بدائل الطاقة في الأردن… النفط: الاحتياجات وصعوبات الاستخراج ٣

أيمن الرمحي

بسبب التطور التكنولوجي، أصبح هناك العديد من مصادر الطاقة البديلة أو الحلول البديلة في الأردن، والتي يمكن استغلالها وتطويرها لتصبح مصادر محلية يمكنها أن تساعد في حلّ مشكلة الطاقة ومنها الطاقة المتجدّدة بأنواعها كالشمس والرياح والنفايات وغيرها، بالإضافة إلى الصخر الزيتي، والذي تشير الدراسات إلى أنّ الأردن يحتوي احتياطيّاً منه هو الرابع في العالم. وللتخفيف من ارتفاع الأسعار وآثاره السلبية على الاقتصاد، يجب البحث في حلول جذرية محلية للحدّ من ارتفاع كلفة الطاقة، والتقليل من الاعتماد شبه الكلّي على الطاقة المستوردة. تقرير ائتلاف المبادرة النيابية – شباط 2014 . وتذكر جمانة غنيمات أنّ مبررات الحكومة بعدم توفر البدائل تبدو ركيكة أمام المعطيات المتوفرة، أهمها أنّ الغاز «الإسرائيلي» لن يصل غداً، بل يحتاج إلى سنوات تمتد حتى العام 2018، تماماً مثل باقي الخيارات الموضوعة على الطاولة، لا بل إنّ لدى الحكومة خياراً أسرع وأقرب إلى التنفيذ من خلال ميناء الغاز الذي سينتهي إنجازه منتصف العام المقبل، والذي يوفر مصدراً للطاقة يصلح لتوفير كامل الاحتياجات من الطاقة، إن تمّ العمل وفقاً لما هو مخطط له، إذ بات يقترب من أن يصبح واقعاً، رغم التأخير في بعض مراحله. وتحضر الطاقة المتجدّدة كخيار قادر على توفير نسبة تصل إلى 10 في المئة من كامل احتياجات الأردن من الطاقة، عدا عن زيادة كميات الإنتاج من غاز الريشة، بقليل من الدعم المالي لشركة البترول الوطنية. جمانة غنيمات – غاز إسرائيل: الحجج واهية – 09-11-2014 .

ويشير الخبير النفطي د. زهير الصادق إلى أنّ احتياجات الأردن من البترول تقدر ما بين 115 و 120 ألف برميل يومياً، وهذا ما يجعل الكلفة التي تقوم الحكومة بتغطيتها عالية جداً، وعليه فإنّ الطريق الأمثل لتخفيض هذه الفاتورة هو قيام الحكومة بعمل جاد في عملية اكتشاف النفط المتواجد في أراضي المملكة، بحسب دراسات عملية ومقارنة قام بها بنفسه. ورقة تقدير موقف أصدرها مركز الفينيق للدراسات المعلوماتية والاقتصادية . ويشير الصادق في الدراسة نفسها، إلى أنّ معدل استهلاك الأردن من الكهرباء حالياً لا يتجاوز 3500 ميجاواط يومياَ. وتسعى وزارة الطاقة والثروة المعدنية للوصول إلى خليط من مصادر الطاقة الأولية عام 2020 بالاعتماد على 40 في المئة من المشتقات النفطية و 29 في المئة من الغاز الطبيعي و 16 في المئة من الصخر الزيتي و 10 في المئة من الطاقة المتجدّدة و 6 في المئة من الطاقة النووية و1 في المئة كهرباء مستوردة، بما نسبته 39 في المئة من المصادر المحلية و61 في المئة من المصادر الخارجية. الرأي 05-09-2012 .

وأصدرت الحكومة في العام 2012 قانون الطاقة المتجدّدة، وترشيد الطاقة، ليفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار والمشاركة الفعالة في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجدّدة. وألزم القانون شركات الكهرباء بشراء كامل الطاقة الكهربائية المولدة من هذه المشروعات، بغضّ النظر عن أولويات التوليد من المحطات الكهربائية، إضافة إلى توفير الأراضي الحكومية بقيمة تأجيرية تشجيعية لإقامة مشروعات الطاقة المتجدّدة. ويسمح هذا القانون للمستهلكين بإنتاج كامل احتياجاتهم من الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر الطاقة المتجدّدة، وربطها بالشبكة الكهربائية، وبيع الفائض إلى شركة الكهرباء المعنية. العرب اليوم 05-01-2013 .

وأكد تقرير ائتلاف المبادرة النيابية في شباط 2014، ضرورة المضيّ قدماً في الربط الكهربائي مع كلّ من العراق والسعودية، لتعزيز أمن التزود بالطاقة الكهربائية.

البديل الأول: النفط

وفي السياق نفسه، أشارت دراسة أعدّها الصادق في حزيران 2012، إلى أنّ سلطة المصادر الطبيعية صنّفت مناطق التنقيب عن النفط في الأردن في الريشة والمرتفعات الشمالية والأزرق وشرق الصفاوي وغرب الصفاوي والسرحان والبحر الميت والجفر. وأعدت شركة «الكورلاب» الأميركية، من جهتها، دراسة على مساحة 1500 كلم2 من منطقة الأزرق التي تبلغ مساحتها 11250 كلم2 لصالح سلطة المصادر الطبيعية عام 1987، أثبتت أنّ منطقة حوض الأزرق قادرة على إنتاج حوالي 430 مليون برميل نفط، يتجمع ما نسبته 10 في المئة، أي 43 مليون برميل، في مكامن نفطية مؤكدة، أي ما قيمته 4 مليارات دولار قياساً بالأسعار العالمية حالياً.

أما كمية المخزون النفطي الموجود في حقل حمزة فهي تتراوح ما بين 15 و22 مليون برميل، في حين أنّ إنتاجه اليومي حالياً هو 20 برميلاً فقط، بسبب عدم صيانة الآبار منذ بدء الإنتاج عام 1988 حيث أنّ مجموع ما أنتج حتى الآن مليون برميل فقط. وأشارت إحدى الدراسات العلمية إلى أنّ إنتاج حقل حمزة في عام 1985 كان يتراوح ما بين 2000 و2500 برميل.

وأشار الصادق إلى أنّ ثلاث شركات هندية قامت بإصلاح آبار حقل حمزة بعملية وصفها بأنها بدائية وبسيطة، ما أدى إلى ارتفاع الإنتاج بنسبة 400 في المئة، علماً أنّ مدة العمل استغرقت بضع أيام. وأكد الخبراء الذين اطلعوا على المعلومات والأعمال التي تمت، إمكانية إنتاج ما مقداره 2000 برميل يومياً من الآبار الحالية وبجهد بسيط جداً، وإمكانية زيادة الإنتاج بحفر آبار جديدة في مواقع يتم اختيارها بشكل دقيق كنتيجة للمسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد الذي تمّ في المنطقة. وهذا العمل لا يحتاج إلى تقنيات مكلفة أو غير موجودة ويمكن لشركة البترول بإمكانياتها الحالية تنفيذه فوراً.

وتوقع ثلاثة من كوادر سلطة المصادر الطبيعية، في تقرير أعدّوه وجود ملياري برميل من النفط الثقيل في منطقة الأزرق على مساحة قدرها 223 كلم2.

يتكون حوض الأزرق الرسوبي من عدة تراكيب جيولوجية، حُفرت فيها عدة آبار، ويعدُّ حقل حمزة الذي اكتشف فيه أصغر التراكيب الجيولوجية، وقد تمّ حفر بئر واحد فقط في تركيب الضاحكية في الأزرق وفي المكان الخطأ، لكنّ هذا التركيب واعد بإنتاج النفط.

أجرت شركة «سونوران» مؤخراً مسحاً جيوفيزيائياً ثلاثي الأبعاد على جزء من مساحة منطقة الأزرق وكانت النتائج إيجابية ولكن لم يتم حفر أي بئر حتى الآن منذ عام 1987، وأشارت نتائج المسح إلى إمكانية انتاج ما يتراوح بين 2000 و3000 برميل بدلاً من 20 برميل يومياً، إذا جرت صيانة الآبار المنتجة في حقل حمزة.

تبلغ مساحة هذه منطقة السرحان حوالي 11600 كلم2 وقد حفر فيها 14 بئراً، وتبين بعد إعادة تفسير الخرائط الجيوفيزيائية ثنائية الأبعاد المعتمدة على هذه المنطقة، وبناء على معلومات الذين كانوا يعملون في الشركة صاحبة الامتياز فإنّ 13 بئراً تمّ حفرها من قبل السلطة في مواقع خاطئة في السرحان وخارج التركيبة الجيولوجية، وبئراً واحدا فقط محفوراً على حافة التركيب وهو بئر وادي سرحان 4 ، الذي أعطى أجود أنواع النفط في العالم النفط الخفيف بكميات قليلة، ولا يزال بدو المنطقة يستغلون نفطه ويستخدمونه فوراً في سياراتهم من دون تصفية.

ويضيف الصادق: تمّ اكتشاف أجود أنواع النفط في العالم في منطقة وادي السرحان والذي يستخدم في صناعة الآلات الدقيقة والصناعات المتقدمة والمتطورة، حيث أنّ هذا النفط من النوع الخفيف بثقل نوعي 43 درجة، كما أنّ نسبة الكبريت فيه قليلة جداً.

يُذكر أنّ المناطق التي حُفرت فيها الآبار الاستكشافية في منطقتي السرحان وادي الأزرق هي وادي راجل ووادي غدف والضاحكية وغيرها، حيث ظهرت شواهد نفطية قوية وخاصة في بئر وادي راجل.

أما بالنسبة إلى منطقة البحر الميت فتبلغ حوالي 3750 كلم2 ، وتتميز هذه المنطقة بوجود النزازات النفطية البقع النفطية التي تتشكل على سطح الأرض ، ووجود المواد العضوية في الصخور المولدة فيها بنسبة عالية تصل إلى أكثر من 10 في المئة، وفق الأبحاث والتحاليل والدراسات التي أجريت عليها.

يُذكر أنّ معظم حقول النفط المنتجة تجارياً في العالم قد اكتشفت عن طريق النزازات، وأمثلة على ذلك: ايران وشمال العراق وفنزويلا والمكسيك وولاية أوكلاهوما الأميركية وغيرها.

صعوبات استخراج النفط

يُعاني قطاع استخراج النفط من صعوبات عدّة، وقد أجمع المشاركون في ندوة نظمتها شعبة هندسة المناجم والتعدين في نقابة المهندسين الأردنيين في آذار 2011، على عدم دقة تقارير الشركات الأجنبية التي عملت على التنقيب عن النفط في الأردن بناءً على معطيات غير علمية، مستشهدين بعدم قيام تلك الشركات بإجراء المسوحات اللازمة لتقدير المخزون النفطي حيث اعتمدت على حفر القليل من الآبار وفي نطاق محدود، الأمر الذي لا يمكنه إعطاء تقديرات دقيقة .

وأكد رئيس مجلس شعبة هندسة المناجم والتعدين في نقابة المهندسين المهندس سمير الشيخ أنّ المشاركين دعوا الحكومة إلى التوجه نحو إنشاء شركة وطنية تأخذ على عاتقها جلاء حقيقة الموقف والعمل على إنجاز الاستكشافات وتقدير المخزون النفطي في المملكة، مؤكدين أنّ الأردن يملك الكفاءات الكفيلة لإنجاح الشركة.

كما أكد تقرير ائتلاف المبادرة النيابية في شباط 2014، بضرورة وضع برنامج وطني للتنقيب عن البترول لتوفير المعلومات اللازمة للمهتمين بالاستثمار في التنقيب عن البترول، بالتوازي مع التنقيب الذاتي عن البترول بالتعاون مع شركة البترول الوطنية.

وفي هذا الإطار، رأى الخبير النفطي مبارك الطهراوي أنّ إمكانيات الأردن النفطية لم تستكشف بشكل صحيح وكامل بعد، والسبب في ذلك يعود أولاً إلى صعوبة التركيب الجيولوجي الأردني، وهذا عامل لا يمكن تغييره، وثانياً إلى ضعف وسوء إدارة ملف الطاقة في الأردن، وعدم تمكن الحكومات المتعاقبة من وضع برنامج واضح ومتكامل للتنقيب، وتمكينه بالدعم المالي والفني اللازم.

ونشير هنا إلى أنّ هناك مشروعاً مقترحاً لبناء خط أنابيب لتصدير النفط العراقي، يتم من خلاله نقل النفط الخام العراقي عبر أراضي المملكة الأردنية إلى مرفأ التصدير على ساحل البحر الأحمر العقبة ، إلا أنّ هذا المشروع، تفوح منه رائحة تطبيع اقتصادي لتزويد الصهاينة بالنفط.

يُذكر أنّه جرى تكرير ما نسبته 49 في المئة من إجمالي استهلاك الأردن من المشتقات في العامين 2012 و 2013، فيما تمّ استيراد النسبة المتبقية كمشتقات جاهزة. تقرير ائتلاف المبادرة النيابية – شباط 2014 .

مهندس

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى