أحدث أهداف «داعش» إقامة «الإمارة الصغيرة» في عرسال

يوسف المصري

ينتهي العام الحالي بعد أيام على تحديات سياسية وأمنية سيكون لها استتباع على مستوى تفاعلها خلال العام الجديد. فقضية الجنود المخطوفين التي كانت خلال الأشهر الأخيرة من عام 2014 بمثابة الفتيل القابل للاشتعال مهدداً بانعكاسات سلبية على الحدّ الأدنى من الاستقرار القائم في البلد، لا تزال من دون تحصين سياسي وبالتالي أمني. فخلية الأزمة التي انبثقت من الحكومة لتقدم ترياق الحل لهذه القضية، صارت أزمة ملحقة بأزمة الجنود المخطوفين.

وهكذا يدخل لبنان عام 2015 وقد ورث عن العام المتأهب للأفول استمرار غياب قدرته على امتلاك خريطة عمل حكومية ووطنية للتعامل مع هذا الملف. في وقت تتعاظم التسريبات المستقاة من مصادر أمنية محلية وخارجية متقاطعة، عن توقع مفاجآت أمنية ذات صلة بملف الجنود المخطوفين وأيضاً بملف مسلحي القلمون الذين تشي تحركاتهم في الآونة الأخيرة، خصوصا على مستوى طريقة تموضعهم واستعداداتهم التنظيمية، بأنهم أعدوا العدة لفتح جبهة شاملة مع لبنان انطلاقاً من حدوده البقاعية مع سورية.

وتحذر هذه المعلومات من أن ملف الجنود المخطوفين، لم يعد منعزلاً في بعض جوانبه الأساسية والمستورة عن سيناريو يهدف إلى أخذ البلد لوقائع فتنة تحاكي الأحداث التي تحركها «إسرائيل» في منطقة القنيطرة وبيت جن في سورية.

وأخطر ما تتوقعه هذه المعلومات أن يقوم الخاطفون في لحظة مفاجئة بعملية انتقاء تمليها حسابات مذهبية لأحد الجنود المخطوفين، وقتله. والهدف من ذلك إحداث ردود فعل مذهبية تنقل مناخ ما يحدث في محافظة القنيطرة إلى مناطق شبعا وحاصبيا.

وعلمت «البناء» أن النائب وليد جنبلاط أوفد مؤخراً الوزير وائل أبو فاعور إلى الجهات الرسمية اللبنانية ذات الشأن، ودعاها إلى ضرورة التحسب من سيناريو إحداث فتنة في منطقة حاصبيا شبعا تكون شرارته حدثاً مفاجئاً ذا صلة بقضية الجنود المخطوفين أو ربما حدثاً آخر.

أما على مستوى مستجدات الوضع في القلمون، وبخاصة في مناطقه المقابلة لمناطق كل من عرسال ورأس بعلبك تحديداً، فإن أحدث المعلومات تؤكد حصول تطورين خطرين:

الأول، حصول اتساع لحصة «داعش» داخل طيف قوى الجماعات العسكرية المتمركزة هناك، وذلك على نحو مضطرد ويتجه لجعل مجمل هذه المنطقة تحت إمرتها. وتؤشر هذه المعلومات أن صورة توزع الجماعات الإرهابية المسلحة في جرود عرسال والقلمون المحاذية للحدود اللبنانية، تبدلت في شكل كبير خلال الأسابيع الماضية. فعند «غزوة عرسال» كان لـ«داعش» النصيب الأقلّ من الحضور العسكري في تلك المنطقة قياساً بعديد «جبهة النصرة» و «الجيش السوري الحر». ولكن مؤخراً عزز «داعش» حضورها عبر استقدام مجموعات جديدة إلى المنطقة بطرق شتى ومن جنسيات مختلفة، وذلك بالتزامن مع خروج مجموعات من «النصرة» لمصلحة انضمامها لـ«داعش»، وتسجيل حالات هروب متتالية من صفوف الجيش الحر إلى مناطق أخرى داخل سورية.

وتؤشر معلومات أمنية متقاطعة إلى أن «داعش» تسير الآن في منطقة القلمون باتجاه تحقيق هدفين اثنين: أ – جعل كامل المنطقة تحت سيطرتها وإبعاد كل الجماعات المسلحة الأخرى عنها. وهي تحقق تقدماً على هذا الصعيد. ب – الاستعداد لفتح معركتين أساسيتين، إحداهما غايتها دخول بلدة عرسال والسيطرة عليها في شكل علني ورفع علم «داعش فيها» بمعنى آخر إنهاء حالة التواجد غير العلني الذي تمارسه الآن «جبهة النصرة» في البلدة، لمصلحة إعلان عرسال بلدة تابعة لـ«الدولة الإسلامية» ويتم في هذا السياق بحسب مصادر مطلة على أجواء جماعات المسلحين في جرود عرسال، تداول مصطلح جديد بين مسلحي «داعش» يفيد بالتأهب لإعلان الإمارة الصغير في بلدة عرسال امتداداً إلى جرودها المفتوحة عليها.

والمعركة الثانية تتمثل بتجريد غزوة بآلاف المقاتلين على بلدة راس بعلبك للسيطرة عليها أيضاً أو أقله لتوجيه صدمة عسكرية للجيش اللبناني ولمواطنين تلك المنطقة وللانتقام لمعركة طرابلس الأخيرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى