… ومصر لا بواكي لها
ثروت الخرباوي
ها هي الجماعة الإرهابية تضع القنابل في كل مكان، فتقتل الضباط الأبرياء والمواطنين الذين خرجوا من بيوتهم يسعون إلى أرزاقهم، فماذا سيقول قادة الطابور الخامس وهم يرون الدماء تسيل حولنا؟ ماذا سيقولون عن قتل العميد طارق المرجاوي رحمه الله؟ وكيف سيبرّرون هذه العمليات الخسيسة شرعاً؟! هل سينطق فهمي هويدي؟! هل سيتكلم طارق البشري؟! هل سيحتجّ حسام الغرياني؟! هل سيشجب زغلول النجار؟! هل سيصدر محمد عمارة بياناً يرفض فيه القتل باسم الدين؟! وهل سيصاب حسن نافعة بالأرق؟! وسليم العوا بالندم، وزكريا عبد العزيز بالفالج من جراء الغضب؟! لن يتحرك أحد وسيصنعون أذناً من طين وأخرى من عجين، وسيضعون أصابعهم في آذانهم كي لا يسمعوا شيئاً، لن يكتب أحدهم يوماً موجهاً كلامه لإخوانه في تنظيم «الإخوان»: لأجل الله ورسوله لا تحرقوا مصر، أتعرفون لماذا سيتغافلون: لأنهم أكبر أدوات داعمة للإرهاب، وأكاد أراهم في مرابضهم وهم يتحلقون حول كبيرهم الذي علّمهم الإرهاب وهم يضحكون فرحاً عقب كل مقتلة ويقولون: ويح مصر كلها، أما نحن فسنقول لهم: أخزاهم الله وتعساً لهم، اللهم أضلّ أعمالهم.
هؤلاء لا وطن لهم، هؤلاء وطنهم هو «التنظيم»، هو جماعة «الإخوان»، ثم من بعد ذلك مصلحتهم، فهم كهنة، تحدثوا باسم الدين ليغنموا دراهم معدودات. سليم العوا جمع ملايينه أو قل ملياراته باسم الدين، وزغلول النجار كذلك، وحين تنافسا ظهر المسروق، فهم أصحاب بضاعة واحدة وجمهورهم واحد، وقلوبهم شتى. هي دنياهم التي يبحثون عنها لا مصر، هي أرصدتهم يسعون لتنميتها لا مصر، هؤلاء هم شرّ الأرض وشرّ من يدبّ عليها.
… ومن عجب أن محمد عمارة لا يزال مسؤولاً عن مجلة «الأزهر»، يضع فيها إرهابه وتزمّته وضيق خلقه وانفلات فكره، والأزهر إن حدثته عن هذا الأمر لن تسمع إلاّ صدى صوتك! وحسن نافعة لا يزال يقدم مبادراته، وأميركا من خلفه. ألم يخرج بيان من البيت الأبيض يدين حادث قتل العميد المرجاوي وما حدث في محيط جامعة القاهرة من إرهاب، وفي آخر البيان طلبت أميركا من الحكومة المصرية أن تتعاون مع جماعة «الإخوان»! أيتعاون القتيل مع القاتل؟! يا له من بيان كشف عن تلك الدولة البغيضة التي تدعم الإرهاب وتموّله، فإذا وقعت عمليات الإرهاب على التوالي وأزعجت الشعب كله، فكان لا محيص من أن ينتهي هذا الإرهاب، ساعتها تطلب أميركا من النظام والشعب المقتول أن يقبل أن يكون شريكاً لجماعة الإرهاب في الحكم.
مع ذلك، العيب كل العيب على الحكومة الضعيفة التي تخشى إلى الآن عيون الغرب، وعيون أميركا، فأصبحت تواجه «الإخوان» كأنها تطبطب عليهم. رأت الحكومة جامعة الأزهر وقد تحولت إلى وكر للإرهاب ومخزن للأسلحة، فلم تفعل شيئاً حيال ذلك، واختبأ وزير التعليم العالي في جلده من الخوف، فمنع الشرطة من دخول الجامعة للقبض على الإرهابيين، وكذلك سار رئيس جامعة الأزهر على النحو نفسه، وفي جامعة القاهرة كان الأمر أنكى وأشدّ، ووزير الداخلية يقاتل العدو الخفي، أيلقاها من منظمة أمنية اخترقها «الإخوان» بالمال، أم يلقاها من إرهابيين لا علم له بهم ولا بأدواتهم، ورئيس الوزراء لا حول له ولا قوة، أو قل لا مشيئة له ولا رغبة! كلٌّ يخشى على نفسه، ومصر لا يخشى عليها أحد، كلٌّ يبكي على نفسه ومصر لا بواكي لها.