جنبلاط يريد جعل 2015 عام توريث تيمور

يوسف المصري

يعتمر النائب وليد جنبلاط قبعة تحاكي تلك القبعات التي كان يعتمرها خواجات جبل لبنان أيام الانتداب العثماني، وذلك خلال جولة سياحية يقوم بها مع زوجته في منطقة الأقصر المصرية الأثرية التاريخية. مقربون منه يقولون إنها هدنة للاسترخاء يمارسها «البك» قبل عودته إلى البلد بعد انتهاء عيد رأس السنة، إذ بانتظاره ورشة تغييرات تستهدف إعادة ترتيب زعامة المختارة والحزب التقدمي الاشتراكي داخل البيئة الدرزية.

ويؤكد هؤلاء أنّ عام 2015 بالنسبة إلى وليد بك، سيكون عام نقل الوراثة السياسية في المختارة إلى نجله تيمور، ولكن بأسلوب الانقلابات البيضاء المتدرّجة. وكان جنبلاط قبل ذهابه إلى الأقصر في مصر، استأذن من متابعيه على «تويتر»، واعداً بالعودة مع العام الجديد.

وليس من دون خلفيات أن يختار جنبلاط مصر لقضاء إجازة عيد رأس السنة فيها، فهذه إشارة من البك إلى القاهرة بأنه يساند مجهودها لدعم السياحة في وجه محاولات الإرهاب ضربه. إضافة إلى رسائل أخرى كثيرة يرغب جنبلاط في هذه الفترة في إيصالها إلى مصر العائدة إلى دورها العربي والإقليمي.

ويبدو أنّ النائب وليد جنبلاط – ودائماً بحسب مصادر قريبة منه – بدا يمهد المسرح السياسي الدرزي لكي يصبح جاهزاً لأن يؤدي نجله تيمور جنبلاط فوقه مشهد الزعيم الجديد للمختارة. وليست حملة الوزير وائل أبو فاعور ضدّ الفساد، في بعض جوانبها الأساسية بعيدة من هذا المعنى. فأبو فاعور داخل الحزب الاشتراكي يعتبر من بيئة الشباب التقدمي الذي كان يترأس منظمته في الحزب، وعليه فإنّ نجاحاته الوزارية تجيّر داخل الحزب لمصلحة تقوية رصيد جيل الشباب الجديد الذي يمثله، وعلى رأسهم تيمور جنبلاط.

ويريد جنبلاط من خلال نموذج أبو فاعور المكافح بجرأة ضدّ الفساد لفت نظر الواقع السياسي اللبناني بعامة، وضمنه الشريحة الدرزية، إلى أهمية دور جيل الشباب الجديد داخل الحزب التقدمي الاشتراكي. ومن خلال ذلك يريد تسليط الضوء على نجله تيمور بوصفه واحداً منهم بل زعيماً لهم.

غير معروف حتى الآن ما هو السيناريو الذي سيعتمده جنبلاط الأب لتنصيب «الأمير الجنبلاطي الثالث»، على رغم وجود كلام يفيد أنه سيحاكي ما فعله النائب سليمان فرنجية الذي قرّر الانسحاب من النيابة ليحل مكانه نجله، ليبدأ الأخير من داخل الندوة البرلمانية مراكمة تجربته السياسية في الزعامة كوريث لآل فرنجية في منطقته.

ينتظر أن يتفرّغ جنبلاط الأب لمزاولة منصب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، أو بالأحرى هندسته من جديد ليكون على قياس تيمور ورفاقه الشباب وعلى رأسهم وائل أبو فاعور.

وتلخص هذه المصادر كلّ هذه الصورة الآنفة بالقول إنّ كلمة سرّ بدء مرحلة تيمور موجودة في صورة الحراك الذي يقوم به الوزير وائل أبو فاعور على جبهة مكافحة الفساد. فجنبلاط الأب، يريد لفت الأنظار إلى وجود جيل شاب إصلاحي في الحزب، ونموذجه أبو فاعور أما زعيمه فهو تيمور.

وتضيف هذه المصادر ان ثمة جيلاً كاملاً داخل الحزب التقدمي الاشتراكي سوف تغرب شمسه خلال عام 2015، لمصلحة جيل شاب من عمر تيمور: أكرم شهيب وغازي العريضي وشريف فياض وآخرون سوف يبتعدون بالتدريج من الضوء، وسوف ينظم لهم البك تكتيكات انسحابهم السلس من الحياة السياسية.

وبالنسبة إلى البك، فإنّ المطلوب قليل من المشاكل الدرزية خلال فترة توريث تيمور وكثير من تكتيكات الاحتواء التي تسبق الإبعاد. وهذا ما يفسّر لماذا جرى حلّ الخلاف بين البك والعريضي على هذا النحو الذي تنطبق عليه مقولة المثل الشعبي: «كفّ الشرّ»، وبشكل أعاد الأمور إلى علاقة معقولة بين الرجلين، وذلك بانتظار ترتيب كلّ البيت الدرزي على قياس تيمور بك.

يبقى القول – بحسب المصادر عينها – إن عملية التوريث داخل المختارة هذه المرة، تجرى في ظروف معقدة، نظراً إلى أنّ كلّ مقولات الثبات السياسي على مستوى زعامات عريقة ودول وبيتوتات سياسية تمود تحتها الأرض، ليس فقط في لبنان بل في المنطقة كلّها. وهذا ما يجعل جنبلاط يسرع وتيرة نقل الزعامة منه إلى تيمور الآن، بل أمس لو أمكن، قبل الغد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى