تضخيم دور حزب الله في سورية والأهداف التفتيتية
عامر التل
كلّما حقق الجيش السوري إنجازات نوعية في الميدان ازداد الحديث عن دور حزب الله في مواجهة الحرب التي تشنّها عصابات إرهابية مموّلة ومدعومة من الـ»سي آي إي» والعدو الصهيوني ومشيخات الخليج والبالون العثماني المنتفخ أردوغان.
يعود التركيز على دور حزب الله في سورية الى بداية الحرب على سورية، فمنذ اليوم الأول للحوادث في درعا خرجت علينا تصريحات تقول إنّ حزب الله والحرس الثوري الايراني يقتلان «المتظاهرين السلميّين»، فكانت الإشارة الأولى إلى أنّ ما يجري في سورية هدفه بثّ الفتنة وتفتيت الوحدة الاجتماعية لأبناء سورية.
توالت بعد ذلك التصريحات، الى أن تحوّل ما يُسمّى بـ»الثورة السلمية» الى مرحلة إسقاط الطائرات واحتلال مناطق في سورية «فجأة تحوّلت من سلمية الى إسقاط طائرات». هنا أصبح التركيز على دور حزب الله في سورية يزداد، وصار يُقال إنّ مقاتلي الحزب هم الذين يديرون المعارك في سورية، وهم الذين يحققون الإنجازات، وفي هذا غباء كبير إذ من المعروف وليس سرّاً أنّ عدد مقاتلي حزب الله هو نحو عشرة العشرة آلاف مقاتل، واذا افترضنا أنّ حزب الله أرسل جميع مقاتليه الى سورية، وهذا مستحيل بالتأكيد، ولو وزعنا هذا العدد على مناطق سورية لوجدنا أنّ هذا العدد لا يكفي لحماية منطقة واحدة من أيّ هجوم من قبل العصابات الإرهابية على أي منطقة سورية.
بلى، حزب الله يشارك بعدد محدود من مجاهديه في سورية من باب الوفاء لسورية التي دعمته ولم تبخل عليه بشيء، على عكس الذين دعمتهم وفتحت لهم أراضيها وعندما دقّت ساعة الوفاء بالمشاركة في التصدي لصهاينة الداخل ذهبوا الى مشغّليهم في الدوحة المتحالفة مع العدو الصهيوني، فيما تشغل أكثر من نصف مساحتها قواعد عسكرية أميركية.
ضُخّم دور حزب الله في سورية، كأنّه يملك الجيش الأحمر أيام الاتحاد السوفياتي السابق، وملايين المقاتلين، مع أنّ الوقائع تنفي صحة ما يذهب إليه البعض من أنّ حزب الله هو الذي يتصدّى لقطعان التكفيريين وعصابات نتنياهو. غير أن الهدف الأساسي من هذه الأحاديث هو بث الفتن وشدّ العصب الطائفي والمذهبي وإظهار الجيش السوري ضعيفاً وغير قادر على خوض المعارك، وأنّ عدد الفارين منه كبير، وأنّ من تبقى يرفض التصدي لهذه القطعان من الإرهابيين.
ينسى هؤلاء أن الجيش السوري بُني على أساس عقائدي، وأنّ سرّ تماسكه هو أنه جيش عقائدي مؤمن بأن العدو الصهيوني هو عدوه الوجودي، ولذلك استهدف منذ اللحظة الأولى للمؤامرة على سورية، فالخطة هي ضرب الجيش السوري الذي يُعتبر صمام الأمان، فيصير بعد ذلك في حال لا يمكن فيها الاعتماد عليه إذا نجحت خطتهم في أن تتسلّم كلّ عصابة إرهابية منطقة ما وتعلنها دولة. وهكذا تتحوّل سورية الى عدة إمارات تحكمها عصابات تستمدّ دعمها وقوتها من أعداء سورية والأمة. وما الطلب الأميركي من العدو الصهيوني الذي نشرته قبل أيام صحيفة «وورلد تريبيون» الأميركية لضرب الجيش السوري لحماية إرهابيين دربتهم «سي إي إي» في الأردن إلاّ دليل على أنّ هذه العصابات مجرّد أدوات في يد أميركا و»إسرائيل» لتدمير سورية وجيشها وشعبها، وما الدعم العربي الذي تقدمه مشيخات الخليج إلاّ بناء على أوامر أميركية وصهيونية.
تصدى حزب الله للعدو الصهيوني وانتصر عليه وأجبره على الانسحاب من جنوب لبنان، مدعوماً من سورية ومعسكر المقاومة، وكانت المرة الأولى تجبر فيها «إسرائيل» على الانسحاب تحت وطأة المقاومة، وبذلك حطم أبطال حزب الله أسطورة الجيش الذي قيل إنه لا يُقهر، فتبيّن أنه يُقهر… بل يُقهر كثيراً.
إنّ أيّ حديث عن أنّ حزب الله هو الذي يدير المعارك في سورية، وأنّ مقاتليه هم المسيطرون على الميدان، يصدر من باب الفتنة الرخيصة والمأجورة التي تنساق مع المشروع الأميركي ـ الصهيوني في تفتيت منطقتنا الى إمارات قائمة على الطائفة والمذهب، بعدما فشلت جميع مخططاتهم في سورية بفعل صمود الجيش السوري وقيادته السياسية والحاضنة الشعبية التي يمثلها الشعب السوري كلّه، بغضّ النظر عن طائفته ومذهبه، وهي سورية والأمة فحسب.
رئيس تحرير موقع شبكة الوحدة الإخبارية في الأردن