أدال نصر أنشدت للأمّة والحزب بصوتها البديع

لبيب ناصيف

في المهرجان الذي أقامه الحزب في بلدة ضبية في 6/11/1961 صدح صوت امرأة، لم أكن سمعت أحلى وأصفى وأقوى منه، يطرب آلافاً ممن حضروا الى ضبية من كل أنحاء المتن الشمالي والأقضية المجاورة.

وأنشدت:

موطني يا توأم التاريخ يا دنيا الخلود

من مرامي بحرنا السوري للشرق البعيد

أمتي يا موكب الأجيال في الجيل الجديد

سوريا أنت الربيع السمح في عمر الوجود

من جدودي الخالدينا

انت لي دنيا ودينا

يا أغاريد هوانا يا زغاريد رؤانا

سوريانا

سوريانا

بقي هذا الصوت يلازمني. أردد النشيد بصوتي الذي يحتاج الى صوت، واطرب.

في أواسط ستينات القرن الماضي عندما عُيّنت رئيساً لمكتب الطلبة، وكان المكتب معنياً بتنظيم الطلبة في سائر الجامعات والمعاهد والثانويات، رحنا ننظم رحلات للرفقاء والمواطنين من طلبة جامعيين وثانويين. كانت الرحلة الواحدة تضم أكثر من بوسطة واحدة وسيارة صغيرة.

لم أعد أذكر من اقترح علينا أن تنضم الرفيقة أدال نصر الى تلك الرحلات. إنما أذكر جيداً

أنها كانت ترافقنا في جميع الرحلات، ويرافقنا أحياناً كثيرة والدها الرفيق ملحم نصر وشقيقتها الرفيقة يزدا.

كان صوتها الرائع يطربنا طوال الرحلة بالأناشيد والأغاني الحزبية المتنوعة التي لم نكن سمعنا معظمها من غيرها. وكان الرفقاء يشاركونها الغناء والأناشيد وقد حفظوا الكثير منها لكثرة ما شاركوا في الرحلات، وشاركت بدورها.

بعد العفو في شباط 1969 انتقلتُ الى مسؤوليات حزبية أخرى. ابتعدت عن لقاء الرفيقة أدال نصر. إنما لم تبتعد عن ذاكرتي، وعما أكنّه لها من مودة واحترام.

وجاءت الحرب المجنونة ومعها «داعش» آخر 1 يجتاح قرى الشحار الغربي، ويجتاح في بلدتها عبيه، والدها المسنّ، وشقيقتها التي كانت ترافقنا في رحلاتنا 2 .

ومضت سنوات. اقترنت الرفيقة أدال نصر من رفيق مؤمن، صامت، شجاع، عرفته جيداً بعد خروجه من الأسر وما زلت ألتقيه: الرفيق فايز حلاوي 3 .

وأنجبت منه الرفيق فادي.

سألت عنها أكثر من مرة. التقيتها. وكان ابنها الرفيق فادي واسطة للكثير من رسائل الاطمئنان عنها، بعدما كانت انتقلت الى منطقة البسطا التحتا، وأصيبت بالداء العضال.

تستحق الرفيقة أدال مني، الكثير من الوفاء لأني كنت من بين الذين عرفوها في الأيام الصعبة وعرفوا كم تتمتع في أعماقها بإيمان صادق والتزام شفاف.

هذه الكلمة بعض من واجب تجاه رفيقة مميزة، لن أنساها ما حييت.

موطني يا توأم التاريخ يا دنيا الخلود

حبذا، رفيقة أدال لو تخلدين، ليبقى صوتك يصدح بأناشيد الحزب، فيصل الى كل قلب وكل وجدان، ونرتفع جميعنا نحو سعاده. ونطرب.

من المهرجان:

كانت منفذية المتن الشمالي أقامت مهرجاناً يوم الأحد 06/11/1960 في بلدة الضبية في ذكرى وعد بلفور.

عنه، قالت جريدة «البناء» في عددها تاريخ 09/11/1960:

«تكلم في المهرجان كل من مدير مديرية الضبية 4 ، منفذ عام المتن الشمالي العميد نصري أبو سليمان 5 ثم أنشدت الرفيقة أدال نصر بصوتها الرخيم الرائع أحد الأناشيد القومية «سوريانا» فقوطع إنشادها بالهتافات والتصفيق الداوي، وباستعادة المقاطع مرات متعددة، وما أن أنهت إنشادها الرائع لمقطع:

فاطمئني يا بلادي

نحن في يوم التنادي

لن تكوني لسوانا

يا شرايين دمانا

حتى علت الهتافات مدويّة ترددها الجبال والوديان مؤكدة تصميم النهضة على أن بلادنا لن تكون لغير شعبنا أبداً.

بعد الرفيقة أدال، ألقى الرفيق الشاعر فوزي عبد الخالق 6 قصيدة حماسية ثم مقاطع زجلية قومية كانت تقابل بالتصفيق والهتافات.

هوامش :

1 ما قامت به «القوات اللبنانية» بقيادة سمير جعجع في بلدات وقرى الشحار الغربي لا تقل بشاعة عما تقترفه «داعش» في عدد من مناطق العراق والشام.

2 لجأت الرفيقة أدال الى حمام بيتها. وبحيلة أفلتت من «داعش» ذلك الزمان.

3 كان شارك في الثورة الانقلابية وساق سيارة رئيس الحزب آنذاك الأمين د. عبدالله سعاده الذي أشار اليه بتنويه في كتابه «أوراق قومية».

4 لم يرد في عدد «البناء» إسم مدير المديرية. إنما نعلم أنه كان في «ضبية» البلدة والمخيم ثلاث مديريات للحزب في الفترة التي سبقت الثورة الانقلابية .

5 محام من بلدة المتين . منح رتبة الأمانة وكان عميداً من دون مصلحة عند وقوع الثورة الانقلابية. تمكن من الوصول الى عمان، وبعد سنوات غادرها الى ساحل العاج واستقرّ في أبيدجان، قبل أن يبارحها الى الوطن. نشرت عنه نبذة عند وفاته. للاطلاع عليها الدخول الى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

6 من مجدلبعنا. شاعر شعبي معروف. كان يتمتع بذاكرة عجيبة. للاطلاع على النبذة التي نشرتها عنه الدخول الى الموقع المشار إليه اعلاه.

يصح أن يُكتب عنه، وعن شعره الكثير.

من وحي ســـعاده:

اذا خسرت وجدانك القومي،

فماذا يبقى لك من التزامك الحزبي؟

الموقع المشار إليه اعلاه.

يصح أن يُكتب عنه، وعن شعره الكثير.

من وحي ســـعاده:

اذا خسرت وجدانك القومي،

فماذا يبقى لك من التزامك الحزبي؟

رئيس لجنة تاريخ الحزب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى