صباحات العواصف والعواطف والمواقف

ـ صباح ينتظر العاصفة والعاصفة لم تأتِ لأنها تنتظر الليل… كم هي كثيرة تلك الانتظارات المتعاكسة.

ـ قالت العاصفة للصباح: أنتظرك بعد ليلي الطويل العاصف وأنت تنتظرني في بداية طلوعك قبل مجيء ليلي. فأنت تريد عصفي وأنا أريد هدوءك بين أن نلتقي في ذهابك وإيابي أو ذهابي وإيابك. فقال الصباح: هي تبريرات أعلمها، فالكل لديه تبرير للغياب بتعاكس الذهاب والإياب وأنت تبرّرين غيابك.

صباح الذاكرة 13 -12-2014

ـ في الصباح نفتح نافذة لنرى الغد منها، لكننا في الواقع ننظر بعين الأمس فنحسّ الغد فرحاً أو أحزاناً على إيقاع أمسٍ مضى من حيث لا ندري.

ـ عندما نغلق في الصباح باب الذاكرة على نهار أمس الذي مضى، ونتفاءل بنهار لم يبدأ، نكون قد تهنا عميقاً في الذاكرة لاسترجاع يوم بعيد مضى ونريد أن نستعيده.

صباح الحسين والمسيح 14-12-2014

ـ بكى الصباح لعشرة أيامٍ تبدأ بأربعين الحسين، وتنتهي بميلاد المسيح.

صباح النجوم والمطر 15-12-2014

ـ بكاء السماء مطر وملح بكاء البشر… إلّا العرب أقصاهم في خطر وأدناهم السعودية وأوّل غيثهم قطر… أمة يبكي لحالها الحجر.

ـ عندما تبتسم لنا في الغيم غمّازة غمامة، يكون حبيب قام في الصباح وقد أطلّت له ابتسامة.

ـ عندما سمع الصباح الناس يهدّدون بعضهم برؤية نجوم الظهر… استأذن الليل واصطحب نجمة معه أسماها نجمة الصباح، لتهديها الحبيبة لحبيبها… فيقول لها ترافقنا لنراها… لكنّك أنت نجمة الصباح… فترحل النجمة ويردّ الصباح وديعته ويرحل الليل بأمان… وتغفو الحبيبة على صدر حبيبها.

ـ قال الصباح: لا تصدّقوا الكلام عن العواصف، فالشمس علامة حضور أقوى من الإشاعات… وفي الحبّ والحرب فتشوا عن شمسكم وتجاهلوا الإشاعات والأوهام.

صباح الشام 16-12-2014

ـ اختار الصباح سبع مدن يدخل منها العالم، ولكل مدينة بوّابة، وللشام وحدها ترك الدخول من سبع بوّابات.

صباح الحرية والعبودية 17-12-2014

ـ يجيد الصباح إدارة الظَهر ووداع الليل من دون عناق، لكنه يصرّ أن ينشر شعاع ضوئه الأول بين خيوط العتمة، كظهور شعرة الشيب الأولى في ذيل فرس سوداء، ويواصل التمدّد بأشعته الواحد تلو الواحد، من حزمة حزمة، حتى ينسلّ آخر خيط عتمة كشعرة سوداء في ذيل فرس بيضاء، ليكون العناق وفنّ الاستئذان وأناقة الحضور رقصة عشق أبديّة بين الليل والنهار.

ـ يحاول الصباح التلاعب بانتظاراتي والتذاكي بإخفاء ساعة ظهوره، فيستغلّ خداع الضوء والظلال، وها أنا انتظره متربّصاً وأنهي مهام النهار مع خيوط الليل الأخيرة، لأتفرّغ لرؤية خيط الضوء الأول، وأقول للصباح ها أنا هنا أتقبلني صديقاً؟ بعدما فشلت في نيل ثقتك للبوح بأسرارك وما دمت لم ترني الحبيب الذي تنبّأ بساعة القدوم واضطررتني لملاقاتك متسللاً !

ـ حواري مع الصباح كان ممتعاً عندما تيقّن أنني أتفهم خصوصية إخفاء أسراره عنّي واهتمامه بالبوح بفرحه حيث يحب. وأنني لا أطعن بمصداقيته معي طالما يبيح لي ضوءه ويبيح لكلّ من سهر الليل ليراه أن يشاطره بعضاً من فرح الألوان. فللصباح مشيئة الملوك في الاختيار ولا يساءَل عن أسبابه. ومن ارتضى عبودية لحظة للضوء امتلك حرية النهار كمن ارتضى مقايضة عبودية ليل كامل للحظة حرية مع الصباح. ففي النهاية، كل حرية تحتمل ضمناً نوعاً من العبودية، وحرّية الأوطان التي تنشئ للمواطنين فضاء حرّياتهم الفردية، تتكون بتنازلهم الضمنيّ عن أجزاء من حرّياتهم الفردية، للانضباط بقوانين دولة الوطن، وما في ذلك من عبودية مضمرة. وهكذا، في الحبّ حرّية الروح وعبودية العقل أو العكس أحياناً. فمن أراد الحرية كلها وقع في عبوديات متعدّدة. ونصف حرّية مع نصف حرّية لا يصنعان حرّية كاملة، بينما نصف عبودية للوطن ونصف عبودية في الحبّ يصنعان حرّية كاملة.

الصباح الذي يقدّر الليل 18-12-2014

ـ انتبه الصباح أن الليل يسحب خيطاً من خيوطه موحياً بالانسحاب، ثمّ يمدّ قدمه للبقاء. فسأله عن السبب. أجاب الليل أنّه يعرف أن وقت الرحيل قد حان، لكنه متردّد بالذهاب. فثمة ما يقول له أن يبقى وما يدفعه لأن يرحل. فقال الصباح: هل العقل يدفعك للرحيل؟

قال الليل: نعم، كي أرتاح وأكون منسجماً مع نظام هو دورة حياتي.

فقال الصباح: إذاً القلب يريد البقاء. فخجل الليل وقال: وربما يعلم أن البقاء ليس طويلاً، لكنه يثير فيّ التردّد. فقال الصباح: ابق ما شئت ولا تتعب قلبك، فالقرار الذي يمليه العقل ولا يتحمّس القلب في تطبيقه، فيه من الخطأ بقدر ما فيه من الصواب، لأنه أخذ كل العوامل في القرار. إلا أنت وقلبك، اتبع القلب حتى يصحو العقل ويصادق على قراره، أو يتعب القلب ويقرّر تلبية العقل بالرحيل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى