة لا تستطيع أن تفعل شيئًا في أزمة الاتفاق النووي، فلو كان بإمكانها إحداث فارق، لكانت تدخلت منذ فترة طويلة».

وأضاف في تصريحات، أن «الدول الأوروبية ليست لديها إرادة لاستخدام قواتها ومواجهة الولايات المتحدة الأميركية».

وتابع: «في حال غيّرت الدول الأوروبية مواقفها ودخلت في هذا الاجتماع، واتخذت قرارات تواجه فيها التصرفات العنجهية الأميركية، أتصور وقتها سيكون بمقدور هذه اللجنة التدخل وفعل شيء في الأزمة الراهنة».

وأنهى حديثه قائلًا: «في حال استمرت الدول الأوروبية في نهجها وتصرفاتها الحالية تجاه إيران والولايات المتحدة الأميركية، لن يكون للاجتماع أيّ فائدة، ولن يستطيع تحريك ساكن للأزمة النووية».

والأسبوع الماضي، أفاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران انتهكت بنداً آخر للاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى بتخزينها أكثر من 130 طناً من الماء الثقيل، الذي يستخدم في نوع من المفاعلات التي تطورها إيران.

وقالت الوكالة، في تقرير للدول الأعضاء اطلعت عليه «رويترز»، «أبلغت إيران الوكالة يوم 16 نوفمبر 2019 أن مخزونها من الماء الثقيل تجاوز 130 طناً».

وأضافت «تحققت الوكالة يوم 17 نوفمبر 2019 من أن منشأة إنتاج الماء الثقيل في حالة تشغيل وأن مخزون إيران من الماء الثقيل بلغ 131.5 طناً مترياً».

وأعلنت طهران بدء تخصيب اليورانيوم في محطة «فوردو» بنسبة تصل إلى 5 ، في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، مشيرة إلى أنها قادرة على القيام بذلك، وحتى مستوى 20 .

ولفتت طهران في وقت سابق، إلى أن هذه الخطوة قابلة للعودة في حال تراجع الطرف الآخر عن موقفه من خلال تنفيذ تعهّداته بموجب الاتفاق النووي.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد أعلن في الـ 8 من أيار 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015، ، لتردّ طهران بعد عام واحد بالضبط، واصفة تلك المدة بـ «الصبر الاستراتيجي».

واتفقت إيران ودول غربية والولايات المتحدة عام 2015، على خطة عمل شاملة مشتركة حول البرنامج النووي الإيراني، المعروفة بالاتفاق النووي، والتي انسحـــبت منها أميـــركا بذريــعة «ثغرات» يمكن أن تسمح لطهران بالإقدام على صنع قنبلة نووية من دون «انتهاك الاتفاقية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى