الفنّ التشكيليّ المغربيّ يتعزّز حضوراً وقيمةً وتنوّعاً
كتب رشيد أركيلة الدار البيضاء: بلغت قيمة لوحة الرسام المغربي أحمد الشرقاوي «مريم كازا» عام 2013 5.3 ملايين درهم، في مزاد علني نظمته الشركة المغربية للأعمال والأدوات الفنية في الدار البيضاء. والقيمة نفسها بلغتها لوحة الشرقاوي «طلسم أحمر».
سوق الفن في المغرب بخير. وأكثر انتعاشاً مما يظنه البعض. أرقام قياسية تصاعدية تسجل في كل مزاد علني. وأوردت مجلة «Telquel» المغربية أنه يجب الاعتراف بأن اللوحة الفنية «طلسم أحمر» جميلة بامتياز، وندرة أعمال الشرقاوي تفسير قيمتها.
ذاك المزاد سجّل كذلك أرقاماً قياسية أخرى، بينها لوحة «ميلود الأبيض» بمبلغ 4.1 مليون درهم، كذلك لوحة مائية لمحمد بن علي الرباطي بيعت بمليون درهم.
تحت عنوان «سوق الفن: الفن التجريدي عائداته دائماً ضخمة»، كتبت الصحافية ابتسام بنشنة إن توظيف الأموال في لوحات الغرباوي، الشرقاوي والشباع وقاسمي يذر قيماً مضافة مهمة. أنور خليفي، أمينة رزقي، يونس رحمون، حسن ضرسي… في القيم الصاعدة التي ينصح بها المتخصصون. ومثلما هي الحال في مجال العقار أو البورصة، لا تفوت سوق الفن أيضاً من قانون العرض والطلب. فهي مكوّنة من مضاربين ومستثمرين ومتتبعين بل وحتى صناع السوق الذين يؤثرون في ثمن لوحة ما، صعوداً أو هبواًط.
هم الذين يوجهون سوق هواة المجموعات نحو عمل فني أو آخر أو نحو هذه اللوحة أو تلك. في خضم هذه المعطيات، ما هو الربح الذي يِؤمل جنيه من توظيف المال في عمل فني؟ وعلى أي نوع من اللوحات يمكن أن نراهن راهناً؟
تشهد سوق الفن راهناً شغفاً خاصاً بالأعمال التجريدية للفنانين المغاربة، ويحظى الجيلالي الغرباوي وأحمد الشرقاوي وميلود الأبيض ومحمد قاسمي وعبدالكريم الوزاني وآخرون دوماً بمؤشر جيد في سوق الفن التجريدي. وبحسب عبدالرحمن السعيدي، مدير دار المزاد «ميموآر»: «نلاحظ ابتعاداً تدريجياً عن الطراز المستشرق الذي ساد منذ نحو 15 سنة، وعودة نحو اللوحة المغربية المعاصرة، التي في المتناول أكثر، مادياً وذهنياً». بالتالي، ثمن هذه الأعمال في تصاعد مستمرّ.
الجدير ذكره أن الاهتمام يزداد حين يتعلق الأمر بفنانين متوفين، نظراً إلى أن الإنتاج ينحصر في ما هو متداول في السوق، وبالتالي تصبح اللوحات نادرة ويتضاعف الطلب عليها، فتتضاعف قيمتها.
تطور سريع
تركيبة زيتية على لوحة لميلود الأبيض تعود إلى السبعينات بيعت بـ850 ألف درهم سنة 2011 في حين تم اقتناؤها سنة 2003 بـ50 ألفا فحسب، باعتبارها رائدة في مدرسة الفن التجريدي فأعمال الجيلالي الغرباوي لا تكف قيمتها عن الصعود بنحو 10 في المئة سنوياً. لهذا، فالمحترفون يوصون بالمراهنة على هذه القيمة «المضمونة» ما دام سوق الفن التجريدي هو المسيطر.
أكثر من ذلك، عرضت لوحة زيتية على القماش للفنان نفسه عرضت للبيع في 2011 بلغت 900 ألف درهم، في حين بيع عمل مماثل بيع سنة 2004 بـ150 ألفاً، أي ما يعادل 500 في المئة من قيمتها الأولى خلال سبع سنوات. وفي جلسة بيع بالمزاد نظمتها الشركة المغربية للأعمال والأدوات الفنية في كانون الأول 2011، لوحة زيتية على ورق مقوى لمحمد قاسمي قدرت قيمتها بين 1،3 و1،5 مليون درهم رست على1،8 مليون.
ينصحون المتخصصون بالتوظيف طويل الأمد في الأعمال الفنية للراغبين في الحصول على عائدات مهمة جداً، رغم أنه في العديد من الحالات تتطور الأثمان على نحو سريع جدًا.
من ناحية أخرى، يعمل الرسامون المعاصرون مثل محمد مليحي والمكي إمغارة ومحمد الشباع وفؤاد بلأمين وفريد بلكاهية، على استمرار وتيرة ذاك التطور الذي يعرفه الفن التجريدي المعاصر، ولا تقل أعمالهم قيمة عن أعمال الرسامين الراحلين.
فضلاً عن ذلك، لا يمثل سوق الفن التشكيلي في المغرب فنانون مغاربة فحسب، فالأجانب أيضاً حاضرون، لكن أعمالهم بدأت تعرف شيئاً من الفتور بسبب غياب التجديد في المجال.
المؤكد أن سوق الفن تشهد سيطرة الفنانين الذين يوصفون بالقيم المضمونة، وظهروا فترة بين الخمسينات والسبعينات من القرن الفائت، ويتمّ تداول أعمالهم الموازنات كبيرة، لكن ذلك لا يعني أن الموازنات المتوسطة مقصية، فسوق الفن تعجّ بالرسامين الصاعدين الذين يشقون طريقهم في المشهد الفني المغربي.