آفاق المعركة القانونية التي تخوضها السلطة ضدّ الكيان الصهيوني

حميدي العبدالله

بعد إخفاق السلطة الفلسطينية في استصدار قرار عبر مجلس الأمن يعترف بالدولة الفلسطينية، ويحدّد أجلاً زمنياً للجلاء الصهيوني عن المناطق الفلسطينية التي احتلت عام 1967، بدأت السلطة معركة قانونية تسعى من خلالها إلى الانضمام إلى هيئات دولية عديدة بينها المحكمة الجنائية الدولية.

ويبدو أنّ أفق هذه المعركة أكثر إيجابية من أفق معركة قرار مجلس الأمن، ففي مجلس الأمن حتى لو استطاعت السلطة الفلسطينية الحصول على دعم 9 دول من الأعضاء فإنّ الفيتو الأميركي كان جاهزاً لإسقاط القرار، والفشل في جمع تسع أصوات أنقذ الإدارة الأميركية من استخدام الفيتو، لكن النتيجة واحدة، أيّ أنّ المسؤولية الأميركية واضحة عن سقوط القرار، سواء جاء هذا السقوط نتيجة للضغوط التي مارستها الولايات المتحدة على الأعضاء غير الدائمين، أو عن طريق استخدام الفيتو.

لكن معركة الانضمام إلى المنظمات والهيئات الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، قد تكون أقلّ صعوبة من معركة مجلس الأمن، وذلك في ضوء بعض الاعتبارات والعوامل أبرزها:

أولاً، بعض الدول الأوروبية كانت تؤيد قرار مجلس الأمن، وهي تسعى إلى ممارسة بعض أشكال الضغط على حكومة نتنياهو للتحلي بالمرونة، لأنّ سياسات حكومة نتنياهو تؤجّج الصراع، وتجعل التسوية السياسية متعذّرة، وبهذا المعنى، فإنّ كثير من الحكومات الأوروبية، الأعضاء في المنظمات والهيئات الدولية قد تمتنع عن التصويت أو تصوّت لصالح انضمام السلطة الفلسطينية إلى هذه الهيئات، ولأنه لا وجود لفيتو في هذه المنظمات والقرارات تتخذ بالغالبية، فإنه من غير المستبعد أن تتمّ الموافقة على طلب الانضمام إلى هذه الهيئات تبعاً لتوازن القوى داخل هذه الهيئات بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية.

ثانياً، قرارات هذه المحاكم غير ملزمة، وهي تشبه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أي أنّ أثرها معنوي وسياسي وأخلاقي، وقد يفرض بعض القيود على تحرّكات المسؤولين الصهاينة المتهمين بارتكاب جرائم، لكن أكثر من ذلك ليس هناك أي آثار أو تداعيات على الصراع.

هذه هي الاعتبارات التي تجعل المعركة مختلفة بعض الشيء، ولكن حتى على هذا الصعيد فإنّ التفاؤل يجب أن يكون حذراً، فجميع هذه الهيئات والمنظمات جرت إعادة بنائها في ظلّ حقبة سيطرة الولايات المتحدة الأحادية على النظام الدولي، بما في ذلك على مجلس الأمن، وبالتالي فإنّ غالبية أعضاء هذه الهيئات، سواء كانوا ممثلين لدول أو بصفتهم الشخصية، هم من حلفاء الولايات المتحدة وبعض شركائها الغربيين، وبهذا المعنى قد تعمد الإدارة الأميركية بالتعاون مع حكومة نتنياهو إلى توظيف تأثيرها على هؤلاء الأعضاء لتعطيل قبول عضوية السلطة الفلسطينية في الهيئات والمنظمات التي تسعى إلى كسب عضويتها وهذا احتمال ما زال قائماً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى