الشاعرة ليندا ابراهيم: الشعر أسمى القيم وأرفع أشكال الآدب
كتبت القصيدة بقوالب متعددة متنقلة بين الشكل العمودي وشعر التفعيلة فالقصيدة النثرية، وكانت في هذه الأشكال كلها موهبة شعرية تشق طريقها بثقة إلى حضور مؤثر وفاعل تجلى على نحو واضح في مجموعتين شعريتينـ فضلاً عما قدمته في مسابقة أمير الشعراء لدى بلوغها المرتبة النهائية في منافسة شعراء من مختلف الدول العربية.
الشعر بالنسبة إلى الشاعرة ليندا إبراهيم هو حبها وشغفها الأول والأساس. من خلاله ترى الجمال والحب وتعيشهما، «فالشعر يمثل لها أسمى القيم وأرفع أشكال الآداب والفنون. فضلاً عن ذلك تضع مجالات الإبداع كلّها في كفة والشعر وحده في كفة باعتباره «قيمة سامية وجمالية في العقل والفكر الإنساني». وترى أن الشعر يبقى شعراً أينما وجد، فعندما يستمع الإنسان إلى شعر من أي نوع فإن هذا الشعر يفرض نفسه، بغض النظر عن القالب، لأن المهم أن تكون الصورة الشعرية التي تؤدي الغرض الشعري حاضرة وبقوة.
تشير ابراهيم إلى أن الموضوع الأساسي الذي تتناوله في قصائدها هو الحب بالمطلق: «لا أكتب إلا عن الحب، أي أني أحببت وطني فكتبت لوطني أحببت قيمة الحب بين المرأة والرجل فكتبت لها. كتبت عن حبي لأمتي العربية على لسان المتنبي، وكتبت عن حب المرأة لرجل على لسان زليخة، وكتبت على لسان ليندا المحبة والحبيبة، مع أهمية التفريق بين نزعة الأنثى في القصيدة وأن تكتب شاعرة عن الحب، فهي تكتب الشعر وتظهر عاطفة الأنثى مثل الرجل في الشعر».
تتحدث ابراهيم عن تجربتها في مجال كتابة الومضة النثرية، مشيرة إلى مجموعة «فصول الحب والدهشة» معتبرة «أن الومضة يجب أن تتمتع بالإدهاش الحقيقي وتكون ذات قالب شعري، بغض النظر عن الوزن التقليدي، وأن تتضمن إيقاعاً داخلياً يؤثر في القارئ ويخلبه ويدهشه وتكون مكتملة ومحكمة السبك والشكل الفني والهندسة الفنية التي كتبت بها».
تأخرت تجربة الشاعرة ليندا ابراهيم في الظهور، لا سيما لجهة الطباعة والنشر فكانت «لدمشق هذا الياسمين» باكورة أعمالها عام 2013، تلتها بمجموعة أخرى هذا العام عنوانها «فصول الحب والدهشة». تقول ابراهيم: «إن ذلك يعود لأسباب عديدة الأول إعلامي بحت فالشاعر يكتب لسنوات وقد لا تنجح الجهة الإعلامية في إظهاره. والسبب الآخر يعود إلى أن الوسط الثقافي والمؤسسات الثقافية لا تشجع المبدع الحقيقي ولا تظهره لأسباب عديدة، فالمبدع الحقيقي، يا للأسف يكون غريباً في بلده».
عن رأيها في ما يسمى بالأدب الأنثوي تضيف ابراهيم: «عندما تتميز شاعرة ما يبقونها في خانة الشاعرات، بل يحصرونها في خانة الأدب الأنثوي كي لا تجتاز هذا الحد ليقال إنها شاعرة وتضاف إلى الشعر الذي يقوله الرجال بالمطلق. وهذا من التصنيف الذكوري للشعر، فمهما تفوّقت المرأة لا تطغى ولا تتعدى تخوم الكتابة الشعرية التي أرادوا أن يسموها بالرجال فحسب».
شاركت إبراهيم في عدة مسابقات، أبرزها مسابقة «أمير الشعراء» للشعر العربي الفصيح وكانت مهمة في رأيها لأسباب كثيرة إذ نقلتها من المحلي المتواضع شعرياً وإعلامياً إلى العربي، موضحة: «هذه المسابقة أتاحت لي أن أعرض تجربتي الشعرية أمام جمهور أوسع سواء من الشعراء أو المهتمين أو النقاد، ووضعتني في تحد أمام نفسي وزملائي من الشعراء المتسابقين أو غيرهم لأقدم الأفضل وأثبت تجربتي الشعرية في هذا المكان وهذه المرحلة تحديداً، وساعدتني في وضع نقطة ارتكاز لتثبيت التجربة الشعرية والانطلاق منها للجديد».
تشير في هذا السياق إلى أن لجان التحكيم في أي مسابقة هي موضع لبس عامة، حتى في المباريات الرياضية: و«كان يهمني أولاً في هذه المسابقة أن أثبت نفسي وأوصل صوتي الشعري وأن أصل إلى مرحلة متقدمة، وأن أوصل قضيتي السورية والعروبية، وفعلت ذلك، بغض النظر عن رأي لجنة التحكيم وعن أفرادها، لدي رأي بسيط وأساسي هو أني أقسى من ينقد شعري».
من ناحية أخرى، تعتبر الشاعرة ابراهيم أن كل من تناول تجربتها الشعرية حتى الآن على قلتها وتواضعها من النقاد لم يتناولها في مسارها السليم وسياقها الصحيح، «فلا يمكن القول إن هناك نقد صحافة أو نقداً أدبياً فمعظمهم يكتب بدافع العمل الوظيفي، فالنقد يهدف إلى العمل الوظيفي لا إلى العمل النقدي الصحيح. لكن هناك أقلاماً نقدية غاية في الأهمية».
تعتبر أن النقد متأخر دوماً عن التجربة الإبداعية ولذلك أسباب كثيرة، فحتى الان التجارب النقدية في سورية والوطن العربي قاصرة عن الإلمام والتعرض لجميع المواهب والأقلام، وهذه حالة طبيعية شرط ألا تتأخر أكثر، فالنص النقدي الصحيح والسليم هو نص حقيقي يوازي النص الشعري».
حول التجارب الشعرية الموجودة على الساحة الأدبية تقول إبراهيم إن معظم ما ينشر لا يرتقي إلى مرتبة أن يستحق النشر لأسباب كثيرة، منها إن الجهة التي تنشر لا تدقق كثيراً في النص الإبداعي وهذا باعتراف الناشرين أنفسهم تهمة الإعلاميين الذين يتناولون هذه التجاربة أبضاً بأنهم «لا يدققون جيداً في الحالة الإبداعية» معتبرة أن «الزمن كفيل بإظهار وتمييز هذا الشاعر أو سقوط هذا القلم أو ذاك».
أما عن تأثرها بالشعراء الآخرين فتقول إبراهيم إن الشاعر ليس وليد تجربته وحدها، فلغته لا تولد خالصة له، وأفكاره الشعرية لا تأتي أفكاراً موسومة به، إلا بعد مرحلة مضنية بالتأثير والتأثر بالآخرين «لكنني في طريقي إلى تكوين لغتي وتجربتي الخاصة بي».
تتمنى ابراهيم أن تتبلور تجربتها الشعرية في إطار خاص وعام هو التجربة الإنسانية لا المواقف الانفعالية أو اللحظية أو المرحلية لزمن أو بلد أو شخص، بل في إطار التجربة الإنسانية العامة التي تنزع لها النفس الإنسانية عامة.
تختم ابراهيم حوارها ببيت شعري من أجواء مجموعتها الشعرية تحت عنوان «وجه»:
تأخذ الدنيا جمالاً بابلياً
كلما مرت عليها مقلتاه
أسمر من لون «أوروك»
شذى وجهه من أرض «كنعان»
و«شام» وجنتاه.