في الذكرى الخمسين لانطلاقة «فتح» والثورة الفلسطينية

بشارة مرهج

في الذكرى الخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة بوجه الاحتلال الصهيوني تخلى مجلس الأمن الدولي مرة أخرى عن واجباته والتزاماته ورفض الموافقة على الطلب الفلسطيني المشروع بإزالة الاحتلال خلال سنتين بعدما تحولت المفاوضات الى مهزلة وبعدما تحولت مساعي اللجنة الرباعية الاتحاد الروسي، الاتحاد الاوروبي، الولايات المتحدة، الامم المتحدة الى طبخة بحص يوقد النيران من تحتها قاتل الأطفال في العراق طوني بلير أمين سر اللجنة العامل لمصلحة القهر والاستيطان.

إن التجربة المريرة التي خاضها الشعب الفلسطيني في الاتكال نسبياً على الانظمة العربية والاسلامية والاجنبية لتحصيل حقوقه غير القابلة للتصرف تلقت نكسة جديدة بعد إلقاء واشنطن بثقلها الى جانب الاحتلال واستنفارها لاصدقائها للنَيل من المطالب الفلسطينية المطروحة والتي سبق للمجتمع الدولي أن أقر بقانونيتها وشرعيتها وأيدها مراراً بقرارات مهمة بقيت حبراً على ورق.

إن واقع الحال، على بؤسه، لا يدعو لليأس اطلاقاً فالموقف الاميركي لا يشكل

مفاجأة وانما هو معروف أصلاً بعجزه عن تجاوز الإملاءات الصهيونية المعروفة، ومعروف بعدائيته العميقة للحق الفلسطيني، ولكن ما يدعو للقلق هو موقف بعض «الدول الاسلامية» التي تنكرت لعهودها والقدس والاقصى واصطفت الى جانب تل أبيب في وقت تبرز مواقف أوروبية إيجابية تجاه الحق الفلسطيني بعدما أيقنت شعوب تلك القارة ومؤسساتها المختلفة أن القهر «الاسرائيلي» للشعب الفلسطيني قد تجاوز كل الحدود، ولم يعد في الإمكان تغطيته او السكوت عليه، وانه حان الوقت لتغيرات مهمة في السياسة الاوروبية لإنصاف الشعب الفلسطيني نسبياً وتأمين مصالحها في المنطقة العربية التي يفتك بها الغلو والتطرف والإرهاب.

إن هذه التطورات الخطيرة التي تضع الشعب الفلسطيني أمام مفترق طرق تحتم عليه الالتزام بخياراته النضالية الأساسية والاستمرار في معركة التحرير بكل تعقيداتها ومشاكلها الوعرة، وتكريس النهج الذي سار عليه جامعاً بين النضال السياسي والأسلوب التي اتبعته غزة والمقاومة اللبنانية في التعامل مع احتلال عنصري يرد على كل مبادرة او موقف بالاغتيال والاستيطان.

وأمام عدو يجاهر برغبته في تهويد الأراضي المحتلة كلها من دون هوادة ويرفض عودة الفلسطينين الى ديارهم ويهيء الأجواء لطرد ما أمكنه ممن يعيشون على أرضهم لا مجال للتراجع تحت الضغوط او الإغراءات عن استكمال المسيرة سواء في الامم المتحدة أو في شوارع القدس والضفة وغزة وصولاً الى كل بقعة من أرض فلسطين المقدسة.

بهذا المنهج تستعيد الثورة التي ألهمت الأجيال في القرن الماضي ألقها وحيويتها وتعيد المنطقة كلها الى الطريق الصحيح بعدما ضل كثيرون الطريق في متاهات الصراع الداخلي.

نائب ووزير سابق

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى