الارتباك الغربي في محاربة داعش: ماذا بعد؟
حميدي العبدالله
عُقد الأسبوع الماضي اجتماعان كرّسا لبحث الاستراتيجية الغربية لمحاربة «داعش»، الاجتماع الأول ضمّ الدول الـ60 التي تشارك في الحرب على «داعش» في سورية والعراق، وعلقت صحيفة «واشنطن بوست» على نتائج الاجتماع مؤكدةً أنّ ثمة وحدة موقف داخل الاجتماع حول ما ينبغي عمله في العراق، ولكن مع الأخذ في الاعتبار «أنّ إيران تعتبر شريكاً صامتاً في العراق، ولكنها عدو محتمل في سورية وأماكن أخرى» «بينما تركيا والسعودية حليفتان حاسمتان ولكنهما متقلّبتان وأنانيتان».
أما إزاء سورية فقد ظهر انقسام، وقالت عنها «واشنطن بوست» أنها «المشكلة المحيّرة» «حيث أنّ أعضاء التحالف لديهم أجندات مختلفة، فقادة المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر يطالبون بتنحّي الرئيس بشار الأسد، في حين أنّ الأردن والإمارات العربية المتحدة تشعران بالقلق من إسقاط رأس النظام السوري قبل أن تكون المرحلة الانتقالية جاهزة».
الاجتماع الثاني الذي ضمّ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، حيث كان ثمة موقف موحد من «داعش» في العراق، فإن الوضع كان مختلفاً إزاء سورية، ففي حين أيّدت غالبية دول الاتحاد الأوروبي مبادرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، شككت كل من بريطانيا وفرنسا بالمبادرة وقابلية وضعها موضع التنفيذ، بل أكثر من ذلك حذرت من احتمال أن تستفيد منها الحكومة السورية أكثر من القوى التي تدعمها الحكومات الغربية.
صحيح أنه في هذا الاجتماع لم تبرز أصوات تدعو إلى الحرب على جبهتين، جبهة «داعش» وجبهة الجيش السوري، مثل الأصوات التي عبّرت عنها تركيا في اجتماع التحالف الدولي الذي يضمّ 60 دولة، إلا أنّ مواقف لندن وباريس كانت حاسمة لجهة تعطيل أي إمكانية للتعاون بين التحالف والحكومة السورية لضرب «داعش».
الانقسام داخل دول التحالف، وداخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية التصدي لـ«داعش» في العراق وسورية يسبّب الإرباك الحاصل في الحرب المعلنة على التنظيم وعلى بقية التشكيلات التي تنتمي إلى تنظيم القاعدة، على الرغم من تصاعد القلق من خطر التنظيمات.
وإذا أضيفت إلى هذا الانقسام محدودية تأثير العمليات الجوية، ونجاح تنظيم «داعش» في تحقيق المزيد من المكاسب، ولا سيما في محافظة الأنبار العراقية، فإنه يمكن الاستنتاج بأن لا استراتيجية فاعلة في الحرب على التنظيم، الذي يستفيد بقوة من هذا الإرباك ومن الانقسامات ومن محدودية تأثير الضربات الجوية ليعزز سيطرته أكثر على المناطق التي استولى عليها في العراق وفي سورية، ويتيح له الاستعداد للقيام بأعمال توسّع حيث تكون هناك فرصة سانحة، أو ثغرات في بعض جبهات المواجهة، وإذا ما استمرّ الحال على هذا المنوال، فإنّ الحرب الدائرة ستتحوّل إلى حرب استنزاف للتحالف الدولي يخشى أن تقود إلى تفكك هذا التحالف والانسحاب من المواجهة، على غرار ما حصل في العراق عام 2011، وما قد يحصل في أفغانستان ابتداءً من نهاية هذا العام.
لا يمكن للحرب على «داعش» أن تحقق النجاح ما لم يتوافر واحد من أمرين أو الاثنين معاً: الأمر الأول وحدة صف الدول المشاركة في الائتلاف، وتخطي خلافاتها ومصالحها المتضاربة، والأمر الثاني التعاون مع الجهات الأكثر فعالية، ولا سيما الحكومة السورية والجيش السوري.
إذا لم يحدث ذلك فعبثاً الرهان على نجاح التحالف الدولي في قهر «داعش» والقضاء عليها.