معرض كتاب أو بسطة ألعاب؟!
أحمد طيّ
مَن يقصد معرض بيروت العربي الدولي للكتاب المقام حالياً بنسخته الثامنة والخمسين في البيال، يرى التدفّق الشعبي والمدرسي إلى هذه الاحتفالية السنوية، ما يبثّ الاطمئنان في النفوس، ويؤكّد أكثر وأكثر أنّ بيروت عاصمة أبديةً للكتاب، وأنّها تقيم المعارض حتى في أحلك الظروف وأقساها.
ومَن يتجوّل يومياً بين أجنحة الدور المشاركة في المعرض، ويرمِ نظراتٍ خاطفة على عناوين الكتب المعروضة، يعرف أنّ القلم العربيّ سبّاق دائماً إلى مواكبة العالم، مع الاحتفاظ بالحفاظ على التراث والتاريخ والسير وما إلى ذلك، وهذا دليل صحّة، وإن كنّا لم نلحق بعد بالنشر الغربي، إن من حيث الدفق اليومي، أو من حيث النوعية.
ومَن يشاهد الإقبال على الكتاب، يدرك أنّنا حقّاً بدأنا، وبخطى واثقة، مرحلة استنهاض القراءة والمطالعة في لبنان، لندفن إلى غير رجعة، مقولة أنّ اللبنانيّ لا يقرأ.
هذه المشاهدات كلّها وغيرها، إيجابية علينا الاعتراف بها من باب عدم جلد الذات، ولتكون حافزاً لنا من أجل التقدّم أكثر.
ولكن، ثمّة أمور تحصل، نعجز أحياناً عن فهم كيفية حصولها، خصوصاً أنّ معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، يديره النادي الثقافي العربي منذ سنوات طويلة، والمعروف عن إدارة النادي الثقافي العربي، الصرامة إلى درجة الحدّية في التعاطي مع مسألة الكتاب والنشر والعرض والترويج.
من الأمور اللاإيجابية التي نصادفها في المعرض، عرض الألعاب. ونستبق من ينبري ليقول لنا إن تلك الألعاب ربما تكون تربوية، فنجيبه بالنفي. إذ إنّ الألعاب المعروضة لا تمتّ للتربية بِصلة. فهل كانت البالونات يوماً ما لعبةً تربوية؟ هل كانت «المونوبولي» بنسختها الرخيصة لعبة تربوية.
من الطبيعي ألّا يعلم التجّار الذين يهمهم الربح الكثير والسريع، بالمشقات التي تخوضها دور النشر، لا سيما المختصة بأدب الأطفال، من أجل الوصول إلى الطفل، كي تحببه بالكتاب والقصة. فكيف لهم، هؤلاء التجار، أن يعبثوا بعقول الأطفال الطرية، وبفطرتهم الطفولية التي تقودهم إلى اللعبة بدلاً من الكتاب، إلى البالون بدلاً من القصة؟ كيف لهم، هؤلاء التجار، أن يتآمروا على جهود حثيثة، يتنكبها كثيرون، من المؤلف إلى الرسام إلى الناشر، إلى المكتبات العامة والخاصة، إلى المدارس والجمعيات التي تعنى في إذكاء حسّ المطالعة؟
إن هذه الدعوة موجّهة إلى إدارة النادي الثقافي العربي التي نجلّها ونحترمها ونجذل كثيراً إن قدّمنا لها أي مساعدة، أن اوقفوا بسطات الألعاب اللاهادفة، كي لا يتحول معرض الكتاب إلى سوق لا نرى فيها كتاباً، بل نسمع فيها: «يللا بالونات، يللا مونوبولي»!