عبد العال: القدس خط أحمر وستفجر كل فلسطين إذا تم الاقتراب منها
حاوره محمد حمية
في زمن التمادي «الإسرائيلي» في استباحة فلسطين المحتلة وانتهاك حقوق الانسان وإعلان يهودية الدولة، وفي ظل انشغال الدول العربية بأزماتها وفي مواجهة الموجات الإرهابية والتكفيرية، تبقى المقاومة الفلسطينية شعلة مضيئة في الميدان لإعادة بوصلة الصراع إلى القضية المركزيّة ومعها محور إقليمي لم يقصّر يوماً في دعمها ونصرتها.
أسلوب جديد ابتدعته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في العمل المقاوم عبر عملية القدس النوعية، نقل الصراع من قطاع غزة إلى القدس وكل فسطين، استتبعته إيران بدعوة من مرشد الجمهورية السيد علي الخامنئي إلى تسليح الضفة الغربية.
فما هي أبعاد هذه العملية وهل سنشهد انتفاضة ثالثة في الضفة، ماذا عن المصالحة الوطنية؟ وكيف تنظر الجبهة الى الأزمة السورية والوضع في المخيمات الفلسطينية في لبنان؟
ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان مروان عبد العال يجيب عن هذه الأسئلة وغيرها في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، أكد فيه أن «عملية القدس جاءت لتكون مسماراً في نعش اعلان الدولة اليهودية». وإذ أكد أن القدس هي عاصمة فلسطين، اعتبر عبد العال انها خط احمر وستفجر كل فلسطين اذا تم الاقتراب منها.
ورأى عبد العال أن مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران الإمام علي الخامنئي يحاول دائماً ان يصوب بوصلة الصراع، والعدو الصهيوني يحاول ان يحصر مساحة الصراع في غزة ولكنه حقيقة يستهدف كل المشروع الوطني الفلسطيني والجوهر منه هو مدينة القدس، كما يريد أن يزرع في غزة لكي يحصد في القدس، وهنا جاءت دعوة الإمام الخامنئي ليقول للعدو إن مساحة المعركة التي لعبت ايران دوراً كبيراً فيها من خلال التمويل ودعم ورفد المقاومة في قطاع غزة، هي ليست القطاع فقط، بل كل فلسطين، وما يحصل في الضفة هو مقاومة شعبية مسلحة وهناك ارداة قوية في الضفة لديها الإمكانية للقتال في اي سلاح فكيف لو حصلت على سلاح متطور».
وأكد عبد العال ان «التزام ايران بالقضية الفلسطينية هو التزام استراتيجي وكل محاولات تشويه المواقف الايرانية تصب في خانة العدو الصهيوني والمصالح الامبريالية التي تنظر الى المنطقة كلها كحقل نفط تريد السيطرة عليه وتقاسمه».
وعن كثافة تصريحات المسؤولين العسكريين والسياسيين الإيرانيين عن فلسطين، أضاف: «سببه عاملان: الأول المفاوضات التي تجري حول الملف النووي، فإيران يمكن أن تمتلك القنبلة النووية فيما لو تخلت عن القضية الفلسطينية، وهذه التصريحات تأتي تأكيداً لمسألة أساسية ان فلسطين جوهرة التاج في الثورة الاسلامية الايرانية، والأمر الآخر هناك من لعب على مفاهيم تغيير هويتنا وتمزيق كامل للمجتمعات العربية على أساس مذهبي وديني، وبالتالي إظهار ان القتال في سورية او في العراق او في اي مكان له أولوية على الصراع مع العدو الصهيوني، فتأتي هذه التصريحات لتركز على جوهر الصراع أي مع العدو الصهيوني ولتذكر أن هناك كرامة ومقدسات تنتهك لا سيما في القدس».
وعن موقف الجبهة من تسليح الضفة قال عبد العال: «نحن مع تسليح الضفة والصراع مفتوح مع هذا العدو ويجب ان نمتلك كل اشكال القوة بما فيها التسليح وفي الضفة وفي كل مكان فيه عدوان».
وعن عملية القدس الأخيرة والتوقيت والسلاح الذي استخدم والمكان، قال: «السلاح الأول الذي توفر هو سلاح الارادة وهؤلاء الشهداء تربوا في مدرسة الجبهة الشعبية وفي المنظمة الحزبية لدينا في القدس، أما المكان فهو دير ياسين أي مكان مجزرة 250 شهيداً الذين رميوا في البئر في عام 1948 والمكان المستهدف هو معهد تلمودي يقوده احد حاخامات حزب شاس رأس الحربة في الاستيطان في القدس والذي يعتبر أن العرب ليسوا بشراً بل هم عقارب. لذلك أتت العملية لتكون مسماراً في نعش إعلان الدولة اليهودية، ولرسم خطوط حمر حول القدس ليس قولاً بل بالفعل، وهؤلاء الشهداء رسموا الخطوط الحمر حول القدس بدمائهم، والتدبير كان فردياً ولكن الخط الاستراتيجي لدينا هو مقاومة هذا العدو بما ملكت أيماننا».
وتعليقاً على تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي انتقد العملية اعتبر ان «هذه التصريحات لا تخدم القضية الفلسطينية، والفلسطينيون يئسوا من تلك التصريحات وكل شباب فلسطين والعرب والأمة شعروا بأن هذا العمل يمثلهم».
وعن دور الجبهة بعد هذه العملية لفت الى ان «الأهداف التي وصلت إليها الجبهة الشعبية في عملياتها لم يصل اليها اي فصيل مقاوم، والقدس لنا ساحة فيها ووصلنا الى رحبائيم زائيف الوزير العنصري المتطرف في فندق ريجنسي بالاس والجبهة الشعبية تنظيم اصيل في المقاومة وشعبنا ليس لديه خيار إلا المقاومة وقدرنا المقاومة».
وإذ وصف عبد العال المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية بـ «طبخة بحص»، اعتبر انه و«كأن هناك شيئاً مستمراً اسمه عملية المصالحة وليس لها نهاية وكأنها هي هدف الشعب الفلسطيني، ونحن مع الوحدة الوطنية ووجود استراتيجية واحدة متعددة متكاملة من أجل مواجهة الاحتلال، ولكن عندما يكون عنوان المصالحة كيفية توزيع السلطة والادارات والوزارات والرواتب وعندما يغيب عنها السقف السياسي العام الناظم سنبقى نكرر انفسنا لأن وظيفة العدو إشغالنا وإدخالنا في مسائل غير أساسية».
وأضاف: «هناك خلافات في المصالح بين فتح وحماس ودخول أجندات خارجية على هذا الموضوع وهم مستفيدون من بقاء الانقسام، ولا بد من وجود سياسة فلسطينية جديدة، وما يحصل في القدس يستوجب ذلك، وعندما يكون الوطن فوق السلطة اعتقد ان المصالحة تتم، و«اسرائيل» تعمل لنتقاتل من اجل السلطة وليس من أجل الوطن لنأخذ نحن السلطة وتأخذ هي الوطن».
وفي رده على سؤال اذا كان الذهاب الى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية يقيد عمل المقاومة أم يعمل على تظهير القضية والحقوق الفلسطينية في العالم، قال: «الذهاب الى الامم المتحدة جزء من استراتيجية فلسطينية وليس الخيار الوحيد، ونريد عزل «اسرائيل» الذاهبة الى إعلان عنصريتها، وأحد المعارك هو الدخول الى جميع الأروقة الدولية، وما يحصل في أوروبا الآن هو نتاج تغيير في الرأي العام لأن كل ما صدر من قرارات صدر من البرلمانات، والمقاومة هي التي فرضت هذا الرأي، الذهاب إلى الأمم المتحدة خطوة ناقصة اذا لم يكملها مقاومة على الأرض».
وعن التهويد الزماني والمكاني للمسجد الأقصى أوضح أن «إسرائيل» أمام إشكالية هوية وما يدل على ذلك هو انه بعد ستين سنة يطرح الصهاينة «قانون الأساس» الذي يعرف دولة «اسرائيل»، فما الذي منعهم من التعريف عن ذلك خلال هذا الوقت؟ وهم يعتبرون انه لا يمكن قيام دولة يهودية من دون القدس ولا يمكن ضم القدس من دون الهيكل الموجود في المسجد الأقصى حسب مزاعمهم المزيفة، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري يقول عن القدس إنها المنطقة المختلف عليها، فكيف تحولت القدس من جوهر الصراع الى منطقة مختلف عليها! فهذا احتيال اميركي للقول انه يمكن تقسيمها، ولكن القدس هي عاصمة فلسطين وخط أحمر وستفجر كل فلسطين اذا تم الاقتراب منها، وإعلان يهودية الدولة «الاسرائيلية» هو تحويل العرف الى قانون ولها تأثير سلبي على حق العودة وعلى موضوع القدس وعرب الـ 48».
وعن وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان قال: «المخيمات مستهدفة لأنها شاهد على النكبة، وما يحدث الآن من دخول بعض الإرهابيين اليها هو احدى هذه الاستهدافات، ومنعنا الكثير من المحاولات التي أرادت تحويلها الى خاصرة رخوة في القلب اللبناني وفي السياسة الفلسطينية العليا دائماً ننحاز إلى الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، ونتعاون مع الجميع لتدارك هذا الخطر الإرهابي لأن المسألة أكبر من المخيم، وجهات عديدة ممولة خارجياً عابرة للحدود لها تأثير في المخيمات التي لن تكون بيئة حاضنة للارهابيين، والقوى الأمنية في المخيم تنسق مع الجهات الأمنية اللبنانية، لأن ضرب الأمن اللبناني هو ضرب للأمن الفلسطيني ومضر للمخيم».
وتطرق إلى الأزمة السورية معتبراً انه «حتى الآن مع نهاية الأزمة اتضحت اهداف الحرب على سورية، متسائلاً: «هل يمكن هذه التنظيمات ان تكون مصدراً للديمقراطية او الحرية؟ وفكرة الدولة الدينية بهذه الطريقة هي ضد الدين في الأساس، ألم يظهر أن الاستهداف هو تمزيق الشخصية الجماعية؟ وسورية مستهدفة بانتمائها القومي والعربي، والنظام في سورية استطاع الصمود، وانكشاف أهداف هذه التنظيمات أعطى النظام قوة واحتضاناً شعبياً»، موضحاً أن «سورية هي ضمن محور كامل وهي عمود رئيسي فيه وسقوطها يعني سقوط منطقة بأكملها».
ولفت عبد العال إلى انه «ومنذ بداية الأزمة ونظرة حزب الله كانت هي عدم الدخول الى الصراع السوري الداخلي وكان همه حماية ظهر المقاومة، وسورية أحد شرايين هذه المقاومة ويراد فتح أحد الأبواب لخنقها وهذا يخدم «إسرائيل» ولا يمكن أن تبقى المقاومة متفرجة حتى يصل الخطر إليها، وهذا الخطر ليس مسلحاً بالسلاح فقط بل بايديولوجيا تكفيرية».
وعن أهداف ما سمي «الربيع العربي» قال: «الربيع الحقيقي هو الذي ينصف الشعوب العربية في معاداتها للعدو «الإسرائيلي» ولأميركا وللأنظمة والرجعيات العربية التي تسيطر على مقدرات الأمة والتي تعطل إزالة هذا الكيان الصهيوني، والربيع الجميل هو الذي يزهر في فلسطين لأن كل مفصل الصراع الذي يجري في المنطقة أساسه فلسطين، ولو كانت سورية بعيدة من فلسطين لما حدث فيها شيء».
يبث هذا الحوار كاملاً الساعة الخامسة من مساء اليوم ويعاد بثه الساعة الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» التردد 12034.