صيد الأسماك… ثروة لبنانية مهدورة لعدم اهتمام الدولة

تحقيق: إيمان سلامة

يعاني قطاع صيد الاسماك الذي يشكل ثروة حيوية استراتيجية على طول الشاطئ اللبناني، ويستمد منه المواطن اللبناني غذاءه، وكصيّاد قوت عائلته على مدار السنة، مشاكل كثرت مصاعبها بفعل غياب المعالجة الفورية لها من قبل الدولة. حتى وجود النقابات لم يضمن للصيادين الحد الأدنى من العيش الكريم، عبر ضمان صحي واجتماعي ومعونات مادية تقيهم مرارة العوامل المعيشية القاهرة التي تحول دون مزاولتهم مهنة الصيد في كثير من الأحيان.

فعلى صعيد مدينة صيدا، يعتاش من هذا المصدر نحو 400 صياد، معدّاتهم بدائية الصنع ومراكبهم صغيرة لا تساعدهم في الوصول إلى مسافات بعيدة في البحر والحصول على صيد ثمين.

عقبات ومعاناة

على مرّ السنين، كان ميناء صيدا الذي يحتضن نحو 200 مركب اختلفت أحجامها وأنواعها ملجأ للصيادين ومصدر عيشهم، إلا أن المشكلات البيئية، كوجود بقايا الأوساخ والنفايات على سطح مياهه، كانت تتسبب في معظم الأحيان بتمزيق شباكهم الى جانب سمكة النفيخة التي تؤثر سلباً على عدّة الصيادين تحوي مادة سامة في داخلها ما دفع بوزارة الزراعة إلى إصدار تعميم يمنع نقل هذه السمكة أو عرضها أو بيعها داخل سوق السمك تحت طائلة المسؤولية، فضلاً عن عدم تنظيف حوض الميناء لسنوات، فاقم العقبات أمام إبحار المراكب وسيرها للداخل البحري.

دور النقابة

أما النقابة فكانت بمختلف المراحل تسعى إلى الحصول على مساعدات مالية وطبية في ظل عدم توفر الضمان الاجتماعي والاستشفائي، وعدم قبول أي مصرف بإعطائهم القروض طويلة الأمد، ما يسمح لأصحاب المزادات أسواق السمك بالتحكم بهم لناحية القيمة المادية لمنتوجهم اليومي من الأسماك.

يذكر انه عندما وقعت كوارث طبيعية وتضررت مراكب الصيادين في مراحل مختلفة، ساهمت بلدية صيدا حينذاك في تقديم مساعدة مالية بقيمة عشرة ملايين ليرة لبنانية ودفعت على مراحل، ولكن كل هذه الأموال للأسف لم تصب في خانة خدمة الصياد وتحسين وضعه الاجتماعي، كذلك لقاءات نقابات الصيادين ورؤساء التعاونيات لم تفلح في الوصول إلى حلول مجدية مادياً وإنسانياً.

منافسة

لقد عانى الصياد اللبناني عموماً والصيداوي خصوصاً من المنافسة غير الشريفة عبر استيراد الأسماك المبردة الآتية من مصر والسنغال والخليج وتركيا ودخيلين على هذه المهنة عبر استعمال وسائل غير مشروعة كالتفجير بالديناميت، ما يسبب ضرراً بالثروة السمكية وتجاوزاً قانونياً، في غياب تطبيق القانون الذي يرعى حقوق الصيادين ويحاسب المعتدين على هذه المهنة، إن من ناحية وضع شروط لعملية استيراد الأسماك المبردة والأمكنة المعتمدة لشرائها كي لا تتضارب مع وجود تلك الطازجة المتواجدة في سوق الصيادين وإن لجهة الأدوات والمعدّات التي يجب استعمالها أثناء الصيد.

شروط

لهذه المهنة كغيرها، شروط يجب العمل بها والتزام الممنوع منها، فالمعدّات والأدوات المستعملة في عملية الصيد يجب أن تتضمن الشباك وهي أنواع متعددة يستطيع الصياد الاعتماد على واحدة منها وسنذكر أهمها: شباك الإحاطة، الصنانير والخيطان أنواعه: يدوي، ميكانيكي وثابت، الخيوط والبولص، جرجاة ـ شرحيطة، الخيوط الطويلة غير محددة ، خيوط الصنانير، شباك الغل ـ البشلولة والشرك الإنجرافية، الإنسيابية، التحويقية، المثبة على أوتاد، الشباك المبطنة، السلال والأقفاص. مع الإشارة إلى أن وسع عين الشباك يجب أن يكون أكثر من سنتمترين.

وفي ما يتعلق بشروط المراكب وعملية الصيد، فعلى الصياد ترخيص مركبه بإجازة من قبل وزارة النقل بالتعاون مع وزارة الزراعة، إخضاعه لصيانة دورية لتفادي الأعطال وسط عملية الصيد، وضع إضاءة خافتة على سطح المركب، البعد عن الاصطياد عن الشاطئ 500 متر، البعد عن مصبات الأنهر، الموانئ والبعد عن المنشآت العامة والخاصة.

أما الأدوات والمعدّات الممنوع استعمالها فتتلخص بـ: الشباك العمياء الضيقة التي تسبب ضرراً بالأسماك الصغيرة المتفلتة، الديناميت قاتل بذرة السمك وكل وسيلة من شأنها إلحاق الأذى بالأسماك وكائنات بحرية أخرى، الإضاءة القوية في الليل كاستعمال مولدات الكهرباء ، الصيد على مسافة أقل من 500 متر، استعمال الكومبراسور.

كل هذه الأمور والبنود يجب أن يضعها الصياد نصب عينيه ليحصل على مورد دائم لعائلته، وللحفاظ على ثروتنا السمكية مع مرور الزمن.

مطالب

وللصيادين مطالب أهمها تأمين بيئة صيحة صالحة للمرافئ والموانئ الشواطئ والعمق عبر منع صب المجاري الملوثة لها وتنظيف ما تبقى من مخلفاتها في البحر، تنظيم البيئة، توقيف عملية شفط الرمول الحمراء الذي يتسبب بإقفال المسارات والممرات التي ينطلق منها الصيادون لعرض البحر، ومنع وصول المواد الكيماوية والزيوت المحروقة وغيرها من ملوثات المعامل والمصانع التي تصب على الشواطئ.

واجبات

وفي المقابل، على الصياد واجبات تفرض أن يتقيد بالقانون المتعلق بتنظيم الصيد البحري ولو بصيغته القديمة الموجودة منذ الاستعمار الفرنسي عام 1929 والقيام بالتزاماته المبدئية ستكون عندها حتمية تحديثه ودراسته بشكل جدّي كفيلة بأن يكون لدينا بيئة بحرية تخدم الصياد وتحفظ ثروتنا السمكية في الأيام المقبلة.

بالتعاون مع الوكالة الوطنية للإعلام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى