البحرين: مضاعفات تجاوز الخطوط الحمر
حميدي العبدالله
إلقاء السلطات البحرينية القبض على الأمين العام لحركة الوفاق البحرينية الشيخ علي السلمان يمثل تطوراً خطيراً ستكون له تداعيات تتجاوز حسابات الحكومة البحرينية ومن يساندها، ولا سيما المملكة العربية السعودية.
علي السلمان الذي يتزعم كبرى الجمعيات السياسية البحرينية رجل معتدل، وكان له الفضل الأول في الحفاظ على الخيار السلمي للتحركات الشعبية التي تشهدها البحرين منذ أربع سنوات، وإذا ما استمرت السلطات البحرينية باحتجازه أو حوّلت قرار التوقيف الموقت على ذمة التحقيق إلى توقيف دائم، فإنّ خط الاعتدال سوف ينهار ولن يجد من يدافع عنه.
وإذا حصل مثل هذا التطور فإنّ ما ينتظر البحرين يفوق كلّ ما تتوقعه السلطة وداعموها، سواء كانوا إقليميين أو دوليين، فالشعب البحريني، في غالبيته أبدى الاستعداد لتقديم التضحيات اللازمة للفوز بالحرية والحصول على إصلاحات تقود إلى ولادة حكومة بحرينية منتخبة.
ولكن إذا ما تطوّرت التحركات إلى مواجهة دموية وسقوط العديد من الشهداء يومياً، فليس هناك من هو قادر على الحؤول دون تطور المواجهة وتحوّلها إلى ثورة تشبه تلك الثورة التي أطاحت بالشاه في إيران في عام 1979.
في تلك الحقبة عندما ردّ الشاه على التحركات السلمية بالعنف، تحوّلت التحركات إلى مواجهة بين الشعب وبين أجهزة الدولة العسكرية والأمنية، وعلى الرغم مما كان في حوزة نظام الشاه من أجهزة وما لدى هذه الأجهزة من خبرات وقدرات، وعلى الرغم من الدعم الدولي، ولا سيما الغربي لنظام الشاه، إلا أنّ ذلك لم يحُل دون انتصار الثورة وسقوط النظام، عبر التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الإيراني.
سيناريو تكرار قيام ثورة مماثلة، تتوفر الشروط الموضوعية له في البحرين، فالحكومة معزولة شعبياً، وغالبية ساحقة من سكان البحرين تفوق 80 من أبناء الجزيرة الصغيرة يطالبون بحكومة منتخبة ويرفضون الردّ على مطالبهم المشروعة والسلمية بالنار، ومستعدّون للمضيّ في نضالهم وتصعيد هذا النضال، والارتقاء به إلى أشكال أكثر تأثيراً وأكثر فعالية مهما اشتدّت وتصاعدت القبضة الحديدية وأساليب القمع التي يمارسها النظام، وبديهي أنه سوف ينجم عن هذه المجابهة، دينامية تشبه تلك التي عبّرت عنها الثورة الإيرانية عشية إسقاط نظام الشاه، والتوازنات على مستوى المنطقة تتيح فرصاً أكبر من تلك التي كانت متاحة أمام الشعب الإيراني.
يبدو أنّ السلطات البحرينية بضيق أفق سياستها، ومراهناتها الخاسرة على قوات درع الجزيرة، تسرّع في تكرار سيناريو الثورة الإيرانية عام 1979 في البحرين.