ما هي التحديات التي اعترضت الدوحة في قمتها؟
أثار قرار لم يعلن رسمياً بتقليص مدة قمة قادة مجلس التعاون الخليجي في العاصمة القطرية الدوحة من يومين إلى يوم واحد الكثير من التساؤلات، خصوصاً أن جدول أعمال الاجتماع حافل بكثير من القضايا الاستثنائية، ليس على مستوى العلاقات داخل البيت الخليجي الذي عصفت به خلافات غير مسبوقة العام الحالي، وإنما بالنظر لتعاظم التحديات التي تواجه المنطقة، والتي يستشعر قادة الخليج أن دولهم لم تعد بمنأى عنها.
وأثيرت شكوك كبيرة الشهر الماضي بشأن إمكان انعقاد القمة في الدوحة، بسبب اتهام كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين لقطر بـ«العمل على تقويض أمنهم الداخلي» على خلفية اتهامهم لها بدعمها تيارات الإسلام السياسي وعلى الأخص «الإخوان المسلمين».
ونجحت قمة طارئة جمعت قادة المجلس في الرياض منتصف الشهر الماضي في إنقاذ قمة الدوحة، حيث اتفق الجميع على خريطة طريق سميت بـ»اتفاق الرياض التكميلي» لم تنشر تفاصيله رسمياً، وتوج ذلك بقرار بعودة سفراء كل من السعودية والإمارات والبحرين إلى الدوحة.
ويفترض أن الاتفاق جاء تكملة لاتفاق لم ينفذ، اصطلح على تسميته «اتفاق الرياض» وفي بعض الأحيان «وثيقة الرياض»، تم التوصل إليه في تشرين الثاني العام الماضي.
وكنتيجة لعدم الالتزام ببنوده، بحسب ما أعلن في حينه، سحبت كل من السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من الدوحة في آذار الماضي.
نص الاتفاق – الوثيقة لم ينشر رسمياً على الإطلاق، وأشارت الكثير من البيانات التي تلته إلى ضرورة تطبيق بنوده من دون الكشف عنها.
لكن الكثير من التسريبات غير الرسمية قالت إنه يتضمن التزام قطر التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج والدول الأخرى، وعدم تجنيس مواطنين من دول المجلس، وكذلك إبعاد كل العناصر المعادية لدول المجلس والمطلوبة قضائياً عن أراضيها خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، وأيضاً وقف الحملات الإعلامية.
وكانت مصادر في الفرع المصري لحركة الإخوان المسلمين قد أكدت طلب قطر من سبعة من قيادات التنظيم مغادرة الدوحة في أيلول الماضي.
لكن جولة سريعة في أفق القضايا الخلافية العالقة بين دول المجلس تبين أن الكثير من الملفات لم تحسم بعد، خصوصاً تلك التي تتعلق بالأزمات الكبرى التي تشهدها دول كمصر وليبيا واليمن، والتي باتت جزءاً لا يتجزأ من الأمن الإقليمي الخليجي.
منذ إسقاط المؤسسة العسكرية لنظام الإخوان المسلمين في مصر في حزيران عام 2013، واعتقال قيادة التنظيم، بدأت الخلافات تظهر إلى العلن بين أركان البيت الخليجي.
إذ أعلنت كل من السعودية والإمارات دعمهما الإطاحة بحكم الإخوان بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي ترشح لاحقاً لمنصب رئيس الجمهورية.
وعارضت قطر ما وصفته بالانقلاب على الشرعية، وفتحت أبوابها لاستقبال الكثير من مسؤولي وأعضاء التنظيم والحكومة المقالة.
وحرصت على إفراد مساحات كبيرة من تغطية قنواتها الإعلامية للحديث عما تقول إنه انتهاكات ترتكبها أجهزة الأمن والجيش بأوامر من الرئيس السيسي.
وبعد قمة الرياض الشهر الماضي، أشار العاهل السعودي الملك عبد الله إلى أن الاتفاق أكد «حرص الجميع على الوقوف إلى جانب مصر» و»التطلع إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق». ودعا القيادة المصرية الجديدة لإنجاح هذا المسعى. قوبل الأمر بتأييد القاهرة التي أكدت في بيان رئاسي التجاوب الكامل مع دعوة الملك عبد الله.
ولكن حتى اليوم لا يبدو أن خطوات جدية قد اتخذت لإزالة التوتر بين مصر وقطر، ويتضح حجم الهوة لدى استعراض لا تزال تبثه وسائل إعلام قطرية خصوصاً بعد تبرئة أبرز رموز النظام السابق أخيراً من تهم قتل وفساد، في مقدمهم الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وليس من الواضح كيف سيكون مستقبل العلاقة بين الدوحة وتنظيم الإخوان المسلمين التي تضغط دول خليجية وعربية لقطعها نهائياً. ويرى محللون أنه من الصعب جداً الرهان على فك الارتباط بين قطر والتنظيم، كونه الرافعة التي استطاعت من خلالها هذه الدولة الخليجية الصغيرة جغرافياً لكن الغنية جداً، أن تفرض حضوراً سياسياً كبيراً في المنطقة خلال العقدين الماضيين.
وكان تنظيم الإخوان المسلمين قد حقق حضوراً لافتاً عقب الثورات العربية التي أطاحت بالنظام التونسي والمصري والليبي عام 2011، إلا أنه سرعان ما فقد مكاسبه في غالبية هذه المناطق. فبعد إسقاط حكمهم في مصر، ضيق الجيش بشدة على حركة «حماس» في قطاع غزة بعد اتهامها من قبل حكام مصر الجدد بدعم حكم محمد مرسي.
وخسر الإخوان في الانتخابات النيابية في ليبيا ما أدى لاحقاً إلى اقتتال لا يزال مستمراً بين برلمانين وحكومتين شرق البلاد وغربها.
وفي تونس، استطاع حزب «نداء تونس» الفوز بالغالبية النيابية على حساب حزب «النهضة» الذي حقق انتصاراً كبيراً في الانتخابات الأولى التي أعقبت الثورة.
لكن كل ذلك لم ينعكس تغييراً على السياسة القطرية بحسب ما يقول منتقدوها، إذ لا تزال الدوحة متهمة بدعم الإخوان سياسياً وعسكرياً وإعلامياً في كل هذه المناطق.