«إسرائيل» تدقّ جرس الحرب من جديد… ولكن دمشق وحدها تحدّد التوقيت

حاتم الشلغمي ــ تونس

غارة صهيونية جديدة ضمن نسق تآمري قديم، إعلام متأسرل يهلِّل كعادته – لأيّ عدوان على سورية، جامعة عربية في حالة سبات دائم، دول عربية مشتعلة بنار الإرهاب والتطاحن السياسي، ونخب عربية تسبح في فلك أوهام الربيع… هكذا أمسى الواقع العربي عشية العدوان الصهيوني على دمشق، عاصمة الصمود، بعد توالي الأخبار التي تؤكد تسارع نسق الحسم العسكري داخل الجغرافيا السورية في الجنوب السوري وريف دمشق وعلى الحدود مع لبنان. بالإضافة إلى تسارع الخطى نحو اتفاق إيراني غربي مع تعهّدات روسية بمنع كلّ ما يعيق هذا الاتفاق، بالإضافة إلى تمسّكه بدعم الدولة السورية في محاربة كلّ أشكال الإرهاب التكفيري والضغط العسكري والاقتصادي المفروض على سورية.

جاءت الغارات الإسرائيلية الفاشلة كردّ فعل على كلّ ذلك الواقع، ويمكننا جمعها في أربع نقاط رئيسية:

1 ـ سورية في حالة حرب دائمة مع الكيان الصهيوني، ومع داعميه ووكلائه مهما تعدّدت الأسماء.

منذ متى لم تكن «إسرائيل» ظهيراً أساسياً في الحرب المفروضة على الدولة السورية، والتي يبقى الهدف الرئيس منها تكسير أضلع وقوامات الدولة ومقوماتها العسكرية والصناعية والمدنية والاقتصادية؟

العدو الصهيوني هو المحرّك الأساس لكلّ أركان المجموعات الإرهابية في كلّ المنطقة، وكانت «إسرائيل» تشكّل غطاءَ نارياً جوياً كلّما كان وكلاؤها عاجزون عن التقدّم داخل الجغرافيا السورية، خصوصاً بعد الضربات النوعية المتعدّدة التي تلقتها هذه المجموعات على اختلاف تسمياتها داخل كلّ المحاور على أيدي بواسل الجيش العربي السوري، خصوصاً في مناطق القنيطرة وريف دمشق وجوبر حيث يتمركز أهم وكلاء العدو الصهيوني.

2 ـ الغارات الصهيونية على محيط دمشق رسالة ذات أبعاد سياسية وعسكرية…

الجميع يعلم أن لا مصلحة للكيان الغاصب ولا السعودية في أيّ اتفاق قد يُبرم بين إيران والغرب. فبالاتفاق تكون «إسرائيل» قد دخلت رسمياً مرحلة العبء الاستراتيجي الأميركي. لا قدرة لإسرائيل على توجيه أي ضربات لإيران، فكانت الغارات الإسرائيلية سواء على دمشق أو على لبنان ليس إلا وضع أوراق اعتماد إضافية لدى الغرب في محاولة إظهار هامش من قوة يتم استثمارها في المفاوضات وبنودها، حيث ترفض إيران التفاهم على أي نقطة سياسية ضمن الاتفاق النووي…

لا اتفاق مع إيران يعني مواصلة الحرب على سورية والمقاومة واستطراداً روسيا التي اعتبرت حزب الله حليفاً استراتيجياً، وأنّ إسقاط دمشق ضرب من خيال، وأنّ ضربات التحالف ضدّ «داعش» غير جديّة، وهذا يتطابق تماماً مع الرؤية السورية والإيرانية ورؤية حزب الله.

3 ـ ليست «إسرائيل» من يقرّر الحرب:

غالباً ما يكون هدف الغارات الصهيونية واختيار توقيتها، استفزاز للقيادة العسكرية السورية او لحزب الله، ومحاولة لافتعال حرب يتورّط فيها حلفاء العدو، والهدف أن تفضي الحرب في النهاية الى إخراج الدولة السورية والمقاومة من دائرة الصراع مع كيان الاحتلال، ايّ نسف ما تبقى من الصراع العربي ـ «الإسرائيلي». فتتعمّد في توقيت الغارة وشكلها ضرباً من الاستفزاز لرجالات جيشنا العربي السوري والمقاومة، خصوصاً أنّ الجيش اللبناني قد تصدّى للطيران الصهيوني قبل يومين، حين حاول العدو رفع معنويات الإرهابيين داخل الجغرافيا اللبنانية، وجرّ الجيش والمقاومة إلى اشتباك ما. لذلك أكد بيان الجيش والقوات المسلحة السورية التمسّك بتوجيه الضربات الى المجموعات المسلحة واستكمال تنظيف البلد من وكلاء الكيان الغاصب.

4 ـ «إسرائيل» لن تكون خارج قائمة الدول التي ستدفع الثمن:

عادة ما يُعتبر المزاج العام في الشارع السوري وشارع المؤيدين للدولة السورية خيار المقاومة أنّ الردّ التكتيكي العسكري المشابه هو الحلّ أمام تجدّد الاعتداءات الصهيونية. هذا المزاج العام تحترمه القيادة العسكرية في غرفة التنسيق المقاومية، ولكن سورية عوّدتنا على الردود الاستراتيجية التي تجيب عن رسائل الغارات السياسية، ولكن سورية كدولة في حالة حرب على الإرهاب، لن تترك غطرسة «إسرائيل» بدون ثمن ولا ردّ، وبدأنا نسمع همسات عن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل وهذا يقصد به نزع الترسانة النووية الإسرائيلية، ثم إنْ دخل الجيش العربي السوري في المعركة، فلن تكون معركة نزهة، ولن يكون الجيش العربي السوري وحيداً، ولن تكون الجغرافيا السورية وحدها ساحة للمعركة بل ستكون «إسرائيل» أول مَن دفع ثمن عقود من الظلم والعدوان.

إذا كانت «إسرائيل» تريد إيقاع المنطقة في الحرب، فصحيح أنّ سورية تعود عقوداً إلى الوراء، ولكن هل تحتمل «إسرائيل» أن تعود قروناً إلى الوراء، أيّ إلى اللاشيء وانعدام الوجود؟ خصوصاً أنّ مراكز دراساتها الاستراتيجية والعسكرية سبق وحذرت من تعاظم قدرات حزب الله والجيش السوري القتالية، وتصاعد نسق التطوير التسليحي لحزب الله وقدراته الصاروخية كمّا ونوعاً ودقة، الصواريخ التي «ستغرق كامل فلسطين المحتلة في الظلام» و «ستدمّر الشرايين الحيوية للاقتصاد الاسرائيلي»، كما وصفت الصحف العبرية، وتنفيذ روسيا كلّ عقودها العسكرية مع سورية التي ستحصل بذلك على أسلحة ومنظومات رادعة تضمن الانتصار السوري في أيّ طارئ عسكري مباشر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى