بوتين يعقد قمتين مع الأسد وروحاني قبل لقاء أوباما في الربيع نتنياهو يذهب للانتخابات بنيران مشتعلة في فلسطين والمنطقة
كتب المحرر السياسي
يستعدّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقاً لما قالت مصادر مطلعة في موسكو لـ»البناء»، لقمة تجمعه بالرئيس الأميركي باراك أوباما، على هامش قمة المياه في أثينا في السابع والعشرين من نيسان من العام المقبل، وتعتقد المصادر أنّ هذه القمة المرتقبة ستنتظر تبلور المعطيات الكافية لتكون قمة القمم التي ترسم فيها معالم التسويات التي سترسو عليها الأزمات المفتوحة بين الحلفين اللذين تقود واشنطن أحدهما، فيما تقف موسكو داعمة للآخر، خصوصاً في كلّ من أوكرانيا والشرق الأوسط، ليتسنّى ضمّ جهود الحلفين وانطلاق مرحلة نوعية في الحرب على الإرهاب، التي تبدو الصيغة الأميركية للانفراد بمسؤوليتها أعجز من تلبية متطلبات الفوز بها.
القمة المرتقبة، التي ستكون قمة العالم وفقاً للمصادر نفسها، ستحسم مصير الدرع الصاروخية في أوروبا تمهيداً لتفاهم استراتيجي يفتح الباب لحلّ راسخ للأزمة الأوكرانية، بعدما بدا أن ليس في أوروبا أيّ شريك محتمل لمشاركة موسكو الحلّ بعيداً عن رضا واشنطن، وجاءت التجربة الروسية مع ألمانيا وفرنسا مخيّبة للآمال.
في الشرق الأوسط يفترض وفقاً للمصادر، أن يكون التفاوض حول الملف النووي الإيراني قد انتهى إلى مسودة اتفاق، وأن تكون الحوارات الإقليمية بين إيران والسعودية قد بلورت صورة تسويات منطقة الخليج، بينما يصير التعاون التركي مع روسيا وإيران سلّماً كافياً لنزول أنقرة عن شجرة التصعيد في سورية.
سورية ستكون الملف الذي سيخرج بإعلان الدعوة لمؤتمر جنيف الثالث، حيث يتوقع أن تنطلق جولات حوار تنتهي بحكومة سورية جديدة تمهّد للانتخابات البرلمانية في عام 2016 ويكون قد سبقها تركيب وفد معارض ملائم يتناسب مع مواصفات مرحلة عنوانها الرئيسي الحرب على الإرهاب.
المصادر المطلعة في موسكو أكدت لـ»البناء» أنّ قمتين ستجمعان الرئيس بوتين بكلّ من الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني حسن روحاني قبل نهاية نيسان لوضع اللمسات الأخيرة على الرؤية التي سيحملها بوتين إلى قمته مع أوباما، والتي يفترض أن تسبقها مشاورات مستمرة بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي جون كيري وسيرغي لافروف لمواكبة ما يجري في كلّ الملفات ذات الصلة.
قد تكون الصعوبة الوحيدة التي تنتظر الربيع وقممه، مصدرها ما قد تنتجه التحالفات التي أجرتها «إسرائيل» بغضّ نظر أميركي مع كلّ من تنظيم «الإخوان المسلمين» و»جبهة النصرة»، وما قد يحدث للأردن جراء ذلك تمهيداً لتقديم مشروع الدولة الثنائية القومية الدينية بالتعاون بين «إسرائيل والإخوان»، بديلاً من مشروع سلام قائم على انسحاب «إسرائيلي» من الأراضي المحتلة عام 1967، ومن جهة أخرى ما قد يجلبه التصعيد «الإسرائيلي» على جبهتي سورية ولبنان دعماً لمشروع «جبهة النصرة»، بالحفاظ على الشرائط الحدودية التي تحتلها على حدود سورية مع الأردن وفلسطين المحتلة والجولان ولبنان، وما بدأت ملامحه من تصعيد على إيقاع الانتخابات المبكرة للكنيست، يستهدف تقويض السلطة الفلسطينية ومؤسساتها واستهداف رموزها، في إطار نسف مشروع دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 كما بدا من المواجهات التي بدأت تتضح معالم حجمها في الضفة الغربية يوم أمس وسقط بنتيجتها الوزير الفلسطيني زياد أبو عين.
لبنان الواقف في عين العواصف من حوله، والمنتظر على رصيف التسويات التي لم تولد، كان على موعد مع كلام جديد لرئيس الحكومة تمام سلام، وهو في طريق سفره أمس إلى باريس حيث بدأ لقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين، قائلاً: «إنّ مواجهة داعش والنصرة تستدعي تنسيقاً بين التحالف الدولي ودول المنطقة، وأنّ الوضع الحرج والدقيق لقضية العسكريين المخطوفين يستدعي عملاً تقنياً واستخبارياً، والحكومة مستعدة للتعاون مع أي دولة في هذا الإطار»، ما فهم إشارة لعزم الحكومة على المواجهة العسكرية، خصوصاً بكلام إضافي لسلام عن تقصير دولي في دعم الجيش وعن دعوة لفرنسا إلى تسريع التنفيذ في مجال الهبة السعودية، وفي قلب هذه المواجهة بدا سلام يؤشر إلى تذليل العقبات من طريق التعاون مع سورية ودعوة الغرب إلى تفهّم الحاجة لذلك عبر دعوته للتنسيق بين التحالف الدولي ودول المنطقة من جهة وإعلانه الاستعداد للتعاون مع أي دولة في قضية العسكريين المخطوفين، بينما كان الوزير وائل أبو فاعور يعلن النقيض فيقول إنّ المقايضة مع «النصرة» و»داعش» أقرّت سياسياً، ويضيف إنّ التعاون مع سورية يفرط عقد الحكومة. لكن كلام أبو فاعور لم يعكر مناخات الحوار والانفتاح السياسي بين الأطراف الداخلية، ولا منع المتابعة لمهام المبعوثين الدوليين إلى لبنان والبحث عما حققت وأين ساهمت في دفع الاستحقاق المجمّد.
وسط أجواء الانفتاح السياسي الداخلي، والحراك الدولي ولا سيما الفرنسي والروسي في شأن الاستحقاق الرئاسي، أرجئت الجلسة السادسة عشرة لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية بسبب عدم اكتمال النصاب، إلى السابع من كانون الثاني المقبل، عسى أن تنجح الاتصالات الخارجية، في إيجاد حل للاستحقاق المذكور.
وباعتماد أسلوب الحذف في السياسة، يمكن سحب اسمي قائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من السباق الرئاسي إذا صدق ما نقل عن الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو عن «عدم وجود نية فرنسية لتعديل الدستور من أجل انتخاب قهوجي أو سلامة، وأن هناك اتجاهاً لضرورة احترام الصفة التمثيلية للرئيس العتيد»، بحسب مصادر في قوى 14 آذار. وتؤكد المصادر نفسها أن القيادات المسيحية في فريقها التي تملك حيثية على الأرض، مستعدة للقبول برئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية على رغم كل التباينات، فهي ترى «أن سلوك فرنجية طريق بعبدا، يعني عودة رئيس التيار سعد الحريري إلى السراي، مع حصص دسمة في الوزارات».
وبرز أمس على هذا الصعيد إعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع استعداده لتلبية دعوة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لزيارة الرابية «في حال وجود اقتراح جدي للرئاسة».
نقل المقاعد الأرمنية
وفي انتظار بلورة المواقف النهائية من الاستحقاق الرئاسي، داخلياً وخارجياً، اقتصر النقاش في اجتماع لجنة التواصل المكلفة دراسة قانون الانتخاب في ساحة النجمة برئاسة النائب روبير غانم، على «تظهير الخلاف وتحديد مواطنه، من دون الانتقال إلى تقريب وجهات النظر، والمعالجة»، على ما أبلغ مصدر نيابي «البناء».
وأعيد أمس تأكيد الموقف الأرمني الذي عبّر عنه عضو كتلة حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان الذي طالب بنقل المدور من دائرة بيروت الثانية إلى دائرة بيروت الأولى التي تضم الأشرفية، الرميل، والصيفي. في حين رد النائب الارمني عن دائرة بيروت الأولى سيرج طورسركسيان، بنقل مقعد الأرمن الأرثوذكس إلى المتن وإيجاد طريقة ما لتأمين الانتخاب، باستحداث دائرة مصغرة تضم مقعدين للأرمن. وطرح النائب آلان عون اعتماد جبل لبنان دائرة واحدة، مع إبقاء المقاعد الدرزية على أساس النظام الأكثري.
