الجزائريون ينتخبون اليوم رئيسهم المقبل
فجّر جدل الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية في الجزائر المرتقبة اليوم الخميس، صراعاً غير «أخلاقي» بين الثنائي، المرشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، ومنافسه علي بن فليس، إذ يتهم الأول الثاني بممارسة العنف، فيما يتهم بن فليس الرئيس المرشح بالتحضير للتزوير، ما جعل الجزائريين يقبضون أنفاسهم على وقع اليوم الموعود، الذي أصبح موعداً يحرك هواجس الصدام في الشارع بين الجزائريين.
فتزايد قرع الطبول من قبل المرشحين للرئاسة، وتكررت هواجس الخوف من التزوير، ومن مشاهد العنف أيضاً، وهي كلها مؤثرات ترمي بظلالها على المشهد الانتخابي المبرمج نهاية الأسبوع الجاري. لقد هزم «السبّ» و«القذف» و«العنف»، البرامج والحلول والبدائل، فكادت الحملة الدعائية أن تكون مشجباً لـ «نشر الغسيل»، بينما انتظرت الغالبية المسحوقة، كلاماً معقولاً ومعسولاً، يعزز الوحدة ويجنب البلاد والعباد التفكك والفتنة.
فوضى خلاقة
وأظهرت مجريات الحملة الدعائية، وما تخللها من مناوشات واشتباكات بين أنصار الرئيس المرشح وخصومه من أنصار بن فليس، أن شعرة معاوية قد تقطع وتتحول معها أحاديث التهديد والوعيد إلى أعمال عنف وفوضى، وكشفت ذلك تصريحات بن فليس الذي دعا صراحة إلى التظاهرات والفوضى في حال خسر الانتخابات، يكون حجة تفجيرها لعب مزعوم بالأصوات والتزوير، خصوصاً أن لجنتي المراقبة والإشراف على الانتخابات غير مكبلة الأيدي، على رغم قانون انتخابي مقيد على أكثر من صعيد.
وأظهر بن فليس خلال الحملة قبل الانتخابات أن التزوير حاصل لا محالة، ولمصلحة بوتفليقة، فهل ينطلق من تجربته في رئاسيات 2004 التي صرح بعد صدور نتائجها بأنه كان «ضحية تزوير»؟ أم أن بن فليس بصدد رفع رسالة إلى جماعة الرئيس والعصب التي تدعم ترشحه في السلطة، مفادها أنه لن يكون مهادناً معهم هذه المرة لو نجح بوتفليقة؟ ولكن هل يحمل التحذير تهديداً غير مباشر بتحريك الشارع؟
شراسة المنافسة
هذا المشهد الساخن للرئاسة الذي نتج بسبب شراسة المنافسة الانتخابية، استقطب ملايين الجزائريين، وحوّل المشهد الانتخابي من استحقاق بارد إلى منافسة ساخنة، ترقبها زهاء 40 مليون جزائري في الداخل والخارج، لكن الرهان القائم يبقى في مستوى المشاركة الشعبية، وسط إشاعات وبلبلة وإرباك وتخويف «مما هو آت»، وحتى إن كان الاختلاف رحمة، فإن تأويلاً وضغطاً وتهويلاً، أربك هؤلاء وأولئك، ونقل الهلع إلى مواطنين يحبّون ويتمنون كل الخير لهذا البلد الآمن.
ما جرى في الحملة الانتخابية، جاء ليؤكد أن لا شيء حُسم، بل على العكس، أثبتت الحملة الدعائية أن أمر 17 نيسان لم يُحسم، فلقد كانت حملة بمرشح غائب عن الصورة بسبب المرض… فللمرة الأولى في تاريخ البلاد يغيب مرشح عن تنشيط حملته، إضافة إلى أن الرجال الستة الذين ينوبون عن بوتفليقة في الحملة، وهم رئيس الحملة عبد المالك سلال، ووزير البيئة عمارة بن يونس، ووزير النقل عمار غول، ورئيس الغرفة الثانية للبرلمان عمار سعداني، ورئيسا الحكومة السابقان عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيي، تعرضوا للمضايقات في عديد المحطات التي نشطوا فيها تجمعات، وهو ما يدل على أنهم يواجهون منافساً استطاع تعبئة قسم من الشارع ضدهم.
غليان شعبي
ويؤكد محللون أنه قد تكون اتهامات قيادة أركان بوتفليقة لأنصار بن فليس بممارسة العنف صحيحة، وقد تكون مجرد هروب من الواقع وتغطية الشمس بالغربال، لكن الحقيقة التي يجب ألا تخفى على أحد، أن ثمة في الساحة من الغليان وأسباب الغضب ودواعيه، ما يدفع الجزائريين إلى الانفجار والاحتجاج، وليس فقط التشويش على تجمعات الرئيس المرشح لخلافة نفسه… وهذه هي الرسالة التي يجب أن يفهمها الجميع، ويتصرف على ضوئها لتجنيب إدخال الجزائر في دوامة من العنف ذاقت مرارتها خلال العشرية السوداء.