هل يحقق السبسي حلم الشعب التونسي؟
ناديا شحادة
اتعب الماراثون الانتخابي التونسيين غير أن ذلك لم يمنعهم من التوافد للتصويت لرئيسهم المقبل والاختيار بين المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي لاستكمال مشوارهم الديمقراطي، فهذه الانتخابات تمثل الخطوة الأخيرة في انتقال تونس إلى الديمقراطية.
فبعد فوز رئيس حركة «نداء تونس» الباجي قائد السبسي بالرئاسة بحصوله على 55.68 في المئة من أصوات المقترعين بحسب نتائج رسمية أولية أعلنتها اللجنة المستقلة للانتخابات وحصول المرشح الآخر محمد المنصف المرزوقي على 44.32 في المئة من الأصوات احتفل أنصار السبسي بالشوارع تعبيراً عن فرحهم بفوزه. وتوجه رئيس تونس الجديد بالشكر للمرزوقي وقال إن مستقبل تونس يحتاج كل أبنائها من دون إقصاء لأحد أو تفرقة. وتعهد في بيان متلفز أن يكون رئيساً لكل التونسيين. وقدم المرشح الرئاسي المنصف المرزوقي تهانيه لمنافسه بالفوز وطلب الرئيس المنتهية ولايته من أنصاره الكف عن التحريض ونبذ العنف.
وهنأ عدد من رؤساء الدول العربية والغربية رئيس حركة «نداء تونس» بفوزه بالاستحقاق الرئاسي. فأعربت سورية على لسان مصدر رسمي في وزارة الخارجية عن تهانيها لتونس الشقيقة رئيساً وحكومة وشعباً على نجاح استحقاق الانتخابات الرئاسية وعن أملها بأن تشكل هذه الانتخابات خطوة مهمة نحو استعادة تونس دورها الفاعل في خدمة القضايا الوطنية والقومية.
وهنأ الرئيس الأميركي بارك أوباما السبسي بالفوز ووصف في بيان للبيت الأبيض الانتخابات بأنها خطوة مهمة في انتقال تونس الهائل نحو الديمقراطية.
كما أثنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فدريكا موغوريني على الانتخابات ووصفتها بأنها «رسالة أمل لكل المتطلعين لمستقبل أكثر سلاماً وديمقراطية وازدهاراً».
وأثنى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على الشعب التونسي لما أظهره من تصميم وإحساس بالمسؤولية والقدرة على التفاهم.
أما في مصر فقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن نتائج الانتخابات تعكس ثقة الشعب التونسي الغالية بالسبسي.
وفي سياق آخر أمنياً وفور الإعلان عن النتائج الرئاسية وفوز السبسي الذي لم يتقبله أنصار المرزوقي الذين نزل بعضهم إلى الشارع معبرين عن غضبهم وخيبتهم بالنتائج ما أحدث صدامات بينهم وبين قوات الأمن، وسادت حالة من الاحتقان في عدد من المدن في الجنوب التونسي مما جعل الشرطة التونسية تطلق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المئات من المتظاهرين المحتجين. وقام عدد من المحتجين بالاشتباك مع الشرطة في منطقة الحامة في الجنوب حيث يحظى المرزوقي بشعبية واسعة. إلا أن رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي وفي تسجيل صوتي دعا المتظاهرين إلى قبول النتائج، معتبراً أن الثورة التونسية هي الوحيدة التي تمكنت من الوصول إلى انتخابات ديمقراطية. واتصل الغنوشي برئيس الجمهورية المنتخب لتهنئته بالفوز وبالثقة التي وضعها الشعب التونسي فيه، كما تحدث الغنوشي هاتفياً بالرئيس المنتهية ولايته وعبر له عن إكباره ولدوره في إنجاح الخيار الديمقراطي في تونس.
الانتخابات الرئاسية هي أول عملية اختيار شعبي للرئيس التونسي منذ الثورة، وبحسب المراقبين للشأن السياسي فإن البعض يستشرف خيراً بقدوم السبسي إلى الرئاسة كرجل دولة وسياسي محنك ومخضرم وهو الأجدر بتثبيت الاستقرار الذي تنشده البلاد والبعض الآخر يرى فيه الوزير السابق في عهد الراحل بورقيبة ورئيس البرلمان في عهد الرئيس المخلوع بن علي. فهو بنظر خصومه وجهاً آخر من وجوه الثورات المضادة وأحد فلول النظام السابق كما يصفوه.
ولا شك أن الحظ في تونس هذه الأيام كان حليف شخص اسمه محمد الباجي قائد السبسي السياسي المخضرم الذي يجد نفسه دوماً في مواقع متقدمة كلما دفعته الأحداث بعيداً عن عالم السياسة وصخبها، فهل سيحقق حلم الشعب التونسي في الأمن والأمان والاستقرار وتحسين الوضع الاقتصادي وإعادة هيبة الدولة الذي يطمح إليه شعب ثورة الياسمين؟
احتجاجات
وفي سياق آخر، أطلقت الشرطة التونسية القنابل المسيلة للدموع لتفريق المئات من المتظاهرين المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها السبسي.
وقام مئات من المحتجين بالاشتباك مع الشرطة في منطقة الحمام في الجنوب حيث يحظى المرزوقي بشعبية واسعة.
وقالت وزارة الداخلية إن المحتجين احرقوا مركزين للشرطة خلال التظاهرات التي اندلعت مساء الأحد واستمرت يوم الاثنين.
وقال حزب «نداء تونس» الذي ينتمي إليه السبسي إن المحتجين في مدينة تطوان حاولوا إحراق أحد مقار الحزب في المدينة.
وكانت حالة من الاحتقان قد سادت عدداً من المدن في الجنوب التونسي اثر الإعلان عن نتائج الانتخابات وفوز السبسي بالرئاسة.
وأصدر المنصف المرزوقي الرئيس المنتهية ولايته بياناً دعا فيه إلى نبذ العنف والبعد عن جميع أشكال التحريض، في إشارة إلى الاضطرابات التي وقعت أمس في عدة مدن في الجنوب.
ويقول المراقبون إنه سيكون على السبسي محاولة إعادة بناء الاقتصاد التونسي، الذي يكافح من أجل التعافي من الاضطرابات التي أفضت إليها الثورة خلال السنوات الأربع الماضية.
ناديا شحادة