يداً بيد ضدّ الجيش اللبناني
روزانا رمّال
منذ أيام قليلة حلقت طائرات استطلاع «إسرائيلية» فوق بلدة ومطار رياق في البقاع، وتحديداً يوم 4 كانون الأول 2014، وخرجت قيادة الجيش ببيانٍ مفاده أنّ فوج التدخل الثاني في الجيش اللبناني أطلق المضادات الأرضية على طائرة استطلاع من دون طيار كانت تحلق فوق مطار رياق العسكري لتتضح الصورة أكثر.
إنها ليست المرة الأولى التي تخرق فيها الطائرات التجسّسية الحربية المجال الجوي اللبناني بالتأكيد، لكنّ ردّ الجيش على هذه الطائرات ليس دائماً بنفس الوتيرة، فهو لا يردّ بالمضادات في كلّ مرة على هذه الطائرات التي أصبح خرقها للأجواء اللبنانية شبه دائم، في كلّ مرة يحلو لـ«إسرائيل» الاحتفاظ ببنك معلومات جديد.
والملفت أنّ الطلعات الاستطلاعية الجوية «الإسرائيلية» توالت في نطاق المنطقة نفسه، أيام 2 و 3 و 4 كانون الأول، حيث ردّ الجيش اللبناني حينها بمضاداته.
بالمراقبة وتوثيق العمليات الأمنية، تعرض الجيش اللبناني، فوج الحدود البرية الثاني، في تلة سيل في جرود رأس بعلبك، في 2 كانون الثاني إلى كمين، وأعلنت قيادة الجيش في بيان حينها عن استشهاد 6 عسكريين وإصابة آخر بجروح غير خطرة.
الجهة التي استهدفت الجيش اللبناني كانت «جبهة النصرة»، فالجهة التي ترصد و تلاحق الجيش اللبناني هناك هي «النصرة» تحديداً، وعليه يلفت نجاحها في هذه الكمائن ويأخذ إلى السؤال حول طبيعة عملها وقدرتها على الرصد، و تحديداً رصد تحرك آليات الجيش اللبناني في المكان والزمان. وهذا يستدعي فتح باب الاحتمالات أمام تنسيق بين أحد الأجهزة و«جبهة النصرة» مباشرة. وعليه، وتزامناً مع ما سبق من عرض لاختراق أجواء البقاع اللبناني من قبل طائرات التجسُّس «الإسرائيلية» في هذه المرحلة الدقيقة والتوتر الأمني هناك، يصبح السؤال أولاً : هل يمكن أن يكون هناك تنسيقاً بين «النصرة» وإسرائيل»، خصوصاً بعد ثبوت ذلك في عمليات القصير الشهيرة، وما بقي من مخلفات العدو كدليل إلى ما هنالك من أمور؟ الجواب هو نعم بالتأكيد، وقد أعلن «الإسرائيليون» ذلك، ووصل الأمر بوزير الدفاع «الإسرائيلي» موشيه يعالون إلى مديح «النصرة» بنفي صفة الإرهاب عنها وإقامة إسناد ناري لها في معارك القنيطرة ضدّ الجيش السوري، وهذا ما قاله يعالون بالتفصيل، في 16 تشرين الأول: « داعش غير موجود على الحدود في الجولان، والجهة التي تسيطر على الحدود هي ميليشيات موالية للجيش السوري الحر، مع وجود في أجزاء من الحدود لجبهة النصرة، لكنّها التيار الأكثر اعتدالاً في تنظيم القاعدة، وليس سراً أنّ الجهات التي تسيطر على الحدود منتفعة من المساعدات التي تتلقاها من قبل إسرائيل، وليس سراً أننا نوفر لها العلاج الطبي والحليب والغذاء للرضع ومعدّات وبطانيات تقي برد الشتاء، لكن كل هذا يأتي في سياق الشرط القائم، وهو أن يمنعوا التنظيمات الأكثر تطرفاً، من الوصول إلى الحدود». وما يجوز في سورية، يجوز حتماً في لبنان إذا تقاطعت الأهداف.
والسؤال الثاني: هل لطائرات الاستطلاع وظيفة حربية ؟ بالتأكيد، فهي تقوم بالتصوير وبث الصور بشكل فوري، في خدمة عملية يجري التحضير لها أو هي في صدد التنفيذ. ووفقاً لخبرة المقاومة وقراءة مصادر عسكرية، فإنّ مستوى تحليق الطائرة فوق رياق كان منخفضاً إلى درجة أنّ المضادات الأرضية للجيش أطلقت عليها نيرانها، وهذا يعني تصويراً حياً وبثاً مباشراً لمهمّة قيد التنفيذ، وهي حالة تكرّرت لمسارات الدوريات والوحدات التي تشكل رياق قاعدة انطلاقها، ومنها اللواء الثاني الذي تعود إليه الدورية المستهدفة.
السؤال الثالث: هل كانت العملية ناجحة ومدروسة ومحضَّراً لها جيداً من خلال استطلاع يجب أن يكون في ذات توقيت خروج الدورية ومواكبة سيرها، ليضمن المهاجمون الذين قطعوا مسافة كيلومترات في الجرود لينصبوا كمينهم، أنّ عديد وعتاد الدورية يسمح بنجاح مهمتهم، فمن تحقق في ذات اللحظة مساء ذاك اليوم من أنّ الدورية عبارة عن سيارة واحدة وفيها 7 عناصر فقط وليست مزودة بأي أسلحة مساندة تعقبها من دبابات أو مدرعات ؟
رابعاً: إنّ وظيفة العملية تتقاطع مع إعدام العسكري علي البزال في خلق حالة حرب نفسية مفتوحة على جنود الجيش اللبناني وضباطه، لإيصالهم إلى قناعة بأن لا جدوى من انتشارهم ولا من قتالهم ولا من حصارهم، وهي بالتالي ذات وظيفة حسّاسة في هذه الحرب في وضع وقت محدود لا يمكن التمكن من إنجازه بلا معونة سريعة وفعالة.
المصادر العسكرية تربط كلّ ذلك لتقول أنّ «إسرائيل» كانت على الخط مباشرة، وأنّ النصرة نفذت تحت النظر «الإسرائيلي».