وشدد النائب علي فياض على «أنه ملتزم بأهمية تقسيمات الدوحة التي يستند إليها مشروع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بوصفها تحوز على توافقية ما، من قبل المكونات اللبنانية». وأرجئ الاجتماع مجدداً إلى الأسبوع المقبل على أن تجتمع أيام الثلثاء والأربعاء والخميس.
توقيع ملف تسليح الجيش السبت
على صعيد آخر، أكد رئيس الحكومة تمام سلام أن فرنسا ستوقع نهائياً مع السعودية على ملف تسليح الجيش اللبناني بعد غد السبت.
ولفت في دردشة مع الإعلاميين على متن الطائرة التي أقلته من بيروت إلى باريس يرافقه نائبه وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الخارجية جبران باسيل ووفد إداري وإعلامي، إلى أن «أبرز الملفات التي نحملها إلى فرنسا هي العلاقات اللبنانية الفرنسية الوطيدة والحرص على مصالح لبنان ودور فرنسا في مؤازرتنا في محنتنا والاهتمام الشخصي من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بقضايانا الداخلية، ولا سيما ملف رئاسة الجمهورية».
وأشار إلى أن الفرنسيين «يبذلون جهداً، وسنتواصل معهم في هذا الإطار وهم يريدون الإطلاع منا على ما حصل مع القوى السياسية لجهة التوافق حول ملف الرئاسة، ونحن نقول إنه أمر له أبعاد إقليمية ودولية متحركة وفاعلة، وبالتالي فإن أي جهد يساعد لبنان يجب أن نعطيه أهمية بالتواصل مع كل الدول».
وفور وصوله إلى العاصمة الفرنسية التقى سلام رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرالد لارشيه، ثم رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان إليزابيت جيغو.
ودعا سلام أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية، فرنسا «إلى التعجيل في تسليم لبنان الأسلحة التي تمّ الاتفاق عليها في إطار هبة الثلاثة مليارات دولار المقدمة من السعودية».
وتطرق إلى الوضع الأمني قائلاً: «هناك اعتداءات على الحدود الشرقية وهناك عسكريون مخطوفون، ونحن بحاجة إلى سلاح ومساعدة عسكرية لمواجهة المتطرفين». وأضاف: «لا يمكن وضع حدّ لداعش والنصرة عبر ضربات جوية، بل يجب القيام بشيء على الأرض وهذا يتطلب تنسيقاً بين قوى التحالف الدولي ودول المنطقة».
واعتبر أن «الدعم الذي نلقاه من الأسرة الدولية في معركتنا هذه ما زال قاصراً إلى حدّ كبير عن تلبية الاحتياجات المطلوبة. وإنني أدعو العالم عبركم إلى التحرك بمسؤولية».
ووصف ملف العسكريين المخطوفين بأنه «حرج ودقيق»، مشيراً إلى أنه «إذا كان هناك مجال للتعاون على مستوى أمني وتقني واستخباراتي لاستيعاب هذه الحالة، فلن نقصر في ذلك مع أي دولة».
أبو فاعور: الكثير من المحظورات سقطت في ملف العسكريين
ولم يطرأ جديد أمس على هذا الملف، فيما تنتظر «هيئة علماء المسلمين» حتى عودة سلام إلى بيروت لحسم موضوع تكليفها بالمفاوضات مع الخاطفين على رغم أنها أكدت صعوبة هذا الأمر.
إلى ذلك، أكد وزير الصحة وائل أبو فاعور في حديث تلفزيوني مساء أمس أننا «نقوم بدور مساعد ومساند عبر جنود مجهولين، ولم نكن في تنافس مع أحد ودورنا تكاملي والتكليف الرسمي هو للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم»، معتبراً أنه «تم بناء مجموعة أوهام كان من الممكن تفاديها، أولها خيار القبول بالتبادل مع نساء سوريات معتقلات بالسجون السورية، والمنطق البديهي يسأل لماذا سيقبل النظام السوري بتقديم أثمان للدولة اللبنانية؟، نحن حاولنا استنساخ تجربة أعزاز بملف بعيد جداً».
وأكد أن الحكومة لن تقبل بإقامة علاقة مباشرة مع سورية، لأن ذلك سيؤدي إلى انفجار الحكومة. وأكد أن «مبدأ المقايضة أقر ولو سياسياً على الأقل، ويبقى البحث في التفاصيل»، معتبراً أن «الكثير من المحظورات سقطت بعد أن قام «حزب الله» بالمفاوضة والمقايضة، وهو لا يستطيع منع الدولة عن القيام بهذا الأمر».