البنتاغون يتحمّل تداعيات «أقواله»؟
روزانا رمّال
أكد الادميرال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أنّ الطيران الحربي الإيراني شنّ غارات على مواقع لـ«داعش» في شرق العراق، معتبراً أنّ هذا الأمر تقرّر بشأنه الحكومة العراقية.
لا يمكن لوزارة الدفاع الأميركية ان تبث أخباراً عبثية تتعلق بالشرق الأوسط في هذا التوقيت بالذات، وتحديداً في ما يخص مكافحة الارهاب ومشاركة التحالف الدولي وما يحيط بالعمليات العسكرية التي يقوم بها في سورية والعراق من تأويلات.
يعرف المسؤولون العسكريون في البتاغون أنّ خبراً من هذا النوع له اهداف ورسائل متشعّبة الاتجاهات، وهو الذي تزامن مع بدء الانفراجات في العلاقة الاميركية ـ الايرانية، وبدء التنسيق الجدي لحلّ الملف النووي، وبالتالي فإنّ محاولة الولايات المتحدة اليوم لتقبّل مشاركة إيران في مكافحة الإرهاب بعدما سعت إلى عزلها عن أيّ مؤتمر لمكافحة الإرهاب أو أيّ عمل أمني مشترك لمكافحته سابقاً، تصبّ اليوم في خانة إرسال رسالة شديدة الوضوح الى حلفاء واشنطن من أتراك وسعوديين، مفادها أنّ إيران جدية في مكافحة «داعش»، وأنها بالنسبة لنا حليف جديّ في العنوان العريض لمكافحة الإرهاب في هذا العالم.
يكشف عسكريون تابعوا سير عمليات التحالف الدولي في الشرق الاوسط منذ انطلاق عملياته العسكرية بأنها ليست المرة الأولى التي تقصف فيها الطائرات الإيرانية أهدافاً لـ«داعش»، مضيفين «انّ التنسيق الإيراني ـ الأميركي حدث أكثر من مرة لأنه يستحيل أن يخرج طيران حربي من دون تنسيق مع الطرف الآخر الذي يحلّق طيرانه في الأجواء نفسها، وإلا قد تحدث كارثة حقيقية جراء هكذا تجاوز، وإذا كان هذا التنسيق قد حصل مع سورية فلماذا لا يكون قد حصل مع إيران؟
من الواضح أنّ واشنطن تودّ بناء أرضية واضحة تحاكي من خلالها التعاون المباشر او الغير المباشر المستجدّ مع طهران في غير موضوع وفي تسهيل تمريرها او تسويقها كشريك مستقبليّ في استحقاقات عدة ينتظرها في الشرق الاوسط، كما تقول من خلالها لحلفائها الخليجيين وأبرزهم السعودية، انها قد لا تكون بحاجة إليهم كما كان الوضع سابقاً، إلا انّ هذا لا يمنع انّ الأمر يحتمل النوايا الايجابية ومعها السلبية والخبيثة تجاه ايران.
فالايجابية تكمن في اعتبار إيران الحليف الحقيقي الفعّال في الحرب على «داعش» بالنسبة إلى أميركا، وهي التي سبقت هذا بالإشادة بتسليح إيران للبيشمركة وقوات النخبة العراقية.
اما السلبية فتحتلّ حيّزاً أساسياً في قراءة المعطيات، خصوصاً عند الذين يتوجّسون شراً من كلّ ما تقدم عليه أميركا، باعتبار أنّ لديها خطاً خلفياً دائماً تعمل على أساسه، قد تلحق فيه الولايات المتحدة الأذى بالإيرانيّين، وتعقد الأمور من خلاله على صعيد الاحتقان الطائفي في المنطقة، خصوصاً أنّ إعلان البنتاغون جاء متزامناً مع عملية إرهابية استهدفت السفارة الإيرانية في صنعاء، ومن هنا يمكن تفسير أنّ المجموعات الإرهابية قد تستهدف إيران ومصالحها أكثر فأكثر، خصوصاً أنها تدعم بوضوح سورية والعراق في حربهما ضدّ الإرهاب، وهي تعرف أنّ هناك ثمناً لهذا الدعم، وأنّ الأمر ينطوي على خطورة تكمن في أن تعمل المجموعات الإرهابية وداعميها على استثارة العصبيات المذهبية والطائفية ضدّ إيران، وهذا لا يغيب عن بال الأميركيين أيضاً كونهم أصحاب نظرية قد توضح المقصود أكثر، وهذه النظرية تقول إنه «لا يمكن قتال داعش الا بقوة» سنية فعّالة»، ما يعني أنه إذا كان هناك من يعرف خطورة الأمر وحساسيته الطائفية فلا يمكن له أن يعلن أنّ قوة شيعية تضرب «داعش» او تحاربها، فلماذا حصل الأمر الآن؟
الأكيد ان البنتاغون يتحمّل مسؤولية ما «يقول»، والأكيد أيضاً أنّ أيّ وفاق بين الولايات المتحدة وإيران لا يمكن ان يوقف الحرب الباردة بينهما، او يوقف استهداف أحدهما لمصالح الآخر في أيّ مكان من العالم، طالما هذا يضمن ان لا يُتوَّج منتصر ولا يُعلن عن مهزوم في الشرق الاوسط…
يعرف البنتاغون انه كباش ايراني ـ أميركي طويل… ويعرف أيضاً انّ عليه تحمّل تداعيات «أقواله».
«توب نيوز»